-
المجلس العلمي الفقهي.. هل هو رسالة الأسد للداعين إلى إبعاده عن إيران؟
وفي لمحة عن المجلس العلمي الفقهي على موقع وزارة الأوقاف؛ أكّد وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد أن المجلس مختلف الاجتهادات الفقهية وينطلق من قول الرئيس بشار الأسد "إن أئمة المذاهب تركوا لنا مدارس فقهية ولم يتركوا لنا طوائف ولو علموا أنهم سيتركون لنا طوائف ما تركوها لنا".
وجاء في المرسوم رقم 28 لعام 2021 الصادر عن الأسد بإلغاء المادة رقم 35 من قانون تنظيم عمل وزارة الأوقاف، التي يُسمى بموجبها المفتي العام في سوريا، وبالتالي؛ أصبحت الفتوى مناطة بالمجلس العلمي الفقهي، الذي تشكل وفقاً للمادة الخامسة من القانون 31 عام 2018 لوزارة الأوقاف.
وننوّه إلى أنّ المرسوم المشار إليه أعلاه، لم يُلغِ مكانة الإفتاء العام فقط، إنما شمِل أيضاً إلغاء منصب مفتي المحافظات والمدن السورية.
المحامي أنور البني في حديث لـ ليفانت نيوز، قال: إنه من المعروف لنا أنّ النظام الديكتاتوري يستخدم القوانين والأشخاص لغرض سيطرته، وعندما تنتهي مهمتها يغيرها ببساطة ويلقي بها عندما تنتفي الحاجة لها أو تنتهي مهمتها، وهناك العديد من الحالات التي حدثت في السابق.
وأردف، أنّ الظروف الداخلية والخارجية قد تغيرت، وأصبح يحتاج إلى أدوات جديدة وقوانين ترسخ التغييرات التي حصلت ويستثمر بها، في إشارة منه إلى نظام الأسد.
الشارع السوري المناهض للنظام ركزَّ في تعليقاته على حقيقة أنّ كل ما يصدُر عن الأسد؛ يرسّخ التوغّل الإيراني على مفاصل الدولة السورية، بدءاً بمؤسسة الجيش والفروع الأمنية، الجانب الأهم في الدول الاستبدادية، وصولاً إلى المؤسسة الدينية التي تفتي لهم سحق كل من يخالفهم، بيد أنّ مديرية أوقاف حلب نشرت على صفحتها في الفيس بوك نقلاً عن وزير الأوقاف السوري، قوله: المؤسسة الدينية تحمي سوريا من الإخوان المسلمين وتكرّس الدولة العلمانية.
وجهة نظر مختلفة
ومن وجهة نظر تنويرية، قال الباحث أحمد الرمح المهتم بشؤون الإسلام السياسي، إنَّ منصب "المفتي العام" موجود في معظم البلدان العربية، لكن الأسد حوله من حالة فردية إلى حالة مؤسساتية، تُتخذ فيها الفتوى بشكلٍ جماعي.
مبيناً في الوقت نفسه، إلى أن تناول الموضوع بشكل طائفي من قبل بعض المعارضين لا يخدم الثورة ويؤثر سلباً على الخطاب الوطني تجاه الآخر في سوريا المستقبل؛ مسجلاً اعتراضه على من اتخذ القانون فرصة للترويج لخطابه الطائفي، لكنه أوضح؛ أنَّ الخطورة بهذا القانون تكمن في كيفية تشكيل المجلس وأتباعه للسلطة التنفيذية، بينما يفترض أن يكون مستقلاً.
