الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
كلا. الغرب ليس مضطراً لاسترضاء أردوغان
تم التوصل إلى الاتفاق من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، والرئيس الفنلندي سولي نينيستو ، ورئيسة الوزراء السويدية ، ماجدالينا أندرسون خلال قمة في مدريد. ناتو

ترجمات ليفانت     

 مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات
 SINAN CIDDI
Nonresident Senior Fellow

إن التغاضي عن خطورة أعمال أردوغان في الحكم من أجل إيجاد طريقة للعمل مع تركيا يقوض بالأساس الأهداف التي يدعمها الغرب ويسعى إلى تحقيقها.

أثار مقال حديث لماكسيميليان هيس في مجلة فورين بوليسي حيرة العديد من مراقبي تركيا، بمن فيهم أنا، عندما قال إن الرئيس التركي رجب طيب “أردوغان بغيض وقد يبقى بغيضاً. لكن من مصلحة الغرب أن يكون إلى جانبه -وليس إلى جانب روسيا- من أجل إضعاف بوتين وضمان بقاء أوكرانيا.

الفرصة متاحة، ولن يكون من الحكمة للغرب ألا يحاول “. يقوم المقال، حسب الاقتباس، على فرضية: نعم، أردوغان لاعب سيء، ولكن حسب الوضع الراهن علينا إيجاد طريقة للعمل معه. على الغرب في تحقيق أهدافه ألا يعتمد أسلوب استرضاء الفاعل الخبيث لسبب بسيط جداً: أسلوب فاشل.


تُظهر غالباً تحليلات تدعو إلى إيجاد طرق للعمل مع تركيا أردوغان -بوجود أردوغان. كلها مثل مقال هيس تفترض أن تركيا شريك مهم بل وحليف ضروري.

ظهرت هذه التحليلات ثانية في الغزو الروسي لأوكرانيا، والحجة هي الحاجة الماسة لفعل أي شيء لإفساد تطلعات فلاديمير بوتين الرجعية المهددة لجوهر النظام الدولي الليبرالي، بالإضافة إلى أمن حلفائنا الأوروبيين. أوافق على هذا المنطق، ولكن طريقة تحقيق هذا الهدف ليست في استرضاء أردوغان.

العثور على طريقة لمعالجة أهداف أردوغان ثم رسم مسار تقدمي مشترك قد يبعد تركيا عن روسيا ويعيدها إلى الحظيرة الغربية هو ببساطة غير واقعي. في الحقيقة أرغب في إعادة ترسيخ مكانة تركيا كشريك موثوق ومسؤول ضمن الهيكل الأمني الغربي، ولكن بوجود أردوغان لا يمكن ذلك. السبب بسيط أننا لم نترك شيئاً كبيراً أم صغيراً إلاّ قمنا به. إن إيجاد طريقة لاستيعاب مصالح أردوغان لن يتطلب فقط من الغرب التنازل عن قيمه بل سيعرض أمن واستقرار التحالف الغربي للخطر.

ومنطقي في وجهة نظري الغاضبة هو قائمة طويلة من أعمال مشينة نفذها أردوغان لا يمكن ولا ينبغي تجاهلها ونسيانها. منها مثلاً الصراع السوري، وهو المسرح الذي عمل فيه أردوغان بلا كلل لتقويض الأهداف الأمنية للمجتمع الدولي.

في سعيه الحثيث لإسقاط نظام بشار الأسد في دمشق، ولا مكسب استراتيجي واضح لتركيا أو للغرب منه، مكّن أردوغان عشرات المقاتلين الأجانب من الانضمام إلى صفوف (داعش) بدعم لوجستي وطبي وباع ونقل الأسلحة إلى كيان يمكن القول إنه يمثل أكبر تهديد أمني منفرد للمنطقة منذ تنظيم القاعدة.

في ذلك الوقت (2012-2015) وصف الصحفيون العاملون في المنطقة تركيا بأنها أقرب إلى كونها “أوتوستراداً جهادياً” طرقته بحُريةٍ أعداد كبيرة من الإرهابيين. هل علينا نسيان ذلك؟ هل على الغرب العمل مع تركيا ضد روسيا؟ الجواب هو كلا.

