الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • "إينورا شام" ضابطة مخابرات فرنسية تتحدث عن كتابها حول سوريا

  • مستشفى متورط بالتعذيب.. أعرف آليات الحرب في أوكرانيا لقد رأيتها سابقاً في سوريا
"إينورا شام" في سوريا في بداية الحرب في سوريا. cnews.fr

تقرير _ تغطية

إبان نشرها كتابها (عندما يتقدم الظل، مهمة عالية الخطورة في سوريا ) أواخر آذار المنصرم ولاسيما على منصة أمازون، أطلت "إينورا شام" اسم مستعار لضابطة استخبارات فرنسية متقاعدة على عدة وسائل إعلام فرنسية تتحدث عن تجربتها في سوريا كعاملة تحت غطاء الأمم المتحدة متخصصة بجمع المعلومات حول الانتهاكات وجرائم الحرب والتوثيق عموما.

أكثر المقابلات التلفزيونية انتشاراً تلك المنشورة يوم أمس 28 أيار على موقع (allotrends) مع الإعلامي غيوم بلي/Guillaume Pley الذي شارك بعض المقاطع على قناة برنامجه على منصة اليوتيوب حيث استُضيفت "شام".


أشارت "شام" إلى جملة من القضايا المتعلقة بمشاهداتها في سوريا منذ انتدابها عام 2012، منها مشاهدات تتعلق بمستشفى حيث يصل الجرحى من المتظاهرين ليجري تقديم الإسعافات الأولية لهم وتحضيرهم للذهاب إلى جلسات التعذيب والاستجواب في المعتقلات لدى الأفرع الأمنية. لقطة أخرى عن كيفية نجاتهم من كمين لأحد الفصائل الجهادية وكيف جرت المفاوضات معهم، ولقطة أخرى عن اختطاف الأطفال والاتجار بهم، وأخرى وهي تراقب جندياً يحتضر في شاحنة دون أن تستطيع تقديم مساعدة على ما روت.

سنعرج على إطلالة مبكرة نسبياً للضابطة في 8-4-2022، إذ استضافها تلفزيون فرنسا إنفو، فتسألها المذيعة وجه مقارنة بين الحرب في أوكرانيا والحرب في سوريا؟ francetvinfo

تجيب مؤلفة كتاب (عندما يتقدم الظل، مهمة عالية الخطورة في سوريا): " فيما يتعلق بدور المجتمع الدُّوَليّ في معاناة السكان، أجد تأثيراً مشابه مثيراً للقلق". كما أشارت إلى أوجه الشبه حول مصير الجنود.

وأضافت: "لا يسع المرء إلا أن يفكر، مثل الجنود السوريين، أن الجنود الروس هم أيضاً رهائن في بلدهم. يجب أن يكون الأمر مقيتاً بالنسبة للمجندين حتى لا يعرفون سبب وجودهم هناك، أجد تشابهاً من سوريا في هذا الجانب حقا".

في مقابلة أخرى بتاريخ 25-5 قبل أربعة أيام من الآن مع شبكة cnews توضح  ضابطة المخابرات المتقاعدة في ذات السياق حول مسألة الربط بين ما عاشته في سوريا وما يحدث في أوكرانيا؟

تقول "شام" أن فظائع وترتيبات الحرب في أوكرانيا رأتها فعلاً في سوريا. في الأيام الأولى للحرب، كانت الدعاية والأكاذيب والتلاعب مسألة إستراتيجية حقيقية. يحاول كل منهما إظهار أن الآخر هو الشرير المطلق ويسعى إلى كسب ود الرأي العام أو المجتمع الدُّوَليّ، وربما دعمه.

تتابع: " إذا لم نوقف الحرب على الفور، فقد يستغرق الأمر سنوات. السلام لا ينشب وسط الحرب. نحن نأسف للخسائر التي تكبدها الطرفان، وهي خسائر فادحة، ولكن عندما لا نريد الخسائر، فإننا نصنع السلام. في بداية الحرب، اعتقد الجميع أنه مع مزيد من الاحتراب، والمزيد من العنف، سيكونون في أفضل وضع وسيكونون قادرين على التفاوض بشكل أفضل.

