الوضع المظلم
الأحد ٠٦ / أكتوبر / ٢٠٢٤
Logo
  • أوروبا من وجهة نظر أوكرانية: عزوفٌ عن العهود ومواقف مُخزية

  • الدعم المقدم لأوكرانيا، أوروبياً، لم يقدم لمناطق كثيرة أخرى، تعرضت لغزوات عسكرية مماثلة، ومنها أرمينيا، وشمال سوريا، اللتان تركتا لمصيرهما
أوروبا من وجهة نظر أوكرانية: عزوفٌ عن العهود ومواقف مُخزية
أوروبا والحرب الأوكرانية \ ليفانت نيوز

محسوم أن الدعم الغربي قد أطال في عمر المقاومة الأوكرانية إلى ما يربو الآن، عن شهر من الزمن، لكن إبان بدء الغزو الروسي، أكد المسؤولون الأوكرانيين، إنهم تركوا لوحدهم في مواجهة الدب الروسي، ولعل ذلك ما دفع كثير من القوى الأوروبية لاستجماع قواها والسعي لإمداد كييف بالأسلحة والمعدات التي قد تمكنها من هزيمة الروس، أو أقله إلحاق أكبر قدر من الخسائر بهم.

اقرأ أيضاً: "حفار القبور" السوري: ما تفعله روسيا في أوكرانيا ليس غريباً عليها 

ورغم ذلك، ظهرت قبل الرابع والعشرين من فبراير الماضي، أي موعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، وبعده، مواقف أوروبية أثارت امتعاض المسؤولين الأوكرانيين وحنقهم، معتبرين إياها تخلياً عن بلادهم، رغم أن الدعم المقدم لأوكرانيا، أوروبياً، لم يقدم لمناطق كثيرة أخرى، تعرضت لغزوات عسكرية مماثلة، خلال السنوات الأخيرة، ومنها في أرمينيا، أو في شمال سوريا، اللتين شهدتا غزواً عسكرياً من جانبي أذربيجان وتركيا، وقد تركتا لمصيرهما.

قبل بدء الغزو

فقبل بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، وتحديداً في السابع والعشرين من يناير الماضي، أي قبل نحو شهر من الهجوم الروسي الواسع، انتقدت الخارجية الأوكرانية قيام بعض الدول الغربية بإجلاء دبلوماسييها مع أفراد العائلات من كييف، داعية الشركاء "لعدم تأجيج الأوضاع في المجال الإعلامي".

واعتبرت الخارجية الأوكرانية أنه "من السابق لأوانه" اتخاذ مثل هذه الخطوات في المرحلة الراهنة"، فيما حث الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في التاسع والعشرين من يناير، زملاءه الغربيين ووسائل الإعلام، إلى الكف عن افتعال التوترات حول خطر "الغزو الروسي" لبلاده، ولفت زيلينسكي وقتها، إلى أن التقارير الإعلامية وتصريحات المسؤولين الأجانب عن مستجدات الوضع حول أوكرانيا، تخلف انطباعاً كأن هناك "حرب وتحركات قوات في الطرق وتعبئة عامة وتنقلات للناس".

اقرأ أيضاً: رئيس أوكرانيا يقول إنه يسعى لتحقيق السلام "دون تأخير" في المحادثات

وأوضح زيلينسكي حينها، أن الذعر كلف أوكرانيا، استثمارات أجنبية بقيمة 12.5 ليار هريفنا (أي نحو 440 مليون دولار)، لافتاً إلى أن كييف تضطر إلى استقرار سعر عملتها الوطنية على حساب احتياطيات الدولة، منتقداً قرار الولايات المتحدة وبريطانيا إجلاء طاقمهما الدبلوماسي غير الأساسي من أوكرانيا، معتبراً إياه خاطئاً، وقارن الدبلوماسيين الأمريكيين والبريطانيين في كييف بـ"قبطان ينبغي أن يكون آخر من يغادر السفينة" الغارقة، مضيفاً: "لا أعتقد أن لدينا "تيتانيك"، وأوكرانيا تمضي قدماً".

