الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
ثورة يونيو وميزان القوى في المنطقة
خالد الزعتر

لا يمكن التوقف عن الحديث عن ثورة الـ30 من يونيو لأنها لم تكن ثورة مقصورة في تأثيراتها على الداخل المصري، بل هي تمتد في تأثيراتها لتشمل منطقة الشرق الأوسط.

لم تكن تأثيرات وصول الإخوان إلى السلطة في مصر ما بعد مرحلة الربيع العربي تتوقف على الداخل المصري فقط، من الهيمنة على الدولة المصرية وتثبيت وجودهم والعمل على أخونة الدولة المصرية، بل كانت تتخطى ذلك إلى الإقليم بأكمله. كان التنظيم الإخواني يسعى لتفكيك الدولة المصرية وتدمير مؤسساتها، وبخاصة المؤسسة العسكرية، بما يخدم مخطط إضعاف الدولة المصرية والعمل على إخراجها من خارطة توازن القوى والعمل على الإخلال بتوارن القوى في منطقة الشرق الأوسط ليصبح المجال متاحاً للدول الدخيلة على المنطقة أن تعمل على تثبيت وجودها مستغلة حالة الفراغ التي يشكلها غياب الدور الإقليمي المصري، فقد شاهدنا كيف أدار الحمو الإخواني علاقات مصر الخارجية، فقد كان الإخوان يستهدفون تدمير دور الاعتدال الذي تمارسه مصر في منطقة الشرق الأوسط والعمل على صياغة خارطة تحالفات جديدة تعمل على إبعاد مصر عن محيطها العربي باتجاه بناء علاقات مع المحور الإيراني والتركي، وذلك على حساب المحور العربي.

لذلك فإن ثورة الـ30 من يونيو التي أسقطت نظام الإخوان سعت لترتيب ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط وعملت على الحفاظ على الدور الإقليمي المصري بما يخدم الأمن القومي العربي، وبالتالي ضيقت الخناق على الدول الدخيلة على المنطقة من استغلال غياب الدور المصري، وأعادت توازن القوى بما يخدم الأمن القومي العربي وسعت للحفاظ على دور مصر العربي وعلاقات مصر مع الدول العربية والتي حاول الحكم الإخواني العمل على العبث بها، وبالتالي فإن صعود الإخوان في مصر ومن ثم سقوطهم لم تكن تأثيراته على الداخل المصري بل امتد للإقليم بأكمله.

مصر تعد أكبر دولة في منطقتها وهي دولة مؤثرة في معادلة الأمن القومي العربي، وكان لاستمرارية الإخوان بالحكم في مصر وتثبيت وجودهم ونجاح مشروعهم في السيطرة على كافة مفاصل الدولة، سياسياً وعسكرياً، أن يقود المنطقة لحالة من الفوضوية، بخاصة، ومن الواضح أنهم كانوا يحاولون قيادة الدولة المصرية للتصادم مع دول المنطقة وإخراجها من معادلة الأمن القومي العربي والإخلال بخارطة التوازنات، والعمل على توظيف القرار السياسي والعسكري المصري وفق ما يخدم طموحات دول دخيلة على المنطقة تحاول العبث بالأمن القومي العربي، ولذلك فإن سقوط الإخوان لم يؤثر على الداخل المصري فقط، بل كان له تأثيرات في الحفاظ على الأمن القومي العربي من حالة الخلل التي كان سيحدثها استمرارية الإخوان في قيادة الدولة المصرية.

من جهة أخرى، فإن تجربة حكم الإخوان في مصر والحالة الفوضوية التي سعوا من خلالها لإدارة الدولة المصرية خلقت حالة من الوعي لدى الشعوب العربية وكشفت الوجه الحقيقي للتنظيم الإخواني الذي ظل لعقود طويلة يختبئ خلف الشعارات الدينية لدغدغة مشاعر الشعوب العربية، ولذلك فإن ثورة الـ 30 من يونيو لم تؤدِّ فقط لسقوط الإخوان من الحكم في مصر، وإنما أدت إلى إجهاض المشروع الإخواني الذي كان يطمح للسيطرة على السلطة في الدول العربية، فقد نجحت ثورة الـ30 من يونيو بأن يصبح الفكر الإخواني فكراً منبوذاً في كافة الدول العربية، وأصبحت فرصة وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة ضئيلة جداً وهو ما ساهم في إنقاذ المنطقة من مشروع التقسيم، والذي كان وصول الإخوان إلى السلطة يعد أحد أدواته الرئيسة.

 



ليفانت - خالد الزعتر

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!