الوضع المظلم
السبت ٢٧ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
أردوغان يقلب الطاولة على ترامب.. طالباً ودّ بايدن
اردوغان ترامب بايدن


كان قد بات واضحاً أنّ علاقة الود التي تربط ترامب بأردوغان هي علاقة مصالح شخصيّة أكثر من كونها مصالح بين دولتين، وهو ما يمكن الإشارة له من حديث جون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي، الذي أكّد سابقاً، أنّ ترامب انتهج تحقيق مصالحه الشخصية في قراراته عوضاً عن مصالح أمريكا، وهو ما ترجم من خلال الاستقالات المتتالية من حوله، حيث استقال بداية وزير الدفاع، جيم ماتيس، ثم ممثل أمريكا في التحالف الدولي، بريت ماكغورك، ثم توالت الاستقالات ووصلت لجون بولتون، وأخيراً وزير الدفاع بالوكالة، مارك إسبر، وغيرهم. أردوغان 


لكن السنوات الأربعة التي ربطت بين الرجلين انتهت، وولّى معها شهر عسل العلاقة غير المتكافئة بين الجانبين، القائم على تمرير المصالح التركية على حساب المصالح الأمريكية في العديد من ملفات المنطقة، وقد ظهر الاختلاف بين الجانبين بشكل جليّ خلال الشهرين المنصرمين.


ففي أرمنينا وقره باغ


شجب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعوات استئناف الحوار حول منطقة “آرتساخ/ قره باغ”، في بداية أكتوبر الماضي، وادّعى أنّ السبيل الوحيد لوقف القتال هناك هو انسحاب أرمينيا من المنطقة المتنازع عليها مع أذربيجان، إذ بعث انتقاداته إلى روسيا والولايات المتحدة وفرنسا بصفتها مشاركة في مجموعة مينسك الخاصة بقره باغ، التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ملقياً بالمسؤولية على موسكو وواشنطن وباريس، عن تجاهل قضية قره باغ على مدى ثلاثة عقود، زاعماً أنّ محاولات مجموعة مينسك اليوم إيجاد سبل لتهدئة الوضع في المنطقة “غير مقبولة”.


ليردّ عليه وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بالتأكيد على ضرورة عدم تدخل أي قوى خارجية في النزاع المسلح في إقليم قره باغ، بين الجانبين الأذربيجاني والأرمني، وقال بومبيو، في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز”: “تتمثّل وجهة نظرنا في أنّ هذا نزاع طويل الأمد بين البلدين في هذه القطعة من الأرض، ونحن نعارض إعطاءه طابعاً دولياً، نعتقد أنّ على الأطراف الأجنبية البقاء خارجه”.


كما حذّر بومبيو، لاحقاً، تركيا من أنّ إرسال مرتزقة سوريين إلى منطقة النزاع في قره باغ، بالإشارة أنّه سيؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار، وقال بومبيو: “رأينا نقل مقاتلين سوريين من ميادين القتال في سوريا إلى ليبيا، وهذا تسبب بمزيد من عدم الاستقرار والفوضى والنزاع والقتال، وتراجع السلام”، وأضاف: “أعتقد أنّ ذلك سيؤدّي إلى الأمر ذاته في ما يخصّ النزاع في ناغورني قره باغ وحولها”.


الصواريخ الروسيّة تعود للواجهة


كما عاد ملف الصواريخ الروسية التي اشترتها تركيا إلى الواجهة، بعد أن ساهم ترامب خلال فترته في منع معاقبة أنقرة على فعلتها تلك، فقد أعربت وزارة الخارجية الأمريكية، في السابع من أكتوبر، عن “قلق واشنطن العميق” إزاء تقارير تحدّثت عن استعدادات تجريها تركيا لاختبار منظومات الدفاع الصاروخي “إس-400” التي اشترتها من روسيا، وقال متحدّث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الثلاثاء: “إنّنا على علم بورود هذه التقارير، وما زلنا نعارض بشكل قاطع شراء تركيا لمنظومات الصواريخ المضادة للطائرات إس-400، نحن قلقون للغاية بشأن التقارير التي تفيد بأنّ تركيا تواصل جهودها الرامية إلى بدء تشغيل إس-400”.



وفي السادس عشر من أكتوبر، أدانت الولايات المتحدة بشدة تشغيل تركيا منظومات الصواريخ “إس-400” روسية الصنع، محذرة من “تداعيات محتملة وخيمة” لهذا الإجراء التركي بالنسبة للعلاقات الأمنية بين البلدين، وقالت المتحدّثة باسم الخارجية الأمريكية، مورغان اورتاغوس، إنّ الولايات المتحدة أكدت للحكومة التركية على مستويات عالية أنّ شراء أسلحة روسية خاصة، مثل منظومات “إس-400” للدفاع الجوي، أمر غير مقبول، مشددةً على أنّ تشغيل هذه المنظومات من قبل تركيا سيؤدّي إلى “تداعيات محتملة وخيمة” للعلاقات الأمريكية التركية في مجال الأمن.


