الوضع المظلم
الجمعة ١٠ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • أرمينيا وأذربيجان على شفى الحرب.. ولأنقرة ثلثا التخطيط والمجهود

أرمينيا وأذربيجان على شفى الحرب.. ولأنقرة ثلثا التخطيط والمجهود
صورة تعبيرية. ليفانت نيوز


أسفرت مواجهات عنيفة بين الجيشين الأذربيجاني والأرميني، اليوم الأحد، في منطقة ناغورنو كاراباخ، عن مقتل مدنيين من الجانبين، تبعاً لما أفاد به مسؤولون أرمنيون، حيث كشف رئيس الوزراء الأرميني الأحكام العرفية والتعبئة العامة، بينما تعهد رئيس أذربيجان بتحقيق النصر على أرمينيا في النزاع.


بدورها، طالبت موسكو الطرفين وقف النار، وذكر النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد الروسي، فلاديمير جباروف، أنّه ينبغي على أطراف النزاع الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وقد بدأت أذربيجان اليوم قصف منطقة ناغورني كاراباخ، وفق ما أفاد الجانب الأرمني، الذي أعلن من جانبه إسقاط مروحيتين عسكريتين وعدد من الطائرات المسيرة التابعة للجيش الأذربيجاني.


أذربيجان تبدأ الهجوم


واتّهمت أرمينيا، اليوم الأحد، جارتها أذربيجان بمهاجمة تجمعات سكنية مدنية في منطقة متنازع عليها، وطالب السكان بالاحتماء بالملاجئ لتفادي خطر الهجمات، وذكرت في ساعة مبكرة من صباح الأحد، أنّ جارتها أذربيجان هاجمت تجمعات سكنية مدنية في منطقة ناغورنو قرة باغ المتنازع عليها، وحثّت السكان هناك على الاحتماء بملاجئ.


 


وأوردت وكالات أنباء روسية عن وزارة الدفاع في أذربيجان قولها، إنّها شنّت عملية عسكرية عند “خط الاتصال”، وهي منطقة ملغومة بشدة وغير مأهولة تفصل بين القوات المدعومة من أرمينيا وقوات أذربيجان في المنطقة، وتابعت الوزارة أنّ طائرة هليكوبتر لأذربيجان جرى إسقاطها، لكن طاقمها نجا.


واستنكرت وزارة الخارجية الأرمينية، “اعتداء القيادة العسكرية السياسية في أذربيجان” وقالت إنّ الجانب الأرميني سيردّ رداً عسكرياً وسياسياً متناسباً، وفي وقت لاحق، ذكر رئيس إقليم ناغورنو قرة باغ، أنّ الإقليم أعلن الأحكام العرفية والتعبئة العامة للذكور عقب اشتعال الصراع بين أذربيجان وأرمينيا.


أنقرة في قلب المواجهة


فيما دخلت تركيا المواجهة فوراً، إذ تعمل منذ حين لإشعال هذه الحرب، فقد زعم نائب الرئيس التركي، فؤاد أوقطاي، أنّ الجانب الأرميني هو من قام بالعدوان على الأراضي الأذربيجانية، وفي تغريدة بموقع تويتر، ادّعى أوقطاي أنّ أرمينيا أظهرت للعالم مجدداً أنّها لا تلتزم بالقوانين والعهود، وتابع أنّ الوقت حان لأن يرى المجتمع الدولي هذه الأمور ويفصل بين الحق والباطل (على حدّ تعبيره).


بدوره، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالين، إنّه يدين ما وصفه بـ”الاعتداء الأرمني” الأخير على أذربيجان، وعبر عن تأييد أنقرة لباكو في ظلّ هذه الظروف، مغرداً عبر “تويتر” بأنّه “يدين بشدة هجوم أرمينيا على أذربيجان”، مردفاً أنّ “أرمينيا بهجومها على المناطق المدنية أخلت مرة أخرى بوقف إطلاق النار، وأظهرت وقوفها ضد الاستقرار والسلام”.


