-
أسباب ارتفاع سوية الفظائع في سوريا بشكل غير مسبوق
2- تحريض هذه الأجهزة للإبداع الفردي الإجرامي المنفلت ومكافأتها عليه، وربطها للارتقاء بالسلم الوظيفي بمقدار القدرة على التفنن في القمع والتعذيب، ثم إطلاقها لنزعة الانتقام الشخصي والتشفي وتمكين الكثيرين من فعل ذلك بشكل طائفي.
3- شيوع الرغبة في إخضاع الآخر وقهره وإذلاله أو إنهائه، بسبب غياب عقد السلم الاجتماعي المدني، واستبداله بدولة السلطنة والمزرعة والشخص والعشيرة والطائفة (دولة الهوية الواحدة التي تُختزل لدولة العصابة المتحللة من كل قيم والمتمحورة حول أمير حرب وزعيم عصابة).
4- غياب وتغييب العدالة الوطنية وكل أنواع المحاسبة، ومنعها عن عمد وإصرار وبتوجيه من أعلى السلطات.
5- ترهيب القيادات العليا للمستويات الدنيا في الأجهزة القمعية واتهامهم بالتقصير ومعاقبتهم بشكل وحشي، في حال لم يتفننوا في ممارسة التعذيب ولم يبدعوا في وسائل العنف ويمعنوا في الوحشية.
6- غياب المعايير والقواعد والأخلاق الناظمة للحرب عن وعي المتقاتلين ومناهج تدريبهم.
7- انتشار الأدبيات والنصوص التراثية والدينية التي تبيح هذا القمع والقتل الوحشي والتي تصور العنف كبطولة، والتي تتباهى بامتلاك السلاح واستخدام العنف وتشويه الجثث والتمثيل بها.
8- استمرار تداول واجترار قصص العنف والوحشية المتبادلة والمتكررة عبر التاريخ بين مكونات المجتمع وتوارثها بدل دفنها.
9- تراكم مشاعر الحقد والكراهية التاريخية، التي تسببت بها حالة الحرب والصراع الطويل الظاهر والمستتر، والتي تناوبت في التاريخ بين اضطهاد واستبداد وتمييز وحروب ومجازر، واستقواء بالأجنبي وخيانة للمجتمع، والتعاون مع المحتل والغازي على هزيمة أبناء الوطن الآخرين.
10- وصولاً للاستبداد العسكري الذي جاء بعد الاستقلال والسمات الطائفية التي حكمت مرحلة حافظ الأسد والعنف الطائفي الذي أطلقه الإخوان المسلمون ضد نظامه، وردة الفعل الهمجية المفرطة التي مارسها النظام، خاصة في حماة وتدمر وفي السجون، ثم التمييز الطائفي المستفزّ الذي استمرّ حتى الثورة.
11- العنف الذي اندلع للعلن بشكله العسكري بين الطرفين بعد الثورة، بعد أن كان يمارس من طرف واحد عنفاً واستبداداً وتشبيحاً على الشعب، مما جعله يكنّ العداء والكراهية للسلطة ولهويتها الطائفية التي كانت بينة بشكل وقح في مفاصل السلطة ومقدرات الدولة، وبشكل خاص الأجهزة الأمنية التي تعتبر هي المسؤول الأول عن القمع والجرائم، والتي لها صفة طائفية سافرة، وأكثرها بشاعة تلك الممارسة من قبل أجهزة الأمن العسكري، بما فيها الجوي، وبدرجة بعدها أجهزة أمن الدولة ثم السياسية، والشرطة والجيش، ولا ننسى منظمات الشبيحة، واللجان الشعبية، ومنظمات ومليشيات طائفية قادمة من الخارج، هذا من جهة النظام.
12- في مقابلها، من جهة المعارضة، داعش التي تحاكي النظام في ممارساته لكن بصيغة دينية، وبدرجة أقل النصرة والتنظيمات الإسلامية السلفية الجهادية، وحتى قوات الجيش الحر التي قلّدت أساليب النظام في التعذيب والإعدام، لكن على نطاق فردي وليس منهجي مؤسساتي.
13- الخلط بين الخيال والواقع.. فالكثير ممن يشاركون في الصراع يمارسونه ببلادة كما اعتادوا على ممارسة ألعاب الحاسوب، الأشخاص بالنسبة إليهم هم مجرد صور وكرتون وليسوا بشراً حقيقيين.. وعدم التمييز هذا بين الخيال والواقع، هو صفة سائدة عند جيل كامل، يعيش حياتين، واحدة افتراضية سهلة ممتعة، حتى لو كانت دموية ومتوحشة، يعيشها على الأجهزة الإلكترونية، وواحدة حقيقية مضجرة لا يعيرها الاهتمام، ولا يكوّن خبراته اعتماداً عليها. كذلك انتشار أفلام العنف لدرجة ولدت الاعتياد وعدم الاستهجان، وغيبت إمكانية التعاطف.