 


وهو ما ذهبت إليه وزارة الدفاع الأمريكية، حيث قال المتحدّث الرسمي باسم البنتاغون، جوناثان هوفمان: “نرفض شراء تركيا لهذه المنظومات ونشعر بقلق عميق من التقارير حول تشغيلها، لا يجوز إدخالها في الخدمة”، مضيفاً: “هذا الإجراء محفوف بتداعيات وخيمة بالنسبة للعلاقات بيننا في مجال الأمن، لقد تم إبعاد تركيا من برنامج إنتاج مقاتلات F-35، وما تزال منظومات إس-400 حاجزا أمام التقدّم في مجالات أخرى”.


فيما أتى الردّ التركي على لسان أردوغان، الذي أكد أنّ بلاده أجرت بالفعل اختبارات لمنظومة صواريخ “إس-400″، متابعاً: “موقف واشنطن بهذا الخصوص لا يهمنا”، مشدداً أنّ بلاده لن تتخلّى عن منظومات “إس-400” أو دعم أذربيجان رغم تهديدات الولايات المتحدة، زاعماً على أنّ “تركيا ليست دولة قبلية”.


الاعتداءات التركيّة في المتوسط


كما وصل الخلاف بين واشنطن وأنقرة إلى البحر المتوسط، حيث استهجنت الولايات المتحدة، منتصف أكتوبر، إعلان أنقرة استئناف عمليات المسح الزلزالي في شرق البحر المتوسط، متهمة إياها بإذكاء التوترات في المنطقة وتعقيد استئناف المحادثات مع اليونان “عمداً”، وذكرت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مورغان أورتاغوس: “الإكراه والتهديدات والترهيب والنشاط العسكري لن يزيل التوترات في شرق المتوسط، نحثّ تركيا على إنهاء هذا الاستفزاز المحسوب والبدء على الفور في محادثات استكشافية مع اليونان”.


 


كما أبدى وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في السادس عشر من أكتوبر، قلقه من تحرك شمال قبرص التركية، لإعادة فتح منطقة فاروشا، بالقول إنّها “خطوة استفزازية”، وهي منطقة سياحية فاخرة، فيما اعتمد مجلس الأمن الدولي قراراً في 1984 يحمي وضع فاروشا، وينصّ على أنّ المنطقة المهجورة لا يمكن أن يسكنها سوى سكانها الأصليون.


أردوغان ينقلب على ترامب


ومع تيقن أردوغان من هزيمة ترامب، بات يحاول الإيحاء بعدم توافقهم، رغم أنّه استغلّ علاقته الشخصية مع ترامب أيما استغلال، وقد وجّه إليه رسالة شكر، كيف لا وقد سمح له ترامب بغزو مناطق عفرين وشرق الفرات في سوريا، بجانب التحرّش باليونان وقبرص والتدخل بليبيا وأرمينيا عسكرياً، دون أي ردّ فعل حقيقي يذكر، ويبدو أنّ وقت حرق آخر الأوراق قد حان، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال التصريحات التي أطلقت خلال الأيام الأخيرة من الجانبين.


فقد ذكر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في تصريح لصحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، في السادس عشر من نوفمبر الجاري، بأنّ أوروبا والولايات المتحدة بحاجة للعمل معاً لمواجهة تصرفات تركيا الأخيرة في الشرق الأوسط، وقال بومبيو: “نتفق أنا والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على أنّ تصرفات تركيا في الآونة الأخيرة عدوانية للغاية”، مشيراً إلى دعم أنقرة لأذربيجان في صراع ناغورني قره باغ مع أرمينيا وأيضاً التحركات العسكرية في ليبيا والبحر المتوسط.


 


ولعلّ أبزر ملامح القطيعة كانت بإعلان مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأمريكية، بأنّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لم يجد وقتاً لعقد لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الذي يزور تركيا، وهو مدعاة للاستغراب والمفاجئة، إذ كان أردوغان ليترك كل ما لديه من أعمال لو كان بومبيو وزيراً للرئيس المنتخب، أما وأنّه لم يعد كذلك، فيبدو أنّ أردوغان لا يريد أن يزعج بايدن، بل على العكس، بدا وكأنّه يبعث رسالة ودّ إليه بذلك التصرف، كدلالة على إقرار أنقرة بانتصاره، وهزيمة خصمه ترامب. أردوغان 


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!