الوضع المظلم
الأربعاء ٠٩ / أكتوبر / ٢٠٢٤
Logo
  • إمبراطورية تمتد من دمشق لبرلين: شبكات الكبتاغون السورية تغزو ألمانيا

  • يكشف تورط النظام السوري في تجارة الكبتاغون عن استراتيجية ممنهجة للالتفاف على العقوبات الدولية وتمويل نشاطاته، مما يستدعي إعادة تقييم للسياسات الغربية تجاه دمشق
إمبراطورية تمتد من دمشق لبرلين: شبكات الكبتاغون السورية تغزو ألمانيا
كبتاغون الأسد \ تعبيرية

كشف تحقيق استقصائي موسع أجرته عدة مؤسسات إعلامية ألمانية بارزة، بينها القناة الألمانية الأولى (ARD) وصحيفة فرانكفورتر ألغماينة ومجموعة بايرن الإعلامية، عن حجم وخطورة تورط النظام السوري في تجارة الكبتاغون العالمية، وتوسع نشاطاته في ألمانيا وأوروبا بشكل غير مسبوق.

وأظهر التحقيق، الذي استغرق عامين وتضمن مراجعة آلاف الصفحات من الوثائق والتحقيقات السرية ومقابلات مع عشرات من خبراء الأمن الألمان والأوروبيين والأمريكيين والعرب، أن نظام الأسد يجني أرباحاً فلكية من تجارة الكبتاغون تصل إلى نحو 50 مليار دولار سنوياً.

وهذه الأرباح الضخمة تشكل شريان حياة للنظام في ظل العقوبات الدولية المفروضة عليه، وتمكنه من الاستمرار في السلطة رغم الضغوط الدولية.

اقرأ أيضاً: من سوريا: الجيش الأردني يتصدى لقذائف المخدرات عبر الحدود

وكشف التحقيق عن تحول استراتيجي خطير في نشاطات الشبكات السورية المرتبطة بالنظام، حيث بدأت بالانتقال من مجرد استخدام ألمانيا كدولة عبور لتهريب الكبتاغون إلى إنتاجه محلياً على الأراضي الألمانية، فقد تم اكتشاف معمل لإنتاج الكبتاغون في مدينة ريغنسبورغ الألمانية، مما يشير إلى توغل عميق لعمليات النظام السوري في قلب أوروبا.

وأشار التحقيق إلى أن تكاليف إنتاج الكبتاغون زهيدة للغاية، حيث لا يتجاوز سعر المواد الخام لكل قرص بضعة سنتات، بينما يباع القرص الواحد في الشوارع العربية بما يتراوح بين 15 إلى 20 دولاراً، وهذا الهامش الربحي الهائل يفسر حجم الأموال التي يجنيها النظام السوري من هذه التجارة.

ووفقاً للتحقيق، فإن الشبكات السورية المرتبطة بالنظام تعمل بشكل منظم ومعقد عبر الحدود الأوروبية، وقد أفاد أحد المهربين الذين تم التواصل معهم أن العصابات السورية واللبنانية تخطط لتغيير استراتيجيتها، بحيث يتم إرسال المسحوق فقط إلى أوروبا، ليتم تصنيع الأقراص محلياً، وهذا التحول يهدف إلى تقليل مخاطر الاكتشاف وزيادة الأرباح.

ويشارك حزب الله اللبناني، حليف النظام السوري الرئيسي، بشكل فعال في هذه التجارة المربحة، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني والجيوسياسي، وتشير التقديرات إلى أن نقل الإنتاج إلى دول مثل ألمانيا قد يزيد من أرباح هذه التجارة بشكل كبير، مما يعزز قدرة النظام السوري وحلفائه على تمويل عملياتهم.

وأثارت هذه التطورات مخاوف جدية لدى الأجهزة الأمنية الألمانية والأوروبية، فقد صرح لوتس برايسلر، رئيس قسم مكافحة المخدرات في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية (BKA)، بأن نحو 90% من تجارة الكبتاغون لا تزال مخفية عن المحققين في ألمانيا، ليسلط الاعتراف الضوء على حجم التحدي الذي تواجهه السلطات الأمنية في مكافحة هذه التجارة.

وفي السياق ذاته، حذر أنطونيو هوبارد، العميل السابق في وكالة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA)، من خطورة الوضع قائلاً: "يجب على جميع الدول أن تشعر بالقلق إزاء صعود الكبتاغون"، وأضاف أنه من المرجح أن المهربين يحتفظون بكميات من المخدرات المهربة ويروجونها في السوق الأوروبية، مما يشكل تهديداً مباشراً للمجتمعات المحلية.

وفي ضوء هذه المعطيات، بدأت السلطات الألمانية بتكثيف جهودها لمواجهة هذا التهديد المتنامي، فقد تم عقد اجتماع عمل ضم محققين من الشرطة الجنائية الاتحادية وشرطة الولايات ومدعين عامين لمناقشة مشكلة الكبتاغون والتحقيقات المرتبطة بها، ومع ذلك، يبدو أن هذه الجهود لا تزال في بدايتها وتحتاج إلى تنسيق أكبر على المستوى الأوروبي والدولي.

ويبقى السؤال المطروح: هل ستنجح الجهود الأوروبية في مواجهة هذا التحدي الأمني الخطير، وكيف سيؤثر ذلك على العلاقات مع النظام السوري وحلفائه في المنطقة؟ وهل ستؤدي هذه الكشوفات إلى إعادة النظر في السياسات الغربية تجاه سوريا وحزب الله؟ الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد مسار المواجهة مع تجارة المخدرات الدولية وتداعياتها الجيوسياسية في المستقبل القريب.

ليفانت-دوتش فيليه

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!