الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
هل بدأ التحضير لمعركة الجنوب عبر السويداء؟
السويداء بين الاقتتال الداخلي والتخبّط وانتظار المصير

في مشهد لم يكن مألوفاً في السويداء سابقاً، حلقت العديد من المروحيات الحربية فوق المدينة منذ صباح اليوم، حيث بدت وكأنها قريبة جديداً، وحيث إنه لا شيء مستغرب على سلطة النظام في سوريا القيام بأي فعل، إلا أن السويداء، التي اتفق على جعلها خالية من العمليات العسكرية، سواء بالانطلاق منها أو منع قيام أعمال عسكرية على أرضها منذ اتفاق عمان 2017، مع تفاهم ضمني إقليمي قبله على ذلك.

تغيرات المشهد في السويداء بالمنطقة الجنوبية، وحسب تقارير سابقة تم رصدها تباعاً، أتت بعد قرار غير رسمي من روسيا بسحب تواجدها العسكري من الجنوب السوري وتسليمه للميليشيات الإيرانية. وهذه بدأت مؤشرات حضورها غير الرسمي عبر تقوية الأذرع المحلية في السويداء التابعة لشعبة المخابرات العسكرية السورية وعلى رأسها ما بات يسمى "بحركة الفجر" وزعيمها راجي فلحوط، التي تشير التقارير المسربة عن تعزيز قوته العسكرية بأفراد عدة، بلغت المئة من خارج أبناء المحافظة، ومن الميليشيات الطائفية التي ترعاها وتديرها شعبة المخابرات العسكرية في كل الأرض السورية، خاصة في جنوب دمشق حيث تتركز قوة الميليشيات الشيعية.

اقرأ المزيد: ضجة حول تهريب القمح من شمال غربي سوريا.. و"هيئة ثائرون" تنفي

لم يكن تحليق المروحيات اليوم في السويداء ناتجاً عن فراغ، فقد أشارت تقارير ومشاهدات محلية أن طائرتا نقل من نوع "اليوشين" قد حطتا في مطار خلخلة، الواقع شمال السويداء وعلى طريق دمشق السويداء الرئيس، وذلك صباح الأربعاء 29/6. بعد أن قامت الطائرتان بإفراغ حمولاتها العسكرية غادرتا المطار، ليليه بعده بساعات وصول عدد من المروحيات الحربيات للمطار نفسه، ذُكر حسب مشاهدات أبناء المنطقة، عددها خمسة مروحيات. ليبدأ بعد ذلك عدد منها بالتحليق فوق قرى ومناطق الريف الشرقي للمحافظة المحاذي للبادية، واليوم فوق المدينة مباشرة.

المنطقة الشرقية الجنوبية من البادية كانت قد شهدت، ومنذ أسبوعين تقريباً، حملة أمنية كبيرة شاركت فيها قوات أمنية تابعة للأمن العسكري وفصائل قوات الفجر وفصائل السعدي مع فصائل من قوة جامل البلعاس من عشائر البدو، ضد ما سمي بقوة مكافحة الإرهاب ومن خلفها حزب اللواء السوري. الحملة أدت لمقتل سامر الحكيم قائد القوة وعدد من عناصرها واعتقال عدد آخر منها. وفي الجهة المقابلة عادت الرواية الرسمية للسلطة لترويج مقتل عنصرين لتنظيم الدولة "داعش" في البادية كانوا ينقلون الأسلحة والذخائر بالقرب من منطقة تلول الصفا، بجوار المنطقة التي تسيطر عليها القوات الحكومية وميليشيات حزب الله، والتي ما زالت من الأماكن الرئيسة التي يشتبه بوجود عناصر التنظيم فيها في بادية السويداء رغم سيطرة قوى النظام والميليشيات الطائفية الشيعية على معظم المنطقة منذ العام 2018 بعد غزوة داعش للقرى الشرقية في السويداء.

اقرأ المزيد: مقتل عنصر واختطاف اثنين من قوات النظام بهجوم مسلح في السويداء

السيناريوهات المعدة للمنطقة الجنوبية لم تتضح بعد، سوى أن عملاً عسكرياً يتم التجهيز له، سواء كان لعودة افتعال الحرب مع داعش وترويج محاربتها من قبل القوات التي تريد شعبة المخابرات العام والسلطة السورية بمحاربتها والمتمثلة بقوات الفجر وبعض الفصائل المتحالفة معها، بغية فرض سيطرتها المفردة على ساحة المحافظة وذلك مع غياب أية ردة فعل من الفصائل المحلية من أبناء السويداء لليوم حتى من التعليق على مجريات أحداث الشهر الفائت.

فيما يبرز السيناريو الثاني في اتجاه تأمين طرق المخدرات بشكل قوي ومعزز، وهذا يختلف في توقعاته بين تفاهمات أمنية تم ترتيبها سراً مع الجانب الأردني الذي أبدى مراراً استياءه واستعداده لتغير قواعد الاشتباك الحدودية.

فيما السيناريو الثالث وكأنه استعداد منفرد لمواجهة احتمال أي تحرك أردني عربي مع أو بدون إسرائيل في المنطقة الجنوبية يتم التجهيز له بعد فشل التفاهمات الممكنة مع روسيا من جهة، وإيران من جهة أخرى، سواء بمنع روسيا الميليشيات الإيرانية وإبعادها لمسافة 80 كم عن الحدود الإسرائيلية الأردنية، إضافة لتمدد إيراني ملحوظ ومرقوب جيداً فيها منذ بداية الحملة الروسية على أوكرانيا، وتعليق، إن لم يكن فشل، مفاوضات الملف النووي.

المنطقة الجنوبية، والسويداء خاصة، بات يحضر لها شيء عسكري بغير القواعد المتفاهم عليها إقليمياً منذ سنوات، ولا يمكن توقع حدث معين فيها لشدة السرية الأمنية التي تحيط بمجريات الأحداث الفترة الأخيرة، لكن مؤشرات التصعيد العسكري والانتقال لخطوات عمل عسكرية مباشرة باتت أكثر ترجيحاً ووضوحاً، فهل تتحول السويداء لساحة معركة من نوع ما تحقق أغراضاً سياسية وعسكرية تغير معادلات الواقع القائم؟ فلا يمكن الجزم بشيء لليوم سوى أن المنطقة باتت على صفيح ساخن ستثبته أو تنفيه الأيام القادمة.

ليفانت - سالم المعروفي

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!