 


وطالب قالين المجتمع الدولي إلى “أنّ يوقف فوراً هذا الاستفزاز الخطير”، زاعماً أنّ “تركيا تقف إلى جانب أذربيجان وتؤكد دعمها الكامل لها”، مع الأخذ بعين الاعتبار بأنّ لتركيا ثلثي الخاطر والتخطيط فيما يجري، إذ يشير مراقبون في سياق ذلك، إلى إرسال أنقرة لمئات المرتزقة من مليشيات “الجيش الوطني السوري” التابع للائتلاف السوري المعارض، بغية القتال في أذربيجان، وهو ما يكشف أن ما يحصل تم بتخطيط تركي بلا أدنى شك، خاصة أنّ ابتعاث المرتزقة السوريين تم قبل المواجهة الأخيرة مع أرمينيا، بنحو عشرة أيام وربما أكثر.


ولعلّ ما يثبت تلك الفرضية، تصريحات رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، الذي قال إنّ “أرمينيا دولة إرهابية لا تهدّد أمن أذربيجان فقط بل المنطقة بأكملها”، مع العلم أنّ تركيا هي التي تختلق المشكلات في إقليمها وليس أرمينيا، وهذا ما أكده سابق الجانب اليوناني أيضاً.


فيما صرّح الناطق باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر جليك، على “تويتر”: “ندين هجوم أرمينيا على أذربيجان بشدة، عارضت أرمينيا ذات مرة ارتكاب استفزاز يتجاهل القانون”، وتابع ادعاءاته بالقول: “إنّ تركيا تقف إلى جانب أذربيجان”، مستكملاً: “أرمينيا تلعب بالنار، وتعرض السلام الإقليمي للخطر”.


ولم يقف سيل التصريحات التركية عند هؤلاء، فقد أصدر وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، تصريحاً هو الآخر، أدان عبره ما أسماها “الهجوم الأرمني”، لافتاً إلى وقوف بلاده إلى جانب أذربيجان في الدفاع عن وحدة أراضيها، معتبراً “موقف أرمينيا العدواني أكبر عقبة أمام السلام والاستقرار في القوقاز”، مطالباً بالرجوع فوراً عن “العدوان”.


ما الحلول أمام أرمينيا؟


وتزعم تركيا وأذربيجان أنّ أرمينيا “تحتلّ” منذ العام 1992، نحو 20 بالمئة من الأراضي الأذربيجانية، التي تضم إقليم “قره باغ” (الذي يتكون من 5 محافظات)، و5 محافظات أخرى غربي البلاد، بجانب أجزاء واسعة من محافظتي “آغدام”، و”فضولي”، (وهو الادعاء الذي تستخدم أنقرة وباكو لتشريع عدوانهما على أرمينيا)، رغم أنّ ناغورنو كاراباخ منطقة عرقية أرمينية داخل أذربيجان، وقد خرجت عن سيطرة الأخيرة منذ نهاية الحرب في العام 1994، وللجانبين وجود عسكري مكثّف على طول منطقة منزوعة السلاح تفصل المنطقة عن بقية أذربيجان.


ومنطقياً، وأمام التحالف الأذربيجاني التركي الساعي وفق ما يجري تداوله في الإعلام الموالي للطرفين، إلى السيطرة على مناطق شاسعة تتمتع بحكم ذاتي في إقليم قره باغ، يبدو أنّ الحل الوحيد الذي يمكن للجانب الأرمني اتخاذه في سبيل الحفاظ على وجود الإقليم وضمان عدم تعرضه لتطهير عرقي كما حصل في مناطق أخرى من العالم دخلته القوات التركية بالقوة العسكرية، كما في عفرين ومناطق أخرى شمال سوريا، متمثلاً في تطبيق “الحيلة القبرصية”.


 


حيث ومع تصاعد التهديد التركي بحق الجزيرة، ونظراً لعدم التكافؤ العسكري بينهما، سارعت الجزيرة إلى تفعيل اتفاقية دفاع مشترك مع الجانب الفرنسي، وضعها عملياً تحت الحماية الفرنسية، لترسل باريس طائرات حربية وفرقاطات للجزيرة، وهو ما كان كافياً للجم أنقرة، ودفعها للتراجع والكف عن تهديد الجزيرة.


وعليه، فإنّ أرمينيا قد تكون مُطالبةً، وعلى وجه السرعة بعقد اتفاقية دفاع مشترك مع الحليف الأقرب إليها وهو في هذه الحالة موسكو، رغم أنّ ذلك متوقف أساساً على الجاهزية الروسية لخوض مواجهة مسلحة للدفاع عن جمهورية صغيرة لكنها تعتبر حليفةً تقليديةً لها، بغية حمايتها من مجازر كالتي لحقت بالأرمن في القرن الماضي.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة 








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!