ومن أفاعيله الخطرة أيضاً شراؤه بسرعة نظام الدفاع الصاروخي الروسي الصنع S-400 مهدداً بصفاقة جوهر تماسك حلف الناتو، شُطبت تركيا على إثره من برنامج F-35 الذي كانت عضواً منتِجاً فيه. هذه الصواريخ هي قيد التخزين حالياً منذ عام 2019، ولكنها تستطيع، إن نُشرت، إحداث أضرار جسيمة لأمن التحالف، نظراً لقدرتها على جمع معلومات استهداف مهمة عن طائرات الحلفاء التي يمكن مشاركتها مع الروس.

في الموضوع الروسي، تساعد تركيا القوات الأوكرانية من خلال بيع طائرات دون طيار من طراز “بيرقدار”، ولكنها ترفض المشاركة في نظام العقوبات ضد روسيا، بل ويعمل أردوغان بنشاط على تقويض العقوبات الغربية من خلال السماح بنقل الأصول المالية الروسية وإيداعها في بنوك الدولة التركية. ونتج عن هذا الخوف زيارة وزير الخزانة الأمريكي إلى تركيا وتحذيرها من الاستمرار.

وفي الوقت نفسه، في مقابل استعداد أردوغان لاستيعاب حاجة روسيا للوصول إلى الأسواق المالية الدولية، يكافئ بوتين تركيا بالسماح بشحن الحبوب الأوكرانية المسروقة إلى تركيا، أي البضائع التي سُرقت من الشعب الأوكراني وتباع الآن في السوق الدولية للمشترين المناسبين.

لقد تمادى أردوغان بأعماله ضد الأمن الغربي، منها التصعيد العسكري للبحرية التركية في شرق البحر المتوسط والذي يتحدى بشكل مباشر المياه الإقليمية القائمة والمناطق الاقتصادية الحصرية لدول كقبرص واليونان. وإصرار تركيا المستمر على استضافة ممثلين لعناصر حماس داخل حدودها ومنحهم الشرعية. فضلاً على الاعتداءات اليومية على الديمقراطية داخل تركيا نفسها.

في الأسبوع الماضي، خفف قاضٍ عينته وزارة العدل في عهد أردوغان عقوبة قاتل امرأة اغتصبها وأحرقها ثم ألقى بها في برميل نفط. هذا بالإضافة إلى الاعتقال الجائر لعشرات المعارضين السياسيين داخل البلاد، كما تبينه القضايا الرئيسية مثل الناشط الحقوقي عثمان كافالا وكذلك موظفي السفارة الأمريكية مثل متين توبوز.

إن التغاضي عن خطورة أعمال أردوغان في الحكم من أجل إيجاد طريقة للعمل مع تركيا يقوض بالأساس الأهداف التي يدعمها الغرب ويسعى إلى تحقيقها. والشيء الإيجابي الوحيد الذي قام به أردوغان مؤخراً تجاه الغرب هو إزالة اعتراضاته على السماح لفنلندا والسويد بالانضمام إلى الناتو. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة الفردية لا تعالج أياً من المخاوف المذكورة وغيرها.

على الغرب أن يفهم عدم ضرورة إدراك تركيا لمصالحها الأمنية. بالنسبة للناتو والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يوجد مسار واضح لكيفية التعامل مع أردوغان: إعطاؤه الفرصة لفعل الشيء الصحيح: قد يتضمن ذلك عرض مخرج لتخليص تركيا من صواريخ إس -400. في حالة توسع الناتو، كان بإمكان أعضاء الناتو تقديم جميع الضمانات الأمنية إلى فنلندا والسويد بموجب المادة الخامسة باستثناء العضوية.

اقرأ المزيد: ماذا حقق أردوغان من تحركه الأخير ضد السويد وفنلندا؟

فيما يتعلق بدعم تركيا كدولة ديمقراطية، يجب على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تشجيع سيادة القانون بشكل لا لبس فيه وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وفضح تجاوزات تركيا المتكررة.

لا شك أن التحالف الغربي يواجه العديد من التحديات المهددة للركائز الأساسية للأمن الغربي. لكن هذا لا يعني أن على الغرب العمل مع الجهات الفاعلة المؤذية التي ستضره أكثر في المستقبل.

 

إعداد وترجمة: وائل سليمان

 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!