الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٧ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
أرادوا إسقاط
خالد الجاسر

من ذعر لخوف لإعدامات بلا طائل، تُظهر ارتباك نظام الخُميني الذي يحكم منذ عام 1989، كل يوم أكثر مما قبلهُ، فاقداً أهليته لا سيما ما يتعلق بالمرأة واحترام حقوق الإنسان بشكل عام. إذ فقد وهو في موقع دفاع عن أركان نظامه المُعدم كُل شيء، فلجأوا إلى التهديد والترهيب والاعتقال والاغتيال حتى إراقة الدماء للمُحتجين وغير المُحتجين، ليكون الآتي جحيماً بلا شك كما وصفتها افتتاحية صحيفة «كيهان» المتشددة منبهةً إلى أن: غداة سقوط الجمهورية الإسلامية ستصبح إيران جحيماً فيما لو وصلت هذه الجماعة إلى السلطة، بشعار الحجاب الاختياري، فإنها ستتبع في النهاية «السفور القسري».

فما سمعناه بمؤتمر بغداد الثاني هو النسخة الحقيقية لنظام الملالي الذي يقول الشيء وعكسه، لكن إثباتاً للواقع النضالي للشعب، ومصداقاً لخطاب وزير الخارجية الإيراني، عبد اللهيان، في مؤتمر الأردن الذى نّمَ عن ارتباك داخلي للنظام الإيراني وأعوانه، ورضوخه أمام قوة وتطور حركة الاحتجاجات كحالة تمرد اجتماعي، أظهر مرونة تجاهها، بعد تخفيف قيود الحجاب، وموقف السيدة زهرا رهنورد سجينة الإقامة الجبرية مع زوجها زعيم الحركة الخضراء مير حسين موسوي ضد النظام: «احترموا الشباب، لا تقتلوا أبناء الشعب، واسمعوا أصواتهم، الاحتجاج حق الشعب، أطلقوا سراح الطلاب السجناء وأوقفوا التهديد وتعليق الدراسة وطرد الطلاب». حيثُ أعلنت «هيومن رايتس واتش» عن اعتقال أكثر من 8000 شخص من المتظاهرين وعائلاتهم، وعدد القتلى ممن سقط برصاص الباسيج بلغ مع بداية ديسمبر 237، بينهم أطفال ونساء. 

إذاً إيران بطبعها تقول الشيء ونقيضه، حتى إن تكتل التيار الإصلاحي القريب من الرئيس الأسبق محمد خاتمي إلى إجراء استفتاء شعبي للخروج من أزمة الاحتجاجات، حتى اقتنعت طهران بأن الكذب جزء من الدبلوماسية منذ بداية ثورة آية الله الخميني، وعكس من سبقها من احتجاجات استطاع النظام إخمادها في 2009، و2017، و2019، وذلك من خلال القمع والعنف التي كشفت حالة الفوضى في منظومة الحكم المعقدة في إيران بين المحافظين والإصلاحيين، بعد احتلال للأرض والشعب على مدار أكثر من أربعة عقود، كانت شرارتها (مهسا أميني)، فتاة راحت جراء عقول فاسدة أدت إلى تمرد عقائدي كانت مكبوتة لسنوات، ليفقد النظام هيبته وتوازنه، راضخاً لبعض من الإصلاحات كإلغاء شرطة الأخلاق، وبعض من قيود الحجاب، لكن لم تُرضِ الشعب المقهور، ليُقابلهُ بالعنف والقتل والإعدامات ناهيكم عن التعذيب بُكل وسائله، لكن رغم من ذلك سقطت العمائم في الشوارع وكل مكان لتفقد هيبتها.

إن النظام يعلم كارثية نهاية الأمور عليه وهي بلا شك كارثية أكثر عمقاً، شعارها سقوط نظام الولي الفقيه، وتحذير النخب جميعها من مآلات التحول في البنية المجتمعية بإيران، والآن يبكي ندماً نظام الملالي مُكابراً، يريد استعادة المفقود، والحوار مع الجيران اللذين لم يسلموا من أذاها وإرهابها، وأميركا والغرب عدوتا الروس والصينيين، فقد جرده الشعب "الآبي" من أعز ما يملك سطوته وجبروته وشرعيته التي سوف لا تعود لقائد تدمير الأرض الإيرانية والمنطقة.

 

ليفانت - خالد الجاسر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!