-
أرامكو السعودية تتجه نحو الابتكار لتحقيق الحياد الكربوني
أبرزت مجلة إيكونوميست البريطانية في تقريرها الأخير الخطوات التي تتخذها السعودية لتحويل شركة أرامكو إلى ركيزة أساسية في تنفيذ مشروع ولي العهد، محمد بن سلمان، الرامي إلى تقليص الاعتماد على البترول.
ولفت التقرير، الذي جاء تحت عنوان "كيف تعتزم أرامكو السعودية الانتصار في ختام مسيرة النفط؟"، إلى الأسس الأساسية لمبادرة محمد بن سلمان الهادفة لوقف الاعتماد على النفط، وتحقيق التنوع الاقتصادي، والتخلص من الكربون في إنتاج الطاقة.
وتشكل أرامكو العمود الفقري لتمويل هذه الرؤية المستقبلية. وفي الثاني من يونيو، أعلنت المملكة عن طرح جزء من أسهم الشركة للبيع في خطوة رآها الكثيرون مؤشراً على جاذبية الرياض للمستثمرين الدوليين، واستقبلت الشركة عروضاً تفوق الأسهم المطروحة خلال ساعات من فتح باب العروض، يوم الأحد، في صفقة غير مسبوقة قد تحقق حتى 13.1 مليار دولار.
وتقدم السعودية للمستثمرين ما يقارب 1.545 مليار سهم، أو 0.64% من أسهم أرامكو، بسعر يتراوح ما بين 26.7 و29 ريالاً للسهم الواحد. وأفاد محللون ومطلعون بأن العملية ستدعم كذلك مساعي الحكومة للتحرر مما أطلق عليه ولي العهد السعودي سابقاً "إدمان النفط".
اقرأ أيضاً: أرامكو توقع عقدين بقيمة 3.3 مليار دولار.. لتطوير مرافق الغاز
تأتي هذه الخطوة بعد الطرح العام الأولي الضخم الذي بلغت قيمته 30 مليار دولار في عام 2019، وتنبأت إيكونوميست بأن جزءاً من الأموال سيعود مجدداً إلى صندوق الاستثمارات العامة. وتنوه المجلة إلى أن الشركة تطمح لتغيير هويتها بما يتوافق مع الخطة الملكية.
ويذكر أحمد الخويطر، رئيس قسم التكنولوجيا والابتكار في أرامكو: "نسعى لجعل مصادر الطاقة لدينا في متناول الجميع ومستدامة إلى أقصى حد"، ويتطلب تحقيق هذا الغرض خطة متعددة الأبعاد: يتمثل عنصرها الأول في زيادة إنتاج النفط، مع الحرص على استخلاصه بأساليب أكثر نظافة من ذي قبل.
ويؤكد الخويطر على التزام الشركة بالحفاظ على انبعاثاتها ضمن الحدود المسموح بها، وتستعين بأنظمة متقدمة وتقنيات حفر ذكية لخفض الكربون المنبعث خلال عملياتها. وتعهدت بتحقيق صفر انبعاثات غازات دفيئة بحلول 2050.
وكانت أرامكو من بين الموقعين على اتفاقية في مؤتمر المناخ الذي انعقد بالإمارات في ديسمبر الماضي، والتي تهدف إلى الوصول للحياد الكربوني بحلول 2050 أو قبله، وتقليل انبعاثات غاز الميثان إلى مستويات تقترب من الصفر بحلول 2030.
وتتخذ أرامكو خطوات حازمة بشأن غاز الميثان، وتعهدت بتقليص انبعاثاته إلى مستويات تكاد تكون معدومة بحلول 2030. وتشمل الدعامة الثانية لخطة أرامكو توسيع مجموعتها من الهيدروكربونات لتقليل الاعتماد على النفط، الذي كان يسيطر على إنتاجها وصادراتها تاريخياً.
ومن بين مجالات التنويع المستهدفة الغاز الطبيعي. تخطط أرامكو لرفع إنتاج الغاز إلى 165 مليار متر مكعب سنوياً بحلول 2030، بزيادة عن 110 مليارات في 2022. ومن الممكن أن يحل هذا الغاز محل النفط في توليد الكهرباء داخلياً.
وتسعى الشركة أيضاً لتعزيز إنتاج البتروكيماويات، والتي من المتوقع أن تجذب استثمارات سعودية إضافية تصل إلى 100 مليار دولار خلال هذا العقد، وتنوي الشركة تخصيص مليون برميل من نفطها لإنتاج هذه المواد.
ويناقش التقرير الدعامة الثالثة للخطة الرئيسية لأرامكو، وهي مبادرات إزالة الكربون. حولت الشركة نشاطها لتصبح من أبرز المستثمرين في قطاع الطاقة البيئية، حيث يُخصص عُشر الإنفاق الرأسمالي، أو ما يُقدر بـ 4 إلى 5 مليارات دولار سنوياً، وسُدس ميزانية البحث والتطوير، أو 540 مليون دولار إضافية، للاستثمارات البديلة للهيدروكربونات.
وفي العام الماضي، تعلقت خُمس براءات الاختراع التي حصلت عليها أرامكو في الولايات المتحدة، والتي تجاوزت الألف براءة، بمشاريع إزالة الكربون والتقنيات الرقمية.
وتطمح الشركة للمساهمة بشكل أكبر في مجال الطاقة المتجددة. ووفقاً لتقديرات شركة "ريستاد إنيرجي" للأبحاث، تخطط أرامكو لتطوير قدراتها في توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتصل إلى 12 غيغاواط بحلول عام 2030، بعد أن كانت شبه معدومة قبل سنوات قليلة.
وبفضل حرارة الشمس الصحراوية الشديدة، وفي بعض المناطق، الرياح القوية ليلاً، يُمكن لمشاريع الطاقة المتجددة السعودية أن تنطلق بتكاليف منخفضة.
وتهدف المملكة لتحقيق التوازن المثالي في مزيج الطاقة لإنتاج الكهرباء بنسبة تقارب 50% للغاز الطبيعي و50% للطاقة المتجددة بحلول 2030، مما سيساعد في استبدال ما يصل إلى مليون برميل مكافئ من الوقود السائل المُستخدم حالياً، وفقاً لتقرير سابق لوكالة الأنباء السعودية (واس).
ومنذ عام 2022، تم ربط مشاريع طاقة متجددة بسعة 2100 ميغاواط بالشبكة الكهربائية الوطنية، لتصل السعة الإجمالية لمصادر الطاقة المتجددة المُستخدمة إلى 2800 ميغاواط، وهو ما يكفي لتزويد أكثر من 520 ألف منزل بالطاقة الكهربائية، حسب الوكالة.
ويُمكن لهذه الطاقة النظيفة أن تُستخدم في إنتاج الهيدروجين النقي، الذي يُمكن أن يحل محل الهيدروكربونات كمخزن للطاقة وفي بعض العمليات الصناعية مثل صناعة الصلب.
وتسعى أرامكو لتصدر الشركات العالمية في مجال الهيدروجين "الأزرق"، المُستخلص من الغاز الطبيعي ولكن بطريقة تحول دون وصول الكربون الناتج إلى الغلاف الجوي.
ويُشير كريستيان مالك، من بنك جيه بي مورغان تشيس، إلى أن العديد من مبادرات أرامكو لإزالة الكربون مُصممة لضمان استمرار العالم في استخدام منتجاتها. ويُضيف أن الهدف يشمل أيضاً جعل هذه المنتجات أكثر توافقاً مع البيئة.
ليفانت-وكالات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!