-
قيامة داعش عند الطلب.. هجوم سجن "غويران" خُطّط له منذ 6 أشهر
مر يومان على استهداف خلية داعشية قوامها ما يقارب 200 عنصر سجن "الصناعة" في حي غويران بالحسكة. كان الهجوم مباغتاً ومخططاً بعناية منذ أشهر. تزامن الاقتحام مع تحركات تركية باتجاه تل تمر. وما تزال المواجهات مستمرة حتى وقت قريب بين قوات "قسد" وخلية الاقتحام الداعشية.
سيطرت قوات سوريا الديمقراطية على أجزاء من السجن ضمناً جناح ومنطقة البوابة الرئيسة كما أظهرت لقطات فيديو مصورة اليوم نُشرت على موقع سكاي نيوز عربية، وضربت طائرات حربية أمريكية مبنىً في السجن مشاركة في عملية التغطية جوا. قال السكرتير الصحفي للبنتاغون جون كيربي يوم الجمعة إن الولايات المتحدة استخدمت الضربات الجوية لدعم قوات سوريا الديمقراطية لوقف تنفيذ الهروب الكبير من السجن. سقط حتى الآن 70 قتيلاً بينهم مقاتلون من "قسد" في أثناء مواجهتهم لعناصر التنظيم الإرهابي.
هرب من بقي من عناصر الاقتحام وبعض السجناء واحتموا في مناطق سكنية مجاورة كحي الزهران يقنصون عن بعد. قُبض على "104مرتزقاً حاولوا الفِرَار من السجن" الذي يعد واحداً من 12 مكاناً تديره وتشرف عليه "قسد" فيه محتجزين من تنظيم داعش. دفعت الاشتباكات الناس في محيط السجن الذي يضم الآلاف من عناصر داعش إلى الهرب خوفاً من سيناريو سقوط مفاجئ لأكبر سجن للتنظيم الأكثر شراً في العالم.
يشهد العالم الآن عودة غريبة ومفاجئة لهذا التنظيم في هجومين كبيرين بنفس اليوم في منطقة الحسكة السورية ومحافظة ديالى العراقية المحاذية لإيران. طمأنت بتصريح الحكومة العراقية شعبها أن عبور عناصر داعش السوريين الهاربين من سجن الصناعة الحدود ودخول العراق أمر شبه مستحيل.
اقتحم مسلحون ثكنات عسكرية شمال بغداد قبل فجر الجمعة وقتلوا 11 جندياً وهم نيام بينهم ضابط قبل أن يفروا - وهو الهجوم الأكثر دموية منذ شهور على الجيش العراقي. كان الإهمال سبباً في خسائر الثُّكْنَة في منطقة العظيم الجبلية خارج بلدة بعقوبة.
قٌضي على سيطرة داعش في العراق وسوريا من خلال حملة استمرت لسنوات بدعم أميركي، لكن مقاتلي التنظيم استمروا بخلايا نائمة، قتلت بشكل متكرر عشرات العراقيين والسوريين في الأشهر الماضية، وندد قادة العراق وإقليم كردستان وآخرون حول العالم بالعمليّتين الأخيرتين، وأكّدوا على ضرورة دعم محاربة الإرهاب.
سجن الصناعة هو الأكبر من بين حوالي 12 منشأة تديرها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة التي تحتجز مقاتلين يشتبه بأنهم من تنظيم الدولة الإسلامية. وبحسب فرهاد الشامي، المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، فإن سجن الصناعة في حي قويران يحتجز نحو 5000 شخص، بمن فيهم قادة وشخصيات من تنظيم الدولة الإسلامية تعتبر من بين الأخطر.
سيناريو..