الأوروبيون لن يقاتلوا دفاعاً عن أوكرانيا

بينما أظهر استطلاع للرأي نظمته شركة YouGov البريطانية، نهاية يناير الماضي، أن سكان معظم الدول الأوروبية الكبرى يعارضون إرسال قوات بلدانهم إلى أوكرانيا، وحسب نتائج الاستطلاع، فإن أكبر نسبة معارضة لإرسال القوات "لحماية أوكرانيا" تم تسجيلها في ألمانيا، حيث عارض ذلك 52% ممن تم استطلاع آرائهم، مقابل 23% من المؤيدين.

وفي إيطاليا عارض إرسال القوات 40% مقابل 24%، وفي السويد، عارض 39% مقابل تأييد 27%، وفي إسبانيا عارض 37% مقابل تأييد 28%، وفي فرنسا عارض 36% مقابل تأييد 26%، فيما سجلت في بريطانيا نسبة متقاربة ممن يعارضون ويؤيدون إرسال القوات إلى أوكرانيا، حيث صوت بـ"لا" 32% وبـ"نعم" 30%.

اقرأ أيضاً: البرازيليون ينضمون إلى القتال في أوكرانيا

وفي الدنمارك تقدم مؤيدو إرسال القوات إلى أوكرانيا على معارضيه بـ38% مقابل 29%، أما في الولايات المتحدة فبلغت نسبة مؤيدي مساعدة أوكرانيا وإرسال القوات 35%، مقابل معارضة 28%.

بالتوازي، لاقت التصريحات الأوروبية استياءً أوكرانياً متصاعداً، عبر عنه منتصف فبراير، عضو البرلمان الأوكراني من حزب "المنصة المعارضة - من أجل الحياة" فاديم رابينوفيتش، عندما قال: "لقد بدأت الحرب! لكن الغرب بالذات هو من يخوضها ضد أوكرانيا، يدل على ذلك كل ما يقوم به الشركاء الغربيون تجاه بلادنا: توصية مواطنين دولهم بمغادرة أوكرانيا، وإجلاء الدبلوماسيين ورحيل المستثمرين منها، ووقف الحركة الجوية - هذه تعادل أقوى العقوبات"، وحسب تقديراته، قد يتوقف عمل اقتصاد أوكرانيا، بسبب تصريحات شركاء كييف الغربيين.

بعد بدء الغزو الروسي

رغم أن الدول الأوروبية قدمت الكثير على الصعيد العسكري، بقي ذلك دون المأمول أوكرانياً، الذي كان يسعى لرؤية الدول الأوروبية تقاتل إلى جانبه، أو أقله يفرضون حظراً جوياً، لم يقبل إنشائه نتيجة الخشية والتردد من مغبة تحول الحرب الروسية الأوكرانية إلى حرب عالمية، تنهي الاستقرار الذي تحيا فيه الشعوب الغربية.

وظهرت الكثير من المواقف الأوروبية التي أكدت على عدم انزلاقها إلى الحرب مع روسيا، ومنها في السابع من مارس، عندما أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أن حلف شمال الأطلسي وفرنسا ليسا في حالة حرب مع روسيا على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، قائلاً: "من الضروري للغاية الحفاظ على قنوات الاتصال مع فلاديمير بوتين"، وأضاف: "نحن لسنا في حالة حرب مع روسيا، نحن متضامنون مع الأوكرانيين".

