الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
أبعد من إغتيال فؤاد شكر واسماعيل هنية
د. محمد الموسوي

لم يمضي طويلا على مسح قنصلية النظام الإيراني في دمشق من الوجود وما سبقها من اعتداءات ماسة بسيادة وكرامة نظام الملالي وهو أمر اعتاد عليه هذا النظام كفريضة عليه في سبيل الاحتفاظ بسلطانه وامتيازات أفراده، ولما كان الرد على مسح القنصلية من الوجود كان بتنسيق مسبق بمجموعة من المفرقعات سقط بعضها في الطريق والبعض الآخر في الأردن ووصل القليل منها إلى فلسطين المحتلة ولم تُحدِث شيئاً.. ولا حتى ردة فعل عسكرية من سلطات الاحتلال في فلسطين.

بفضل ملالي طهران ومخططاتهم بالتواطؤ مع الغرب لم يبقى في غزة شيئاً ماثلاً للوجود سوى أطلال شاخصة ومقابر جماعية عامرة وأبرياء نال منهم زمهرير الشتاء وحريق الصيف، وجوعاً يفتك بأمعاء وكرامة أولئك المستضعفين ضحايا مغامرات سلاطين طهران.. وكما قالها كمال خرازي وزير خارجية الملالي الأسبق المعروف بشوفينيته في بداية مغامرة طوفان الأقصى" وماذا لو ضحى الفلسطينيون إنهم معتادون على التضحية".. بمعنى أنه وماذا إذا ضحوا من أجل رضاه هو وسلطانه الولي الفقيه.. ولم يضحي الفلسطينيين في غزة من أجل رضاه فحسب بل خسروا غزة كلها وتشردوا وخسروا شبابهم وقادتهم وأطفالهم ونسائهم حتى مستقبل يجبر كسرهم لم يعد هناك أملٌ فيه على ضوء هذه الكوارث، وما مقبلةٌ عليه غزة أمرٌ دُبِر في الليل وفوق التصورات والملالي جزءا هاما من هذا التدبير، ولا أظن أن النظام العالمي الذي يدير الموقف لحاجة في نفسه مستعدا لقبول نتائج تكون لغير صالحهم وخارج إطار مخططاتهم بعد كل هذه الفضائح والتضحيات الجسام.

أخر ضحايا وقرابين علي خامنئي من غزة كان إسماعيل هنية زعيم حماس الذي قُتِل في محل إقامته بطهران كضيف حضر ليبارك تعيين بزشكيان رئيساً لجمهورية خامنئي، ولا نعلم أي جمهورية هذه التي لا تستطيع حماية شخص كإسماعيل هنية وهي التي اعتادت على حمايته وتمويله وتسليحه ودأب هو على تنفيذ مغامراتها.. أم انتهت مهمة هنية ووقع الملالي على قائد جديد لحماس يحكم أطلال غزة.. أم أن الموقف يتطلب التضحية به كما تمت التضحية بعماد مغنية عام 2008 في دمشق بمعلومات استخبارية وهي نفس الطريقة التي تمت تصفية إسماعيل هنية بها بهذه الدقة وهذه السرعة مع بقاء موقف نظام خامنئي يكتنفه الغموض أو دون وضوح تام علما بأن عملية اغتيال هنية كانت انتهاكاً للسيادة وتمت بتنسيق أمني استخباري على الأرض في إيران ليس الجديد من نوعه فقد سبق أن أُدين قادة بحرس الملالي بالتجسس لحساب الصهاينة وتسليمهم لأرشيف المشروع النووي وقتل علماء ذرة إيرانيين.

إن اغتيال رجلين من رجال علي خامنئي في يومين متتاليين الأول في بيروت والثاني في عقر دار علي خامنئي أمراً يقلب صفحات العار ويعيد إثارة الفضائح والعديد من التساؤلات منها.. من شارك في حادثة إختفاء السيد موسى الصدر بعد زيارة ليبيا وأبقى الغموض مكتنفاً لذلك الحادث رُغم العلاقة المتينة بين النظامين الليبي والإيراني في حينها وقد كان السيد موسى الصدر مواطناً لبنانياً وإيرانياً أيضاً؟؟؟ من قتل محمد باقر الصدر في العراق في ثمانينيات القرن الميلادي الماضي؟؟؟ من قتل محمد صادق الصدر في العراق في تسعينيات القرن الميلادي الماضي؟؟؟ من قتل محمد باقر الحكيم في النجف بالعراق ومن تستر على ذلك؟؟؟ كيف قُتِل عماد مغنية؟؟؟ كيف قُتِل سليماني؟؟؟ كيف مُسِحت القنصلية الإيرانية من الوجود في دمشق ثم تظهر بناية القنصلية الجديدة على الفور كأنه أمرٌ مرتب له؟؟؟ من فجر الأماكن الدينية المقدسة في العراق وإيران؟؟؟ كيف قًتِل إبراهيم رئيسي هو ومن معه وهو رجل خامنئي ووسيلته القمعية لمواجهة الرفض الشعبي للنظام؟؟؟ ورغم ذلك لم يشفع لرئيسي تاريخه الدموي في قمع وإبادة الشعب الإيراني وقواه الحرة فقتلوه وتخلصوا منه للتخلص من الملاحقات الدولية له بسبب ارتكابه مجازر إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بحق سجناء سياسيين وخصوم رأي أعضاء في منظمة مجاهدي خلق التي تلاحق الملالي قضائياً.. وهنا نتساءل أيضاً: من قتل إسماعيل هنية وكيف قتلوه؟؟؟

أثبتت الأيام والتجارب بأن هذا النمر الورقي المعتلي عرش السلطان في طهران لا يُصبحُ نمراً مفترساً إلا عندما يتعلق الأمر بالدول العربية، وبالطبع بمباركة غربية ليستمر دور الشرطي قائماً منذ عهد الشاه إلى يومنا هذا لترويض المنطقة بما تتطلبه مخططات النظام العالمي الذي يحرص نظام الملالي على أن يكون جزءاً منه حتى ولو على هامشه مهما كانت الضريبة.. ولن يكترث ويكتفي النظام العالمي بهذه المهازل والصفقات المفضوحة مع ملالي طهران.. بالمقابل لن يستحي نظام الملالي وبيادقه من عارهم وما يفعلون لطالما يضمن لهم ذلك البقاء في السلطة.. والكل مشاريع شهادة المهم بقاء السلطان ولي الفقيه على عرش الجماجم في إيران والعراق ولبنان واليمن وسوريا وغزة وعموم المنطقة.

إن إغتيال فؤاد شكر في بيروت، وإسماعيل هنية في طهران في يومين متتاليين أمراً يخبئ ورائه سراً كبيراً لن يصعب التكهن به خلال الأيام القريبة المقبلة.

خلاصة القول إن الإجابة على كل هذه التساؤلات هي التعريف الحقيقي لنظام ولاية الفقيه وطبيعته ودعوة صادقة إلى المهادنين مع نظام طهران واللاهثين ورائه بأن يعودوا إلى رشدهم إن أبرياء مما اقترفه ويقترفه نظام الملالي.. ولتمت كل البيادق؛ ويا مُلا راسك سالم.

د.محمد الموسوي / كاتب عراقي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!