الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • ثورة السوريين النقيّة.. اختطفتها أيادٍ إخوانية وأخرى خارجية

  • يحق للسوريين أن يعيشوا بحرية وكرامة ويستعيدوا وحدتهم المجتمعية والجغرافية ويطالبوا الدول المتدخلة بالخروج من أرضهم بعد كل ما قدموه من تضحيات وما تعرضوا له من تهجير على مدى 11 عاماً
ثورة السوريين النقيّة.. اختطفتها أيادٍ إخوانية وأخرى خارجية
ثورة السوريين النقية

مرّت الثورة السورية، منذ انطلاقتها منتصف آذار/ مارس 2011 حتى اللحظة الراهنة، بمنعطفات وأحداث عديدة، حيث بدأت بالتظاهر والمطالبة بالحرية والعدالة الإنسانية، وإخراج معتقلي الرأي السياسيين من سجون وفروع النظام الأمنية، إلى أن وصل الحال بالسوريين بعد عقد من الزمن للمطالبة بالمعتقلين من جميع قوى الأمر الواقع التي تسلّطت بقوة السلاح والدعم الخارجي على ثورة الشعب السوري.

قوى المعارضة تلاعبت بملف المعتقلين

يبيّن أمين سر "اللجنة السورية للمعتقلين والمعتقلات (SCD)"، مروان العشّ، أنّ إجمالي المعتقلين في سوريا يقدر بمليون و200 ألف وفق سياسة الباب الدوار، أي منهم من اعتقل لأشهر وخرج، ومنهم من تم إيداعه لفترة واختفى، إلاّ أنّ العدد الحالي وبعد تقاطع معلومات لعدة منظمات تعمل على توثيق المعتقلين، يشير نحو 300 ألف معتقل ومختفٍ قسراً.

وأضاف العش، أن لدى تلك المنظّمات توثيق لقوائم تصل حتى 154 ألف معتقل مثبتة بـ 13 معلومة (الاسم الثلاثي، المهنة، الدراسة، العنوان، وأسباب الاعتقال... إلخ)، منهم 18 ألف في سجن صيدنايا الشهير، و6000 في سجن دمشق المركزي، والباقي في سجون المحافظات الأخرى، وفي معسكرات الجيش، مثل مستودعات الفرقة الرابعة.

اقرأ المزيد: جمهور الثورة السورية يسقط المعارضة الرسميّة "كلن يعني كلن الأسد ومسد والإخوان أولهم"

وأوضح أنّ النظام يستخدم القانون 22 محكمة قضايا الإرهاب 2012 (بديلاً لمحاكم أمن الدولة سيئة الذكر بالثمانينيات)، وقانون المحاكم العسكرية الاستثنائي على المدنيين لعام 1967، ضد الذين ثاروا على النظام الاستبدادي في سوريا عام 2011.

وتأسف أمين سر "اللجنة السورية للمعتقلين والمعتقلات (SCD)"، لفشل قوى الثورة والمعارضة بدءاً من “المجلس الوطني السوري” و“الائتلاف السوري المعارض” و“الهيئة العليا للمفاوضات” في إنجاز أي خطوة إيجابية للأمام في ملفّ المعتقلين، وفي إخراج معتقل واحد أو معتقلة واحدة، واتهمهم بالتلاعب بملف المعتقلين أيضاً.

وتابع: "كلّ اجتماعات أستانا لم تنجح في إطلاق أي معتقل أو معتقلة، وكلّ هذا مفهوم ضمن سياق تعنّت النظام الأمني الدكتاتوري، وإبقاء ملفّ المعتقلين والمعتقلات للمساومة والبازار الدولي لحظة الحلّ السياسي أو الضغط الدولي الفاعل الذي لم يحصل إلى اليوم".

وحول انتهاكات الفصائل المعارضة (المدعومة تركياً) وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، قال مروان العش: نتابع في “اللجنة السورية للمعتقلين والمعتقلات” حالات خطف أطفال وقصّر، لاستخدامهم مقاتلين لدى “قوّات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ووردتنا شكاوى وقضايا تخصّ ملفّ الأطفال والقصّر، وكذلك تقوم بعض الفصائل بضمّ شباب يافعين دون سنّ الـ18 كمقاتلين لصفوفها، ووثّقنا حالات لدى بعض الفصائل العسكرية المعارضة، ولا ننسى ما قام به “تنظيم الدولة”، إذ زجّ الأطفال الصغار في صفوفه وغسل أدمغتهم واستخدمهم كقنابل موقوتة، وما زال كثير من هؤلاء الأطفال والشباب دون سن الـ18 معتقلين لدى “قوّات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ولا حلّ لمشكلة أغلبهم حتى الآن.

اقرأ أيضا: هاشتاغ"بدنا_ المعتقلين" يتصدر تويتر السوريين للتذكير بجرائم النظام

وإضافة إلى ذلك، هناك حالات اعتقال وخطف للإعلاميين والصحفيين المدنيين والناشطين الثوريين في مناطق نفوذهم، وقد حكمت بعض محاكمهم الصورية بأحكام مختلفة، بحقّ الناشطين والإعلاميين، غير أننا لم نوثّق أيّ حالة إعدام، حتى تاريخ اليوم، في مناطق قوى الأمر الواقع.

