الوضع المظلم
الأربعاء ٠١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
أطفالٌ يُعذَّبون وبالغون يفقدون الرشد في فرع الخطيب
أنور رسلان

ليفانت- لونا وطفة



بعد ازدياد حالات التهديد الواقع على الشهود أو ذويهم، المتواجدين ضمن مناطق سيطرة النظام في سوريا، والخوف من ارتداد شهاداتهم في محاكمة المتهمين أنور رسلان وإياد الغريب في المحكمة الإقليمية العليا في مدينة كوبلنز الألمانية على ذويهم، من جهة تعرّضهم لمضايقات أو انتهاكات من الأمن السوري، كثرت مطالبات الشهود بحماية معلوماتهم الشخصية وعدم ذكرها أمام الحضور في قاعة المحكمة.



كان هذا حال الشاهد السوري الذي أدلى بشهادته أمام المحكمة بتاريخ 13.01.2021 وطلبت محاميته عدم ذكر معلوماته الشخصية، بسبّب تعرّض أفراد عائلته بالفعل لاعتداء من قبل الأمن السوري دون تحديد نوع هذا الاعتداء، وقد وافقت هيئة القضاة على طلب المحامية.


أثناء التحقيق.. هراوات وصعق بالكهرباء


تحدث الشاهد عن تجربتين له في الاعتقال من قبل فروع أمن الدولة، بما فيها فرع الخطيب موضوع المحاكمة. ففي المرة الأولى تم اعتقال الشاهد من مظاهرة "طيارة" بتاريخ 08.12.2011 في شارع "29 أيار" في دمشق.


اقرأ المزيد: رياض سيف يؤكّد عدم معرفته مسبقاً بالجرائم المنسوبة لأنور رسلان


اقتيد الشاهد إلى فرع الأربعين، وفي الباص الذي نقله وآخرين إلى هذا الفرع، ذكر الشاهد طريقة ضرب العناصر والتركيز على منطقتي الرأس والظهر، وذكر أيضاً كيف جلس أحد العناصر فوقه ليتمكن من ضرب شابٍ لم يتجاوز السابعة عشر من عمره؛ حينها أُجلِسَ في نهاية الباص خلف الشاهد.


قام العنصر بضرب الفتى -كما يعتقد الشاهد- بعصا مغطاة بالمسامير، لأنه سمع العنصر وهو يقول للفتى: "عندما يدخل المسمار في ظهرك أخبرني".


بعد وصولهم إلى فرع الأربعين، تعرّض الشاهد للتعذيب بالصعقات الكهربائية على قدميه، واستمرّ الضرب على الرأس والظهر. حتى في فرع الخطيب الذي نُقل إليه بعد فرع الأربعين كان الضرب مُركَّزاً على هاتين المنطقتين في الجسد، الأمر الذي تسبب للشاهد بفقدان الوعي عدة أيام داخل زنزانة فرع الخطيب والتي يعتقد أن رقمها كان "13".


بعد نقله إلى إدارة المخابرات العامة في منطقة كفرسوسة، حدث تفجير أمن الدولة وهم داخل الزنزانة، وصف الشاهد ردة فعل عناصر الأمن هناك بالعادية وبأنهم اكتفوا بدخولهم إلى الزنزانة مع أسلحتهم، وطلب من المعتقلين البقاء على الأرض لمدة ساعة أو ساعتين، ومن ثم قاموا بإحضار طعام الغداء لهم.


خرج الشاهد من المعتقل بعد حوالي 28 يوماً، ليأتي اعتقاله الثاني مع أصدقاء له بعد عدة أشهر وتحديداً بتاريخ 05.04.2012.


احتجزوا في ممرّ فرع الخطيب.. لجهل العناصر بسبب اعتقالهم


تشابهت تفاصيل تجربة الاعتقال التي رواها الشاهد مع كل ما سبق من شهادات لشهود عاشوا التجربة ذاتها في الفروع الأمنية المذكورة. ولكن ما تفرّدت به شهادته عن غيرها هو ما ذكره عن نقلهم من فرع الأربعين لفرع الخطيب، وعدم معرفة عناصر فرع الخطيب لوضعه ووضع أصدقائه أو أسباب اعتقالهم، ما اضطر العناصر لوضعهم جميعاً في ممرّ داخل الفرع لا يوجد فيه حراسة مشددة، ولم يكونوا معصوبي الأعين أو مقيدين، وكان قد خصّص هذا المكان لمرتبكي المخالفات العسكرية من العناصر أنفسهم، وقضائهم لعقوباتهم المقررة في هذا المكان.


اقرأ المزيد: استماع للشهود في قضية رسلان..ودحض لمزاعمه بعدم وجود التعذيب


اجتمع الشاهد في هذا المكان من فرع الخطيب بعدة عساكر معاقبين، من بينهم كان أحد عناصر فرع الأربعين الذي قاموا باعتقاله في فرع الأربعين، دون أن يتذكره هذا الأخير. لم يُحقَق معهم أثناء وجودهم هناك لعدم معرفة المسؤلين في فرع الخطيب عن سبب وجوده وأصدقائه، واكتفوا بتحقيقات وأسئلة سطحية كسؤالهم لصديقه بعد اقتياده للتحقيق عن الفرق بين الرأسمالية والشيوعية!