حفلت الساعات الثمانية والأربعون الماضية بجملة من التحليلات التي رسمت سيناريوهات تراوحت ما بين الخيالية إلى المؤامراتية، فالواقعية التي قد تتفق معها أو تختلف في عناوين رئيسية أو فرعية، بمعزل عن حديث المستفيدين فيما لو نجحت خلية الاقتحام في تهريب مجرمي داعش وإسقاط حامية السجن، فنشاط داعش ووجودها شماعة يمكن أن يعلق عليها الكثير ومن كل الأطراف تقريباً بمقدار ومستوى وطريقة ولكن فقط طرف واحد هو الإدارة الذاتية يمكن أن يخسر بقوة بشكل مباشر من الانخراط في ما يعده جَمهور معارض للإدارة بالمسرحية.
كان للحدث وقعه، ومفاجأته لسياق الاستقرار المشهود له في المنطقة منذ إعلان القضاء على التنظيم في ديسمبر 2017، ولاحقاً قتل البغدادي في إدلب. كانت العقول الحامية والمستقطبة والباردة تتلمس المنطق في هذا التحرّك الانتحاري لزمرة نسقت رتلاً من الأليات لتقتحم السجن. إنّ تواقت الهجومين في العراق وسوريا ليس من قبيل التصادفية. ربطٌ يجد قبولاً عند كثرٍ في معسكر الحياد أو داعم لمشروع الإدارة الذاتية أو يقف إلى جانب الرواية التركية العدو المتربص، لكنه سيسجل هذا الأخير وجود إيران على خط تدبير هذا العمل أسوة بسمير صالحة أستاذ العلاقات الدولية في إسطنبول بمداخلة على تلفزيون الغد ليذكرنا بشدة وفي لا سياق واضح بعلاقة إيران بالبي كي كي بينما نتحدث عن إمكانية جدية بسقوط سجن فيه آلاف المقاتلين من تنظيم داعش كانت الفصائل بالتزامن تتحرك نحو تل تمر ولا تعليق للسيد صالحة هنا.
الرواية الرسمية للإدارة الذاتية لإقليم الفرات، عدّت تركيا وإيران طرفين لهما مصلحة مباشرة بزعزعة الاستقرار في المنطقة، في سياقات واضحة المعالم في الشمال (المنطقة الآمنة/المحتل) والجنوب حيث روسيا وإيران. لقد أشار الرئيس المشترك لشمال وشرق سوريا زيدان العاصي إلى تحركات تركية عسكرية من خلال الفصائل باتجاه تل تمر بالتزامن مع عملية الاقتحام. في 21 كانون الأول، ليلة الجمعة محاولة الاقتحام الفاشلة أشارت الإدارة الذاتية عبر موقعها إلى تعاطي مخل لسلطة دمشق في خطابها الإعلامي عندما وصفت هذه الأخيرة خلايا داعش النائمة بأنها مقاومة شعبية في محاولة لضرب السلم الأهلي. يرى لقمان أحمي (المتحدث الرسمي باسم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا) أن هذا التحرك الداعشي المعزز برشاشات ثقيلة وعربات مُفخّخة ليس من طرف خلايا نائمة قررت الثأر بل جرى تهيئة مناخ عمل من قبل تركيا وميليشياتها في الشمال والنظام السوري وحلفاءه من خلال الدعاية والإعلام بالدرجة الأولى.
لقد غمزت سلطة الأسد في افتتاحية اليوم لجريدة الوطن شبه الرسمية حول كيفية وصول هذه الزمرة من المقاتلين للسجن، وحملت قسد والقوات الأميركية مسؤولية ما يحدث في المحافظة ولم تأت على ذكر لفظ داعش في العنوان، بيد أنها عدّت أن ما يجري جريمة حرب وتهجير ممنهج. هذا الغمز يعني بنظر جَمهور السلطة وجمهورها أن قسد تتخذ من احتجازها للدواعش ذريعة وشماعة لبقاء الحليف الأمريكي وهو منطق تسمعه عند جَمهور معارض أيضاً على منصات التواصل الاجتماعي.