14- عندما يكون الشخص في موقع القيادة بعيداً عن ساحة الأحداث يسهل عليه الخلط بين اللعب على الأجهزة الإلكترونية وبين إدارة السلطة (فالأسد، ومثله من حوله، ولد مدللاً منفصلاً عن الواقع يتحدّى معارضيه وكأنّه يتبارى معهم بلعبة إلكترونية، ويصدر الأوامر بسهولة بكبسة زر، وهو كالكثيرين منفصل جزئياً عن الواقع وغير قادر على تصور أو وعي نتيجة أفعاله ولا الإحساس بضحاياه، فهو بعيد جداً عن ملامسة جرائمه).
15- لكنه عندما زار الأحياء المدمرة أثبت أنّه مجرم فعلي ومختلّ مكتمل الدافع والتصميم، حيث لم يبدِ أي حزن ولا أسف، بل حاول إخفاء جريمته وجثث ضحاياه وسخر منها بطريقة مرعبة، مما يثبت مسؤوليته ويبرر ضرورة إدانته ومعاقبته.
16- طريقة تربية أولاد المسؤولين المعتادة على يد الخدم والسائقين والمرافقين وحرمانهم من خبرة المجتمع والحياة الطبيعية، مما يعطل عندهم نشوء الأنا العليا المراقبة أو الضمير المحاسب، وبالتالي يتسبب في تشوّه شخصيتهم وتهيئتها للتسلّط والعدوان.
17- تدخل عامل أسطوري رمزي يتجلّى باستذكار واستعادة وتجديد (جرائم وحشية ومذابح قديمة) يجري توظيفها في احتفالات طقسيّة كل سنة، وتتجلّى في مظاهر الندب واللطم والتمثيل الدرامي للمجازر، مترافقاً مع منظر الدماء وصرخات الضحايا، والتي لا تنتهي بأي قيمة إنسانية، بل فقط تهدف لتحريض العنف وتشجيع الانتقام والثأر بذات الدرجة التي تقدس بها الضحايا، وتجدد استذكار مأساتهم.
18- الإيمان بالتقمص وبأن قتل النفس سوف يعطيها من فورها فرصة جديدة لحياة أفضل بعد تخليصها من جسدها الذي تتعذب به، فالقتل يصبح عملاً نبيلاً ومقدّساً وطقس عبادة وتخليصاً من الخطيئة.
19- امتزاج هاتين العقيدتين وتحالفهما معاً وتضافر جهودهما في القمع والوحشية ضد عدو مشترك.
20- استخدام العقل النمطي في توزيع الخير والشر على مجموعات بكاملها وتحميلها صفات تاريخية جمعية مشتركة، وتقييمها بشكل عام تقييماً يشملها جماعة، وإلباسها دوراً تاريخياً نمطياً وكأنها شخص واحد، أي الخلط بين الشخص والأمة، محولاً مفهوم الأمة كمجموعة أشخاص متعاونين على تباينهم وتجددهم إلى روح وهوية واحدة ووعي جمعي شمولي مستمر عبر الأشخاص والتاريخ، مما يحملهم معاً المسؤولية السلبية والإيجابية باستمرار وعبر التاريخ (وهو ما يحاكي النازية والعنصرية، والعداء للسامية، وفوبيا الإسلام).
21- ينتج عنه غياب مفعول الفاصل الزمني بين عصر وشخوص مرحلة ما من التاريخ، وبين أجيال أخرى تعيش ظروفاً مختلفة، وتحميلها مسؤولية أفعال أجداد أجدادها.. أي استمرار مبدأ توريث وتخليد الجنايات وأسطرتها بدل دفنها مع شخوصها في أزمانها ومكانها.
22- إمكانية وممارسة التخفي والتستر ووجود غرباء ومجهولي الهوية أو مقنعين يفعلون ما يريدون دون خوف ولا حرج، والابتعاد عن المجتمع والانعزال عنه.
23- مفعول الخوف الرهيب والأسطوري من الطرف الآخر، والذي يجعل من العدو وحشاً أسطورياً يجب القضاء عليه بكل الوسائل، في حالة من الانفعال الهستيري التي يذهب فيها العقل ويسيطر الانفعال الغريزي.
24- انتشار الجنون والعته والتخلّف العقلي الجماعي والفردي وتناول الحبوب المهلوسة والمخدرات.
