-
العلاقة الروسية مع ترامب.. غموض عمره أربع سنوات يتجدّد
منذ انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في العام 2016، ظلّت قضية الدعم الروسي لشخصه شاغلة لبال كثير من المتابعين، خاصة وأنّ الرجل باشر عهده بالوقوع في خلافات كبيرة مع دول الناتو، بحجة عدم دفع مستحقاتها في التمويل، وقد تطورت تلك الخلافات خلال أربع سنوات من حكم ترامب، ووصلت أخيراً إلى الانسحاب الجزئي من ألمانيا، وهي كلها مؤشرات ودلائل تدعم إلى حدّ ما تلك الفرضية التي تقول، إنّ وصول ترامب إلى الحكم في واشنطن كان بتآمر، أو أقلّه بدعم روسي.
إعجاب قديم ببوتين
ويؤيد تلك الفرضية تقارير وحوادث متواصلة، حيث كشف تقرير لقناة روسيا اليوم، أمس الثلاثاء، عن رسالة بعث بها ترامب في العام 2007، مخاطباً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي أعرب له فيه عن إعجابه الشديد، حيث هنّأ ترامب بوتين في الرسالة المذكورة، حسب تقرير من 1000 صفحة أصدرته لجنة استخبارات مجلس الشيوخ الأمريكي، باختياره “شخصية العام” في مجلة “تايم”.
وجاء في الرسالة حسب التقرير: “عزيزي الرئيس بوتين.. تهانينا لمنحك لقب رجل العام حسب مجلة “تايم”.. أنت تستحق ذلك بالتأكيد”، مضيفاً: “كما سمعت، فأنا من أشدّ المعجبين بكم، اعتنِ بنفسك”، وختم رسالته قائلاً: “مع أطيب التمنيات وخالص التقدير”.
ومن المعلوم أنّ ترامب في الأساس رجل أعمال كبير في الولايات المتحدة والعالم، وتصل ثروته إلى أكثر من ملياري دولار أمريكي، ويبدو أنّ مهنة الرجل وثروته الطائلة قد جعلت له علاقات مع دول خارجية كثيرة، وقوى عالمية، رغم أنّ قضية الحسم في هذا الملف ستترك للمستقبل لتحسم فيها، لكن الأمريكيين أنفسهم ما يزالون متشككين من رئيسهم الراهن.
التدخل الروسي في الانتخابات
حيث اتّهم زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي، تشاك شومر، في التاسع من أغسطس الجاري، الرئيس دونالد ترامب بإعاقة الجهود الرامية للحيلولة دون “محاولات روسية” للتدخل في انتخابات الرئاسة القادمة، وذكر شومر في حوار مع شبكة “أي بي سي” الإخبارية، أنّ محاولات روسيا للتدخل في انتخابات الرئاسة التي ستجرى في الولايات المتحدة، في الثالث من نوفمبر القادمة، “صحيحة على الإطلاق”، مستشهداً بـ”معلومات وبيانات عامة”.
وقال السيناتور عن نيويورك، إنّ الديمقراطيين يسعون إلى اتخاذ إجراءات عقابية بحق موسكو قبل أن تتمكن من إحراز نجاح في “مساعيها” هذه، محملاً الرئيس الجمهوري المسؤولية عن إعاقة أي مبادرات تشريعية مشتركة بين الحزبين في الكونغرس، ترمي إلى فرض عقوبات على موسكو بهذا الصدد، وتابع شومر متسائلاً: “لماذا لا يريد ترامب منع روسيا من التدخل في هذه الانتخابات؟ يجب عليكم طرح هذا السؤال، وهذا مصدر ديمقراطيتنا”.
وأبدى شومر موافقته على نشر تفاصيل الإفادة السرية التي قدمها إلى الكونغرس، مدير المركز الوطني للأمن ومكافحة التجسس، ويليام إيفانينا، حيث اتّهم روسيا والصين وإيران بمحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية، وحمل إيفانينا فيها روسيا، المسؤولية عن إطلاق حملة لتشويه سمعة منافس ترامب المتوقع في الانتخابات، نائب الرئيس السابق، جو بايدن، وتعزيز مواقع الرئيس الحالي قبيل الانتخابات.
محامي ترامب الشخصي يؤكّد الرواية
ويعزّز تلك المخاوف والفرضيات ما نشره مايكل كوهين، المحامي السابق للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في مقدمة كتابه، في الرابع عشر من أغسطس الجاري، عندما تعهد بفضح آلية ممارسة ترامب الغش والاحتيال أثناء الانتخابات الرئاسية الماضية، بمساعدة موسكو.