وأضاف الرمح، إلى أنّ رئيس المجلس هو وزير الأوقاف الذي يُعتبر جزءاً من النظام الاستبدادي، بالإضافة إلى عدم الوضوح في كيفية تعيين الأعضاء، متسائلاً، هل هناك جهة ستقوم بترشيحهم أم أن الأمر متروك لرئاسة الجمهورية؟
وعلاوة على ذلك، وهنا الحديث للرمح، هل من الحكمة أن يسحب المجلس سلطة القاضي الشرعي التي تخصّ الأزمنة المتعلّقة بشهر رمضان والأعياد الإسلامية، مثل عيد الفطر والأضحى، في ظل العلوم الفلكية التي تحدد بدقة توقيت الأهلة والمناسبات التي ينص عليها الدين الحنيف، حيث تكمن مهمة القاضي الشرعي في المواليد والأحوال الشخصية، وهنا أذكر، هل ستنتقل أعمال القضاء الشرعي إلى المجلس العلمي الفقهي وكيف سيكون دور القاضي الشرعي فيها؟
المجلس العلمي الفقهي يوسّع صلاحياته
وفي حديث لإذاعة "شام إف إم" التي تبث من دمشق، قال الشيخ "محمد شريف الصواف"، عضو المجلس العلمي الفقهي، إن "المرسوم الجديد ينصّ على أن تصبح صلاحيات الإفتاء كاملة للمجلس العلمي الفقهي، وتوسيع صلاحياته مع إدخال أمور أخرى لم تكن سابقاً ضمن اختصاصه مثل قضية الإشراف على المواقيت الدينية وغيرها".
وأضاف الصوّاف "المجلس سيعالج القضايا الفقهية، ويتم تطبيق القرارات الصادرة عن طريق مديريات الأوقاف في المحافظات، ولن يكون هناك أي فروع للمجلس، بل سيضم ممثلين من المذاهب الفقهية كافة ومن جميع المدن".
وأثار تصريح الشيخ الصواف وما ورد فيه، استهزاء مئات المعلقين، منوّهين إلى أن معالجة الأوضاع المعيشية للمواطنين وتأمين المواد الغذائية والدوائية وخفض أسعار المشتقات النفطية أهم من كل المراسيم والتشريعات التي لا تغني ولا تسمن من جوع في ظل الظروف الاقتصادية التي يعاني منها السواد الأعظم من السوريين.
اقرأ المزيد: الأسد يطيح بالحسون.. ملغياً منصب مفتي الجمهورية
ويُلاحظ في السنوات الأخيرة، إجراء الأسد عدة تعديلات على تنظيم عمل وزارة الأوقاف، كان من أهمها إصداره لقانون في العام 2018 الذي يمنح بموجبه صلاحيات واسعة لوزير الأوقاف، بالإضافة إلى حصر ولاية مفتي الجمهورية بثلاث سنوات قابلة للتمديد، شرط تسميته بموجب مرسوم بناءً على اقتراح الوزير، بينما كانت المدة في السابق غير محددة ويعود تقديرها لرئيس الجمهورية فقط.
بشكل واضح القانون يكرس السلطة الدينية ويعزز سطوة السلطات والفروع الأمنية عليها، مع العلم؛ ما فتئ الأسد على مدى العقد الماضي وهو يُذكِّر أنَّ سوريا آخر قلاع العلمانية في المنطقة.
ومنذ استيلاء آل الأسد على رئاسة الجمهورية في سوريا، لم يعرف السوريون خلال العقود الخمسة الماضية أي خلافٍ بين رجال الدين البارزين ورأس النظام، سواء في عهد الأسد الأب أو حتى في حكم وريثه بشار، بل كان هناك تزاوج واضح في المصالح بين السلطة والمؤسسة الدينية، ولاسيَّما منصب المفتي ووزير الأوقاف.
اقرأ المزيد: وزراء جدد بحكومة النظام يضافون لقوائم العقوبات الأوروبية
منذ بداية الثورة السورية، كان مفتي الجمهورية الأخير "أحمد بدر الدين حسون" لسان حال السلطة أو مفتي البراميل المتفجرة، على حدّ وصف نشطاء الثورة السورية، فقد شارك أبناؤه في قمع الحراك السلمي للسوريين الذي انطلق في منتصف عام 2011، لكن إهمال النظام له خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة كان مستغرباً، إلا أنه انتهز الفرصة في الأيام الأخيرة ليذكر بنفسه من خلال جنازة الفنان صباح فخري وتفسيره لآيات سورة التين، وربطها بسوريا تاريخياً، الأمر الذي أثار حفيظة المجلس العلمي الفقهي متهماً "حسون" بتحريف القرآن الكريم.
خاص ليفانت
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!