وتضيف شام، ما رأيته في سوريا، أتذكر بوضوح تلك اللحظة من معارك حلب ودمشق، حيث قال الطرفان إنها ستنتهي في غضون ثلاثة أيام. ما زلنا هناك بعد عشر سنوات.

تسألها معدة المقابلة تانغي هامون عن عمليات إعدام المدنيين والمقابر الجماعية والاغتصاب كيف تكون جزءاً من الحرب؟ ترى شام أن الحرب هي مجرد كومة من الجرائم. عندما تكون هناك حرب، يجب أن تكون هناك الجرائم. بعد ذلك، بما أننا في مرحلة الدعاية والمشاعر، فمن الصعب للغاية معرفة ما حدث فعلاً. إنني أدرك مدى صعوبة عمل الصحفيين في أوكرانيا كالتي وجدنا أنفسنا فيها في سوريا.

كنا نرى الكثير من الموتى، يجب أن تسأل من قتلهم كيف قتلوا؟ هل كانت بحوزتهم أسلحة، هل نُقلوا إلى حيث هم؟ من الصعب للغاية الإجابة على هذا. أنت تقدم تقارير تُقاس وتعطي حقائق وتطور الاحتمالات بناءً على المعطيات، ولكن ينتهي بها الأمر لتزعج  الجميع.

وتشير شام إلى إشكالية عدم تفهم أصحاب المعاناة مسألة الإدانات المتأخرة موضّحة أن الأمم المتحدة وفرنسا ملتزمان بالحذر الشديد في هذه المسألة، مشيرة إلى  الحروب، في البلقان، العراق والشرق الأوسط، وحجم التدبير والتلاعب، فالدعاية ليست بالضرورة كذبة. هو إظهار المعلومات التي تهمك فقط وتجاهل غيرها، هو جزء لا يتجزأ من الحرب.

"في سوريا أصبحت حربا أهلية ضد الكل"

تشير مؤلفة كتاب "عندما يتقدم الظل، مهمة عالية الخطورة في سوريا"، مع ذلك، إلى اختلافين: " في سوريا، هاجمت الحكومة سكانها وقامت بتصفيتهم، لكن هذا لم يحدث في أوكرانيا".

أمر آخر: طبيعة الحرب،" في سوريا، تحولت إلى حرب أهلية، الجميع ضد الجميع، بعد فترة. في المقابل، في أوكرانيا، اجتمع السكان معاً كرجل واحد لمحاربة الروس" كما توضح "شام".

تفاصيل

أُرسلت الضابطة السابقة في استخبارات الجيش الفرنسي، إينورا شام (ليس اسمها الحقيقي) إلى سوريا في عام 2012، بصفة مراقب لدى الأمم المتحدة. تحدّثت عن إعدامات وتعذيب واحتجاز رهائن ... لقد ذكرت بالتفصيل في كتابها "Quand s'avance l'ombre" (إصدارات Mareuil) المشار له سابقاً والمعروض للبيع في موقع أمازون منذ 31 مارس، رعب ما رأته.

توضح "شام" في مقابلة مع سي نيوز، نشرت في 25 أيار الفائت، مهمة ضابط المخابرات العسكرية، جمع وتحليل واستغلال المعلومات ذات الصلة بمصالح وأمن بلدك. يجب عليك بعد ذلك إرسالها إلى رؤسائك، الذين يذهبون إلى رئيس الدولة، عندما تعمل لمصلحة الأمم المتحدة فأنت تعمل لمصلحة المجتمع الدُّوَليّ.

لم تعمل "شام" في الظل، كما قد يتصور المرء عندما يتحدث عن عملاء المخابرات. حصل العمل في الميدان كان ملاحظ من قبل الجميع. المعارضون، والمؤيدون لبشار الأسد، يعرفون جيداً إلى أين نحن ذاهبون وما نراه. هناك أكوام من الصور التقطناها والتقطت لنا، عدد كبير جداً بالنسبة لهذه المسألة. الشيء الوحيد الذي لم يعرفوه هو الاستنتاجات التي كنا نحملها. كان لا بد من قياسها بشكل معمق، لأن خطر التلاعب بها كان دائما.

