الوضع المظلم
الجمعة ٠٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • أزمة الغواصات تتصاعد .. فرنسا تستبعد أستراليا من لائحة شركائها

أزمة الغواصات تتصاعد .. فرنسا تستبعد أستراليا من لائحة شركائها
أزمة الغواصات تتصاعد .. فرنسا تستبعد أستراليا من لائحة شركائها

ما تزال أزمة الغواصات تلقي بثقلها على العلاقات الأسترالية الفرنسية التي دخلت مرحلة جديدة من التوتر بحذف فرنسا، أستراليا، من لائحة شركائها الاستراتيجيين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. منطقة يعدها الرئيس الأمريكي جو بايدن كأولوية جيواستراتيجية قصوى لبلاده،  مع "التحديات المتزايدة" التي يشكلها صعود الصين كمحرك رئيسي "للتركيز الأميركي المكثف" على المنطقة.

وقبل 5 أشهر بدأ التوتر بين البلدين على خلفية إبرام كانبيرا صفقة لشراء غواصات تعمل بالدفع النووي، في إطار تحالف أمني مع الولايات المتحدة وبريطانيا، ما أغضب باريس، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

ولم يكن مستغرباً أن غضب ماكرون بعدما انسحبت أستراليا من صفقة قيمتها 37 ميار دولار "27 مليون جنيه إسترليني" كانت فرنسا ستبني بموجبها 12 غواصة، وأعلنت انضمامها لاتفاقية "أوكوس" في سبتمبر/أيلول الماضي.

اقرأ أيضاً: بعد إغلاق سنتين.. أستراليا تعيد فتح حدودها أمام السياح

خطوة وصفتها باريس، حينها، بأنها طعنة في الظهر، من جانبها انتقدت الصين ما سمتها "عقلية الحرب الباردة" وطالبت الدول الثلاث بالابتعاد عن التحيز الأيديولوجي.

كرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون  لدى مشاركته في قمة غلاسكو للمناخ، خلال نوفمبر من العام الماضي، تصريحات سابقة له بأن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، كذب عليه فيما يتعلق بصفقة الغواصات التي انسحبت منها أستراليا، لتدخل بدلاً منها في اتفاقية دفاعية جديدة مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أطلق عليها اسم "أوكوس".

استراتيجية أمريكا تجاه الهندي والهادئ 

أصدرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، قبل أيام، إستراتيجيتها الرسمية تجاه منطقة المحيطين الهندي والهادي. وحذرت الإستراتيجية من أنه لم يعد يتبقى سوى نافذة ضيقة من الوقت لمنع الصين من تحويل المنطقة الهامة بالنسبة لواشنطن إلى منطقة نفوذ خاصة بها.

ويعد الرئيس بايدن ثالث رئيس أميركي على التوالي يصنف آسيا كأولوية جيوإستراتيجية قصوى لبلاده، وهو النهج الذي بدأ مع إستراتيجية "التوجه نحو آسيا" في عهد الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما، وامتد إلى عهد الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب.

انسحاب مفاجئ على طريقة ترامب.. عرض أميركي يجعل أستراليا تتراجع عن صفقة غواصات فرنسية

وتركز الوثيقة، على "التحديات المتزايدة" التي يشكلها صعود الصين كمحرك رئيسي "للتركيز الأمريكي المكثف" على منطقة المحيطين الهندي والهادي.

واعتبرت الوثيقة أن "الصين تجمع بين قوتها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية في سعيها إلى تحقيق منطقة نفوذ في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وتسعى إلى أن تصبح القوة الأكثر نفوذا في العالم".

في الأعوام الأخيرة، كانت هناك دلائل عديدة على تعاظم قوة الصين ونفوذها في آسيا. وقد استثمرت الولايات المتحدة بشكل كبير أيضاً في شراكات أخرى في المنطقة، مع كل من اليابان وكوريا الجنوبية وتايلندا والفلبين والهند وفيتنام.

اقرأ أيضاً: أستراليا تبدأ رسمياً في تنفيذ صفقة الغواصات مع الولايات المتحدة وبريطانيا

حافظت الولايات المتحدة لمدة 75 سنة على وجود دفاعي قوي وثابت لدعم السلام الإقليمي والأمن في منطقة المحيطين الهادي والهادي.

وتحدد الإستراتيجية الأهداف الخمسة الرئيسية التي تعتزم الولايات المتحدة تحقيقها بالتنسيق مع الحلفاء والمؤسسات الإقليمية: دعم حرية الملاحة والتجارة في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
دعم التنسيق بين دول المنطقة وخارجها، دفع الازدهار الإقليمي، تعزيز الأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادي، بناء قدرة إقليمية على الصمود في وجه التهديدات العابرة للحدود الوطنية.