25- مفعول ظاهرة الاعتياد والتعود المرتبطة بالتكرار اليومي لمدة طويلة لذات الأفعال، مما يحولها لوظيفة تنفذ من دون مشاعر.
26- تدني السوية الاجتماعية والأخلاقية والسلوكية والمادية والثقافية للمقاتلين، بسبب التخلّف الحضاري.
27- تبني نظرية الارتباط بين الإرهاب وبين المسلمين السنة وإسقاط ذلك على الشعب السوري وقوى المعارضة، المعزز والمبرر بتبني بعض قوى المعارضة لأيديولوجيا القاعدة وتقليدها، واستخدامها للرموز الترهيبية المرتبطة بها.
28- استجابة الطرف الآخر وانتقامه الموازي.. وتباريهما أيهما أكثر بشاعة، وتبادلهما الشرعية والشناعة وفنون الجريمة كمسابقة بطولية.
29- غياب المجتمع، وبشكل خاص المرأة، وابتعاد السلطة الاجتماعية الطبيعية عن ساحات المعارك، وغياب النشاط الأدبي والفني الإنساني الذي يعرّي هؤلاء المرتكبين ويفضح هذه الجرائم، بسبب التهجير.
30- ارتفاع درجة الكبت والحرمان وليبيدو العنف المحرض من درجة عالية جداً من الكبت الجنسي والاقتصادي والسياسي والفكري.
واستثمار الثقافة الذكورية وعزل المرأة، في توليد الكبت الجنسي الذاتي واستثماره في العنف السياسي والحربي.
31- الإعلام الذي يغطي ويبرر هذه الجرائم ويتنصّل منها ويسخفها أو يحولها لشيء هزلي.
32- تغاضي رجال الدين وقيادات المجتمع عن إدانة هذه الجرائم.
33- تجاهل الإعلام العالمي أيضاً لها وعدم نقلها والتركيز عليها.
34- عدم وجود تعاطف شعبي مع الضحايا في الدول المجاورة وفي العالم.
35- تعطيل المؤسسات الدولية الحقوقية والجزائية والأمنية.
36- فشل القيادات السياسية والمجتمعية، وفشل إعلام الثورة في تغطية ما يحدث ونقله للرأي العام.
37- تدني احتمال تطبيق العدالة وكثرة الحديث عن حل سياسي وحوار وتسامح مع المجرمين، وصولاً لمحاولة فرض حل توافقي مع المرتكبين عبر مسار جنيف وبمباركة دولية، مما يقدم للمرتكبين الأمن والاطمئنان ويشجعهم على التمادي.
38- تجاهل معاناة الشعب السوري وانخفاض قيمته الإنسانيّة عند المجتمع الدولي الذي لم يبد أي درجة مقبولة من التفاعل مع هكذا فظائع، والذي يستخدم معايير مزدوجة تصل حد العنصرية في تعاطيه مع الأزمات.
39- وجود دول عظمى ونافذة تدعم المرتكبين وتمولهم وتحميهم وتساعدهم على الانتصار وتغطيهم وتقدّم لهم الحصانة ضد العدالة.
40- التطمينات المتكررة التي يتلقاها المرتكبون من قبل كل الزعامات والدول بأن أحداً لن يستخدم القوة ضد المجرمين، وأن الحل السياسي هو الحل الوحيد المسموح به.
41- غياب التوازن في القوة مما يؤدي لغطرسة القوي (النظام وحلفائه) وعنف وانتقام الضعيف بوسائل إرهابية (المعارضة) التي تخوض معارك بلا أمل واضح وقريب.
42- امتناع الوسطاء الدوليين عن توصيف الحوادث بحقيقتها واستخدامهم توصيف ديبلوماسي فاتر، هو بحد ذاته إهانة لكل الضحايا من نمط تصريحات العربي والإبراهيمي وبان كيمون.
43- نظام الأمم المتحدة ومجلس الأمن الذي يسمح لزعيم دولة واحد (ديكتاتور فاسد ومستبد) أن يعطل حقوق ملايين الضحايا ويوقف المنظومة العالمية عن العمل ويهدد السلم والأمن العالميين بشكل سافر في أرجاء مختلفة من العالم. وهو إعطاء حق النقض "الفيتو" لتعطيل القانون والعدالة والنظام في العالم.
44- وجود أوباما كشخص في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية لكونه يشعر بشعور المرتكب الضعيف والفاشل، ولا يشعر بشعور رئيس الدولة العظمى الأقوى في العالم، والمسؤول الأول عن حسن تطبيق نظامه.
ليفانت - كمال اللبواني
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!