-
السويداء فائزة طربية
“يا بشار طرابية يا زينة الرجال لا تخاف وعيونك غير لوقف ليل نهار قدام المحافظة”. هكذا خاطبت فائزة، ابنة السويداء، أخاها الذي اعتقله شبيحة الأسد ومخابراته مع ثلّة من شباب السويداء المتظاهرين ضدّ هذه العصابة الأسدية، التي حوّلت سورية إلى سوريات احتلال.
فائزة طربية وقفت وحيدة تصرخ امام مبنى المحافظة مطالبة بإطلاق سراح أخيها، تنخي الرجال.
السويداء سجلت موقفاً تاريخياً عندما رفضت إرسال أبنائها للقتال في صفوف المليشيات الأسدية، رفضت أن ترسل أبناءها لقتل أهلهم السوريين.
بغض النظر عن كل تاريخ الثورة وتفاصيلها، يجب ألا تترك السويداء وحيدة، وألا يترك شبابها الثائر وحيداً في مواجهة الأسدية القاتلة بصدور عارية، بمظاهراتهم السلمية، خاصة أنّ للسويداء وضعاً درزياً خاصاً، الدروز في سورية يتراوح أعدادهم بين 800 ألف ومليون درزي في كل سورية. أقليّة أبت إلا أن تبقى سورية، رغم الخوف على مصيرها كطائفة، كان لحضورها في الشأن السوري بعداً وطنياً واضحاً في تاريخ سورية.
تظاهرات السويداء، هذه الأيام، ضد الأسدية، دليل على ما أقول، مشايخ عقل الطائفة الدرزية معظمهم موال للأسد، سبق وأن هدّدهم الأسد في العام 2000، عندما كان هنالك حراكاً شبابياً في السويداء، أنّه سيدمرها فوق رؤوسهم بلسان ماهر الأسد.
شباب وشابات السويداء حملوا أرواحهم على أكفّهم، عندما قرروا الخروج بهذه التظاهرات السلمية، وتأكيد سوريتهم وثورتها، التي أنهكها الاحتلال الأسدي والاحتلالات الدولية، ودمر مدنها وقراها، وشرّد نصف سكان سورية، رغم ذلك كان لهؤلاء الشباب كلمتهم.
التضامن مع أهلنا في السويداء كان ضعيفاً، ما خلا تظاهرات خجولة في بعض مناطق درعا وإدلب، صحيح أنّ الناس الذين عادوا إلى قراهم المدمرة ومدنهم الأكثر تدميراً، الجوع يلاحقهم. ويلاحق أطفالهم، إضافة لشبح القمع، لكن يجب ألا تترك السويداء وحيدة. في مناطق الجزيرة السورية التي تتحكم فيها الإدارة الذاتية وقسد لم نرَ ملمحاً تضامنياً، لأنّ الجزيرة باتت محكومة بسلطة الأمر الواقع التي لا عداء بينها وبين الأسد، بل تبادل مصالح ومواقع، حسب الظرف.
البعد الإسلاموي “للثورة” الذي أنهكها، أيضاً، وطوعته تركيا واتفاقيات أستانة، لم يقدّم لانتفاضة السويداء أي دعم ملموس او حراك معتبر، وبقي حراك التضامن عفوياً وأقلية من شباب وشابات بقية المحافظات، رغم أنّ السوريين على السوشيال ميديا كان غالبيتهم داعماً لتظاهرات شباب السويداء.
من جهة أخرى، حتى لو انتهت هذه التظاهرات لكنّها أوصلت الرسالة السورية للعالم، إنّ الثورة السورية، هي ثورة الشعب السوري، كلّه، على هذه السلطة التي ارتكبت وترتكب كل أنواع جرائم الإبادة، مع ذلك يبقى الرهان على شباب سورية من أقصاها لأقصاها قائم، يحتاج إلى عمل ومثابرة.
هنالك خوف من هذا الانقسام الحاد في السويداء، بين شبيحة الأسد الذين ينتظرون إشارة لممارسة العنف ضد المتظاهرين، كما حدث في تظاهرة البارحة 15.6.2020. تضامن أهلنا في الجولان كان مهماً أيضاً، والذي يجب أن يستمرّ، الثقة في شباب الحراك في السويداء يجب أن يكون أرضيّة لنقاش الموضوع، هم أدرى بواقعهم وممكناتهم وما ينتظرهم، لكن روح الثورة الذي يظهر على شكل تحدٍّ سلمي لسلطة غاشمة، يعيد الأمل لأهلنا في سورية جميعاً. رمزية هذا الحراك الشبابي وبهذه الأعداد، هو الرسالة البليغة في هذا الزمن الدولي الأسود، الناس تنتظر قيصر ونتائجه أيضاً.
في ظلّ هذا الفضاء المحيط بالسويداء، شبابنا وشاباتنا هناك “كفيتوا ووفيتوا”، ووردة لفائزة طربية والحرية لسورية من هذه الأسدية القاتلة.
ليفانت – غسان المفلح
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!