اتفاقية آكوس

وحدّثت واشنطن خلال العام الماضي تحالفاتها طويلة الأمد، وعززت الشراكات الناشئة، وأقامت روابط مبتكرة فيما بينها لمواجهة التحديات الملحة من المنافسة مع الصين، على رأسها اتفاقية آكوس، وهي تحالف يهدف إلى مواجهة التحديات الأمنية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

واشتق اسم "أوكوس" من بعض الأحرف الأولى التي ترمز اختصاراً لكل من أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

 الاتفاقية  تشمل تبادل معلومات وتقنيات في عدد من المجالات، من بينها الاستخبارات والحوسبة الكمية، فضلاً عن تزويد أستراليا بصواريخ توماهوك كروز.

إلى جانب الغواصات النووية التي سيتم بناؤها في مدينة أديلايد بجنوب أستراليا، حيث ستقوم كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتزويد أستراليا بالاستشارات التكنولوجية اللازمة لإنتاجها.

تعدّ الغواصات النووية بأنها أكثر كفاءة من الغواصات التقليدية - فهي تعمل بهدوء، وتتحرك بسهولة، ورصدها أكثر صعوبة.

ومن المقرر أن تزوّد ثماني غواصات على الأقل بالتكنولوجيا المطلوبة، ويتوقع أن تستغرق العملية وقتاً أطول نظراً لعدم وجود بنية تحتية نووية في أستراليا.

الغواصات لن تزود بأسلحة نووية، ولكن سيتم فقط تشغيلها بمفاعلات نووية.

وسبق أن أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه ستكون هناك فترة مشاورات أولية تستغرق 18 شهراً بين فرق من البلدان الثلاثة لتحديد كيف ستتم العملية، وضمان تماشيها مع تعهدات منع الانتشار النووي.

الأزمة مع فرنسا

استبعاد فرنسا من التحالف الثلاثي أثار غضبها وأطلقت عدة تصريحات سابقة تندد بما فعلته أستراليا واصفة الأمر ب"الخدعة".

حديثاً، حذفت فرنسا، أستراليا، من لائحة شركائها الاستراتيجيين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ونشرت وزارة الخارجية الأمريكية النسخة الأخيرة من "استراتيجية فرنسا لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ"،وورد فيها أن شراكة "أوكوس" أُعلنت في سبتمبر الماضي دون "استشارة مسبقة أو تحذير"، مضيفة أن ذلك "أدى إلى إعادة تقييم الشراكة الاستراتيجية السابقة" مع كانبيرا.

اقرأ أيضاً: بلينكن في باريس لكسر الجليد بعد أزمة الغواصات

وسُلّمت الوثيقة خلال قمة للمحيطين الهندي والهادئ عُقدت في باريس، الثلاثاء 22 فبراير الحالي،  وأكدت أن "فرنسا ستواصل التعاون الثنائي مع أستراليا على أساس كل حالة على حدة". وأشارت إلى استعادة درجة من الثقة مع الولايات المتحدة، ولكن ليس مع أستراليا.

وذكرت "بلومبرغ" أن ماكرون بدأ في تعزيز شراكات جيوسياسية مع قوى أخرى في المنطقة، مثل الهند، بعد الأزمة التي أثارتها صفقة الغواصات، علماً أن 1.6 مليون من مواطني فرنسا يقيمون في أراضيها بمنطقة المحيط الهندي والهادئ.

وسبق أن اتهم ماكرون رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون بخداعه بشأن نياته، على هامش قمة مجموعة العشرين في نوفمبر الماضي وقال للصحفيين: "لديّ الكثير من الاحترام والصداقة لشعبكم، وأقول فقط عندما يكون هناك احترام يجب أن تكون صادقاً، وعليك أن تتصرّف طبقاً لهذه القيمة وبما يتوافق معها". وعندما سُئل هل يعتقد بأن موريسون كذب عليه، أجاب ماكرون: "أنا لا أعتقد، أنا أعلم".

يرى محللون أن السبب الرئيسي لاستبعاد فرنسا، كونها خارج تحالف العيون الخمس، نظراً لأن "أوكوس" سيعمل على تقنيات شديدة الحساسية مرتبطة بالاستخبارات، لا تستطيع واشنطن أن تأتمن عليها سوى أوثق حلفائها في هذا المجال.

تحالف العيون الخمس، وهو ترتيب لتقاسم المعلومات الاستخباراتية بين خمس دول ديمقراطية ناطقة بالإنجليزية هي أمريكا وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، قد طور خلال الحرب الباردة، ليشمل الصناعة والتكنولوجيا العسكرية المتطورة.

ليفانت نيوز_ خاص

إعداد وتحرير: عبير صارم

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!