الإخوان المسلمون وركوب موجة ثورة الحرية

وعلى صعيد القوى السياسية التي كانت في واجهة الأحداث وما تزال رغم كل الإخفاقات التي طالت الملف السياسي، كان لـ "الإخوان المسلمين" دور كبير في سقوط المعارضة أخلاقياً وسياسياً من خلال تسلقهم على الحراك الشعبي السوري، واِلتفافهم على مطالب السوريين، من خلال أسلمتهم للثورة والمساهمة في عسكرتها، بدعم من قبل حكومة حزب التنمية والعدالة في تركيا.

وفي السياق، قال الكاتب السياسي، عبد العزيز مطر، في حديثه، لـ "ليفانت نيوز": "إن تنظيم الإخوان المسلمين اغتنم ثورات الربيع العربي لتحقيق مكاسب فئوية ضيقة وبأساليب أقل ما يقال عنها انتهازية لركوب موجة الثورات والربيع العربي، الذي كان محركه الوحيد سعي الشعوب العربية لنيل حريتها وحقوقها للحصول على نظام ديمقراطي بعد عقود من استبداد الأنظمة الفردية التي لا تختلف عن بعضها إلا بالمسميات فقط".

وتساءل مطر "من يصدّق أنّ هؤلاء الشباب الذين اندفعوا في الساحات السورية بمئات الآلاف مطالبين بحريتهم كانوا من الإخوان المسلمين أو تحركوا بدعوة منه؟". وأكمل "هذا الدجل والكذب والنفاق الإخواني الذي أظهرته سنوات المأساة السورية، فهل يعتقد ساسة الإخوان المسلمين أن الشعب الثائر في سوريا نسي مبادراتهم للتوافق مع النظام السوري من أجل مكسب هنا وكرسي هناك؟ وهل كان الإخوان المسلمون معارضين لأنظمة الحكم الاستبدادي؟ سؤال يحتاج الكثير من الشرح وإجابته واضحة من حرفين: لا".

وأضاف الكاتب السياسي: "يعلم القاصي والداني أنّ من تولّى، بداية، القيادة السياسية، ولاحقاً، العسكرية، في الثورة السورية، التي خرج بها شباب لا علاقة لهم بتنظيم الإخوان المسلمين، وجميعهم للأسف كانوا دون خبرة سياسية أو دعم مالي أو إعلامي، ليقعوا فريسة سهلة في براثن الإخوان المسلمين المخضرمين في استغلال عواطف الشباب الثائر واللعب عليها، الأمر الذي أدّى لتسلّق قيادة جماعة الإخوان المسلمين وأدواتها للثورة السورية".

وختم مطر حديثه "هذه النتيجة وهذه الجريمة التي اقترفها الإخوان المسلمون بحق الشعب السوري، وهي وصول المجتمع الدولي، أو جزء كبير منه، للاحتفاظ بالقاتل (بشار الأسد)، والتعايش مع وجوده في الحكم بسوريا والتعامل معه كحالة أمر واقع مع وجود الخيار الأسوأ، وهو معارضة يقودها الإخوان المسلمون".

خطوط ودماء حمراء

لم تنفع صيحات وخطابات الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، من منع النظام تنفيذ مجازره على امتداد المناطق الثائرة، بل أكثر من ذلك، وضع لهم خنجراً مسموماً في خاصرتهم بتسليم قيادة المعارضة السياسية لتنظيم "الإخوان المسلمين"، والمتاجرة بقضيتهم عبر التكسّب من اللاجئين تارة، وتحصيل مكاسب سياسية من المحتلين، الروسي والإيراني، لسوريا تارة أخرى، عبر مسار أستانا العسكري، الذي أعاد بموجبه الروس ما يقرب من 57 بالمئة من مساحة المناطق التي كانت تسيطر عليها فصائل الثوار في بداية تحرير مناطقهم من جيش وفروع النظام الأمنية.

اليوم، سوريا عبارة عن دولة مركبة تتقاسمها أربع مناطق نفوذ تسيطر عليها قوة أمر الواقع، ففي الجنوب والعاصمة دمشق، إضافة إلى المنطقة الوسطى والساحل، يسيطر النظام مع القوى الحليفة له، إيران وروسيا. وفي الشمال الغربي تسيطر هيئة تحرير الشام على قطاع واسع من محافظة إدلب وريف حلب الغربي، وتسيطر فصائل ما يسمى بالجيش الوطني على مناطق الشريط الحدودي مع تركيا (قوات حرس حدود)، كما وتسيطر "قسد" على الشمال الشرقي من سوريا بدعم من التحالف الدولي المشكلّ لدحر تنظيم الدولة "داعش".

وفي الختام، يحق للسوريين أن يعيشوا بحرية وكرامة ويستعيدوا وحدتهم المجتمعية والجغرافية، ويطالبوا الدول المتداخلة بالخروج من أرضهم، بعد كل ما قدموه من تضحيات وما تعرضوا له من تهجير على مدى 11 عاماً.

ليفانت نيوز- خاص 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!