وضمن مقدمة كتابه المسمّى بـ”الخائن: القصة الحقيقية لمايكل كوهين، المحامي الشخصي السابق للرئيس دونالد ترامب”، قال كوهين: “اعتقد نصف الأمريكيين أنّ ترامب كان في الواقع، مخادعاً تسيطر عليه روسيا، وشقّ طريقه إلى البيت الأبيض من خلال الأكاذيب، وبالنسبة للنصف الآخر، أي أنصار ترامب، كانت الفضيحة برمتها مع روسيا، بمثابة محاولة لاصطياد الأشباح من ابتداع الديمقراطيين .. كلا الجانبين كانا على خطأ”.
وتابع: “لقد تواطأ ترامب مع روسيا، لكن ليس بواسطة الأساليب الحذقة المتفننة كما تخيل منتقدوه، لقد مارس ترامب الخداع في هذه الانتخابات، بتواطؤ من روسيا، وهو ما سأكشفه على هذه الصفحات”، فيما من المنتظر أن يعرض كتاب محامي ترامب السابق في 8 سبتمبر، أي بعد الانتخابات الرئاسية.
بولتون يُحذّر من ترامب
أما جون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فأوضح، في الرابع من أغسطس، أنّه لا يستبعد احتمالية أن يقوم ترامب بسحب الولايات المتحدة من حلف الناتو في حال إعادة انتخابه لولاية ثانية، وهو ما يعزّز فرضية عمل ترامب بشكل أو بآخر لصالح روسيا، التي يوجد الناتو في الأصل لمواجهتها.
وذكر بولتون، خلال تصريح لصحيفة “هاندلسبلات” الألمانية، تعقيباً على استفسار حول احتمالية إقدام ترامب على تلك الخطوة، أنّه “بغض النظر عما إذا كان الأمر متعلقاً بإيران أو كوريا الشمالية أو أفغانستان أو سوريا، فإنّ الرئيس كان دائماً يتّخذ قرارات بطريقة تهدف لتجنّب الانتقادات من قبل الجمهوريين، والمسألة لم تكن متعلقة بما كان إذا القرار جيداً أو سيئاً”.
اقرأ أيضاً: إيران تقرع طبول الحرب بيد.. وتدّعي المظلومية بالأخرى
وبيّن بولتون، أنّ “قلّة قليلة من الجمهوريين تودّ الانسحاب من الناتو، ولكن في حال فاز ترامب في الانتخابات، فإنّ هذه العوائق قد تُرفع، ومن يعرف ما قد يقوم به خلال الولاية الثانية؟”، مستهجناً قرار ترامب سحب 12 ألفاً من العسكريين الأمريكيين من ألمانيا، مشيراً أنّ ذلك “يرسل إشارة خاطئة إلى موسكو”.
روسيا تشوش على خصم ترامب
وفي سيناريو قد يعيد إلى واجهة الأحداث، الاتهامات التي طالت ترامب العام 2016، حول الدعم الروسي له، ذكرت شبكة “سي إن إن” الإعلامية الأمريكية، في السابع من أغسطس، بأنّ الاستخبارات الأمريكية زودت المشرعين بمعلومات، تشير أنّ روسيا “تنشر معلومات مضللة” حول المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن.
وذكر السيناتور الديمقراطي، كريس ميرفي، العضو في لجنة شؤون العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أنّ “أجهزة الاستخبارات قد توصلت إلى استنتاج ثابت بشأن ما يعتزم الروس القيام به ومن يعملون بتكليف من الروس”.
وأوردت “سي إن إن” عن مصادرها، اتهامها “روسيا بأنّها تركز على التضليل بشأن المرشح الديمقراطي، جو بايدن، بشكل خاص، وأنّها تسعى للإساءة إلى حملته”، إلا أنّ الاستخبارات الأمريكية امتنعت عن الحديث بشكل علني حول أنّ موسكو تفضّل مرشحاً على الآخر، بحسب “سي إن إن”.
ومن الواضح أنّ الغموض الذي يكتنف علاقة ترامب مع روسيا، ستبقى حبيسة الأدراج المغلقة لدى مراكز القرار الأمريكي، ما دام الرجل متحكماً بزمام الأمور في البيت الأبيض، لتبقى الانتخابات القادمة في نوفمبر، عاملاً حاسماً في وضع نهاية لها، أو ربما تجددها لو فاز الكهل الأشقر مجدداً بالرئاسة.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!