مواقف اثارت حنق الأوكرانيين، الذين قال رئيسهم فلاديمير زيلينسكي، في الثامن من مارس، إن "الوعود" الغربية بشأن حماية أوكرانيا من الهجمات الروسية، لم يتم الإيفاء بها، موضحاً في مقطع فيديو نشر على "تليغرام": "نحن نسمع وعوداً منذ 13 يوماً، يقولون لنا منذ 13 يوماً إنهم سيساعدوننا جوياً وإنه ستكون هناك طائرات وإنهم سيسلمونها إلينا"، وتابع "لكن مسؤولية ذلك (سقوط ضحايا) تقع أيضاً على عاتق الذين لم يتمكنوا من اتخاذ قرار في الغرب لمدة 13 يوماً... على الذين لم يحموا الأجواء الأوكرانية من القتلة الروس".

اقرأ أيضاً: النظام يشكو تبعات الحرب التي ساندها على أوكرانيا

بينما دعا بالتوازي، وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا، الدول الغربية إلى تقديم وبذل المزيد من أجل مساعدة أوكرانيا ودعمها عسكرياً واقتصادياً، وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، أمل الوزير أن تزود الدول الغربية كييف بالطائرات وأنظمة الدفاع الجوي والصواريخ، قائلاً: "نحن بحاجة للطيران، نحتاج لأنظمة فعالة مضادة للطائرات والصواريخ".

كما أمل كوليبا أن تتخذ سلطات الدول الغربية عدة إجراءات إضافية ضد روسيا، في المجال الاقتصادي، ووفق قول الوزير الأوكراني: "يجب فصل سبيربنك عن سويفت، وعلى الدول أن تكف عن شراء النفط الروسي، ويجب منع السفن الروسية من دخول الموانئ"، معولاً على "العزلة الكاملة" لروسيا، واستبعادها من المنظمات الدولية، وكذلك "توسيع نطاق المقاطعة والحظر" على الأحداث الثقافية والرياضية الروسية.

ليست كل آمال الأوكرانيين مجابة

وحتى إن كانت رياح الأوروبيين مؤاتية للسفن الأوكرانية، فقد تعاكسها عند العواصف الشديدة، وعليه لم يستجب الأوروبيون للكثير من الآمال الأوكرانية التي عبر عنها وزير الخارجية، فقال مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في العاشر من مارس، إن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع الموافقة على طلب فرض حظر طيران فوق أوكرانيا، لأن ذلك سيؤدي إلى حرب عالمية ثالثة.

في حين قال وزير الخارجية الهنغاري، بيتر زيجارتو، في الثالث والعشرين من مارس، إن بودابست لن تدعم القيود والعقوبات المفروضة على إمدادات الطاقة من روسيا، لأن هذا من شأنه أن يشكل تهديداً لأمن الطاقة في هنغاريا، بينما أعلن مستشار ألمانيا، أولاف شولتس، ضرورة تجنب المواجهة المباشرة مع روسيا، ولفت إلى أن وقف واردات النفط الروسي لا يمكن تنفيذه بين عشية وضحاها.

فيما قال رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية ريتشارد فيران، أن فرض حظر على الغاز والنفط الروسي، "غير ممكن"، وهو ما ذهب إليه رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، في السادس والعشرين من مارس، عندما قال إن بلاده لا تتوقع انخفاض إمدادات الغاز من روسيا.

اقرأ أيضاً: آلاف الروس في براغ يحتجون على الحرب في أوكرانيا

بينما تجنبت بريطانيا تزويد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة، وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس، في السابع والعشرين من مارس، إن تزويد أوكرانيا بالدبابات البريطانية "لن يثمر عن نجاح"، وإن التركيز يجب أن يكون على إصلاح وكشف المعدات الروسية.

ورغم ذلك، يحصل الأوكرانيون بكل تأكيد على ما لم يحصل عليه غيرهم من قبل، مستفيدين من الموقع الجغرافي لبلدهم الملاصق للدول الأوروبية، وإلا كانت ستطحن أوكرانيا عسكرياً، كما طحنت العديد من الدول والمناطق الأخرى، خلال العقد المنصرم فقط، أمام مرأى العالم ومسمعه، حينما اكتفى المجتمع الدولي بالتنديد ورسائل الشجب والتعبير عن القلق!

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!