معتقلين


أما عن عنصر الأمن من فرع الأربعين، فقد وصف الشاهد لقاءه به بقوله: " كان من المضحك أننا التقينا هنا بأحد الأشخاص الذي اعتقلنا في فرع الأربعين، وقال لي خلال حديثٍ لاحق إنه لا يشعر بالارتياح أثناء ضرب أحد المعتقلين حتى يرى الدماء تخرج منه".


بعد أن همُّوا بالإفراج عن أحد أصدقائه الذين اعتقلوا معه هذه المرة، قام عناصر فرع الخطيب بطلب الأغراض الشخصية الخاصة به من الفرع الذي قام باعتقاله وهنا تبيّن لهم أنه كان فرع الأربعين وبعدها اتّضحت التهم الموجه لهم، فأوقفوا إجراءات إخلاء السبيل ونقلوا الشاهد وأصدقاءه إلى زنزانة جماعية.


حالات هيسترية داخل الزنزانة


بعد التحقيق معه نُقل إلى زنزانة أخرى لا تتجاوز العشرين متر مربع، وُضِع فيها مع ما لا يقل عن 65 معتقل، لدرجة أن الشاهد اضطر للنوم عدة أيام واقفاً على قدمٍ واحدة. هذه الحالة تسبّبت لكثيرين في هذه الزنزانة بفقدان الإدراك والجنون المؤقت. وصف الشاهد حالة أحدهم وكان شاباً في التاسعة عشر من عمره، حين بدأ بالصراخ على الشاهد مُنكراً أنه من كان في الصورة، طالباً من الشاهد النظر إلى الجوال "الوهمي" للتأكد أنه ليس الشخص المقصود.


آخرٌ كان يقود سيارة بالمعتقلين داخل الزنزانة، وينبهّهم لوجود حواجز عسكرية؛ الشاهد نفسه مرَّ بهذه الحالة كما أخبره الآخرون عندما ارتفعت حرارته لأربعين درجة، وبدأ يطرق باب الزنزانة طالباً العودة إلى المنزل؛ هذه الحالة كما قال الشاهد للقضاة كانت شائعة جداً وتستمر مع المعتقل يومين أو ثلاثة، وعندما يعود لرشده لا يتذكر ما الذي حدث معه خلال هذه الأيام.


اقرأ المزيد: رياض سيف يكشف عن تواجد أنور رسلان في وفد المعارضة إلى جنيف2


قصةٌ أخرى رواها الشاهد للقضاة عن طفلٍ أًدخِلَ إلى الزنزانة وهو لم يتجاوز الرابعة عشر من عمره. تعرّض هذا الطفل للتعذيب كل نصف ساعة بطريقة الفلقة. قام الشاهد بتبريد قدمي الطفل في كل مرة أعادوه فيها إلى الزنزانة قبل أن يأتي السجَّان أبو الغضب ويأخذه مرة ثانية. وعندما سأل الشاهدُ الطفل لماذا يعذبونه بهذه الطريقة؟ أجاب بأنه ضرب طاولة المحقق دون قصدٍ منه عندما أدخلوه إلى الفرع. وعن سبب اعتقاله قال الطفل للشاهد أنهم اعتقلوه لأنهم يبحثون عن أخيه فاعتقلوا الطفل كرهينة.


انتهت شهادة الشاهد بعد أن قام القضاة بعرض عدِّة رسومات رسمها الشاهد بنفسه، وقدّمها للشرطة الجنائية الاتحادية سابقاً، تضمّنت مكان وجوده في قبو فرع الخطيب والزنزانات المجاورة له ومكتب المحقق.


مع اقتراب البَتِّ في قضية المتهم إياد الغريب، وإصدار الحكم كما قال القضاة نهاية الشهر الثاني من هذا العام، ستكون بعض الجلسات الآن خاصة فقط بالمتهم الغريب كما يبدو، وهو ما حدث في الجلسة التي تلت هذه الجلسة بتاريخ 14.01.2021، حيث استدعت المحكمة رئيس تحقيق في الشرطة الجنائية الاتحادية للحديث عمَّا وجده في جوال المتهم الغريب عند تفتيش منزله ومصادرة الجوال.


قال الشاهد أنه وجد أربع صور، إحداها كانت البيان العائلي للمتهم بنسخته الأصلية العربية والصورة الثانية لترجمته إلى اللغة الألمانية في سوريا، والصورة الثالثة والرابعة كانتا لبطاقة انتسابه لإدارة المخابرات العامة مع رتبته السابقة كصف ضابط ورقم البطاقة العسكرية.


كان من المفترض أن تستكمل المحاكمة جلساتها بتاريخ 20 و 21 من هذا الشهر، بيد أن الشاهد لم يتمكن من الحضور، ولذا ستكون الجلسات القادمة بتاريخ 27 و 28 من شهر كانون الثاني.


 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!