وحول مسألة كونهم مراقبون باستمرار تقول شام؟ إنه شعور قمعي. شعرنا بأننا مطاردون. كانت هناك مشاهد مؤلمة يجب الخوض فيها، وأجساد لتصويرها، وكان لدينا دائماً أشخاص يصورونا. كما يحدث في جميع الحروب، يحصل تلاعب من قبل أطراف الصراع. حالما يوجد المجتمع الدُّوَليّ أو الشهود على الساحة، يريد الجميع أن يظهر لهم ما يريدون إظهاره.

وحول طبيعة العمل وخطورته ومقارنته مع العمل تحت غطاء الأمم المتحدة تشرح الضابطة

لا تتعرض عادة بعثة الأمم المتحدة للهجوم، ولا يتم إطلاق النار عليك، ولا يحصل أن توضع العبوات الناسفة (العبوات الناسفة) تحت السيارة ... أقول ذلك، ولكن بالنسبة لمهمة الأمم المتحدة الحالية في الساحل، هم حقاً في خطر أيضا. كل هذا يتوقف على نوع المهمة التي تقوم بها. كانت مهمتنا متطرفة لدرجة أننا جُردنا من التفويض بعد أربعة أشهر.

غلاف الكتاب، Quand s'avance l'ombre

اعتبرت الأمم المتحدة أننا في خطر كبير جدا وأنه سيكون من المستحيل إيقاف مجرى الأمور. إن العنف الموجه ضدنا ومن جميع الجهات، تفاقم بسبب الاتهامات الموجهة لنا بالانحياز لطرف دون الآخر. كانت الصعوبة الأكبر هي ترك الناس وهم يعلمون أنهم سيتعرضون للتعذيب تتابع "شام"

عن مهمتها في جمع الأدلة على عمليات الإعدام والتعذيب والتقاط صور للضحايا والاستماع إلى الشهادات ماذا كان الهدف تجيب شام على سؤال  تانغي هامون في سي نيوز؟

وجدنا أنفسنا في حالة ذهول شديد عندما انتشرنا على الأرض، لم يكن الأمر يتعلق بمراقبة كل ذلك، ولكن مراقبة وقف إطلاق النار. كان علينا أخيراً توثيق الانتهاكات. لقد تطورت مهمتنا من تلقاء نفسها. كنا الوحيدين من أبلغنا عما يمر به السوريون. جمعنا مئات الآلاف من أسماء الأشخاص الذين اختفوا. من المؤكد أنه يمكن استخدامه. نحن بحاجة إلى توثيق الآلية التي يتم وضعها. على سبيل المثال، القاعدة هناك لهذه الأسباب وكذا. الناس لا يريدونهم لأسباب كذا وكذا. نشعر أن الأمور ستسير بشكل سيء لأسباب كذا وكذا ...

عن تفاعلها مع رؤية الجثث والحرب عموماً وكيف كانت تتعامل مع الأمر، تقول شام، يخشى المرء على نفسه إذا وجد نفسه في وسط القتال. هناك اشمئزاز، وهناك تمرد. أي شيء يمكن أن يوقظ العاطفة عند الإنسان في هكذا وضع. كان خياري ألا أترك نفسي تغمرني العاطفة وأن استخدم الجزء المنطقي والتحليلي من عقلي.

لقد طورت بروتوكولات صغيرة وحيلاً لتفتيت المشاعر (التركيز على التفاصيل، انظر إلى الجهاز بدلاً من الجسد عند التقاط صورة له، كما توضح في كتابها.

اقرأ المزيد: التضخم يجبر بريطانيين على الاصطفاف من أجل مساعدات بنوك الطعام

الشيء الثاني هو ألا تكون سلبياً أبدا. لا تعاني أبدا، لأن هذا هو المكان الذي تكون فيه الصدمة شديدة للغاية. اعتقد أنني أبليت بلاء حسنا. بصرف النظر عن بضع مناسبات تركت ذكرى مؤلمة، نادراً ما كنت سلبية.

تختم الضابطة الفرنسية، كانت الصعوبة الأكبر ترك الناس على قيد الحياة (في إشارة لمشهد في المستشفى)، مع العلم أنهم سيتعرضون للتعذيب ويختفون على الفور. تركنا الغرفة وتركناهم. إنه عنف آخر بالكامل. الأشباح التي ترافقنا لهولاء أكثر من الأموات الذين رأيناهم.

 

إعداد وتحرير: وائل سليمان

ليفانت نيوز _ cnewsfrancetvinfo_ متابعات

 

 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!