اقرأ المزيد: من تنبيهات التبرّع إلى حصر الإفتاء.. الإخوان والصفعات المتعددة
هذا الجَمهور يسأل عن الكيفية التي ظهر فيها مئات المقاتلين الدواعش بأسلحتهم أمام سجن الصناعة دون أن يشتبكوا مع أي حاجز، معتبرين أن الولايات المتحدة شاركت في تغطية هذا الخرق والمستفيد قسد والحشد الشعبي في العراق لأغراض سياسية، متناسياً هذا الجَمهور الإمكانية الفعلية من وجود خلايا نائمة تعمل بصمت وهو منهج يمكن ملاحظته بسهولة في كل أماكن نشاط هذا التنظيم ومثيله في أنحاء العالم.
خلايا نائمة وعمل 6 أشهر
تجيب اليوم من طرفها قوات سوريا الديمقراطية بشكل رسمي في بيان تنشره على موقعها تضع فيه سيناريو على الطاولة يستند إلى شهود أسرى من عناصر التنظيم. لقد اجتمعت عناصر داعش في حي غويران قادمين من عدة وجهات، بعضهم قدموا من مناطق سري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض وكذلك من العراق. "البيان"
حُضّر للعملية على مدار 6 أشهر؛ وفي يوم 20 يناير/ كانون الثاني وبحدود الساعة 19,30، شن الهجوم على السجن بواسطة السيارات المفخخة سبقها بقليل تفجيرات متفرقة. بالتزامن مع الهجوم من الخارج، هاجم المجرمون الموقوفون العاملين في السجن، مثل الأطقم الطبية وعمال في إعداد الطعام وكذلك الحراس، وحاولوا الفِرَار من السجن.
تمكنت فقط أعداد قليلة من الوصول إلى مبنى كُلْيَة الاقتصاد المجاور للسجن. لكن قوات قسد سيطرت بشكل كامل على محيط السجن. حَسَبَ البيان فإن المعارك الأشرس دارت مع الخلايا النائمة التي شنت الهجوم من الخارج، في حيي “غويران الشرقي، والزهور” وكذلك في ساحة البانوراما، وقتل معظم عناصر المُرْتَزِقَة المهاجمين.
يبقى مِلَفّ الداوعش مقاتلين وعائلات من أكبر العقد الأمنية التي تواجه الإدارة الذاتية، التي طالبت مراراً الدول التي لديها مواطنين أن تأخذهم دون جدوى. وحركت المِلَفّ كثيراً لكن يجري تأجيله دائماً مع العلم أن الإدارة لم تسلم من النقد الحاد من جَمهور يؤيد مشروعها على وجه الخصوص أو مشروع الفيدرالية لأنها قبلت وساطات عشائرية وكفالات الشيوخ لإطلاق سراح العديد من مقاتلي التنظيم السوريين الشواب والشباب "المغرر بهم".
اقرأ المزيد: بعد الزيارة الخليجية إلى الصين.. العلاقات السعودية التايلاندية لفتح صفحة جديدة
أن يجري سيناريو الاقتحام فتتجمع الأليات من عدة مناطق مختلفة من الحي والمدينة والمنطقة مع المقاتلين، ليس بالسيناريو الغريب عن هذا التنظيم ولاسيما في أجواء البرد القارس الاستثنائية حيث التراخي الأمني يمكن أن يكون حاضراً بقوة.
كان هناك خطر حقيقي يهدد السلم الأهلي في الإقليم عموماً لو حصل الاختراق، وتصبح تجرِبة الإدارة مهددة وهو ما لا يمكن أن تغامر به قسد تحت أي لافتة دعائية كما يفترض البعض، فإيران وروسيا وتركيا على وجه التحديد كانت تدفع لهكذا سيناريو وهم أصحاب مصلحة أكبر في إحداث تثقيل ديموغرافي للتهجير باتجاه الشمال وضغط في خاصرة الإقليم الجنوبية حيث توجد روسيا وإيران، إنها جغرافيا مغمّسة بالدم ومايكرو جيوبولتيك يكسّر العظام.
ليفانت نيوز _ خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!