-
أمن مطار كابول بعهدة تركيا.. عين على اللاجئين الأفغان من البداية إلى النهاية
"تعليق إخباري"
مهما بلغت الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة تبقى الأولى عضواً في حلف الناتو وحليفاً تاريخياً للولايات المتحدة في المنطقة، تلك الخلافات التي ظهرت على خلفية استحواذ أنقرة على صفقة صواريخ أس 400 المضادة للصواريخ والطيران، وتقارب روسي تركي أزعج إدارة دونالد ترامب فرفضت شروط تركيا بخصوص طائرة "اف 35" لجهة التصنيع وتوطين التكنولوجيا ذات الصلة على الأراضي التركية.
مع انسحاب العم سام من أفغانستان تبسط حركة طالبان المقربة من قطر وإيران نفوذها على مناطق واسعة من البلاد في الأقاليم والأرياف وسط قلقٍ أميركي رغم تصريحات تطمينيّة بوجودهم عند الضرورة لدعم القوات الأفغانية.
في الأثناء، ومع هذا التخبط ولاسيما أعمال التصفية الأخيرة بحق المدنيين التي قامت بها طالبان وعلى رأسها إعدام ميداني بحق ممثل كوميدي مشهور، وجدت تركيا فرصة لعرض خدماتها في إدارة مطار كابول بعد إتمام القوات الأميركية انسحابها بعد وجود استمر لعشرين عام.
يشكّل مطار حامد كرزاي الدولي مكانا آمناً لنقل موظفي السفارات ونقل المساعدات الإنسانية، وقد يؤدي سقوطه إلى عزل أفغانستان عن بقية العالم وهذا ما ليس مقبولاً من أي طرف. يؤخذ بالاعتبار وجود قوات تركية في أفغانستان بنحو 500 جندي في إطار مهمة غير قتالية يقودها حلف شمال الأطلسي لتدريب القوات الأفغانية ما يجعل التموضع اللوجستي سريعاً.
خطوة نحو تعزيز العلاقة
سيراهن أردوغان على مكانة وعضوية تركيا بالنسبة للناتو في المنطقة وقربها من روسيا فضلاً عن نشاطاتها في الشرق الأوسط، ليعوّل على أن يكون هذا العرض فرصة لزعيم حزب العدالة والتنمية للتقرب من بايدن الذي لم يساوم على فتح ملفات حقوق الإنسان في تركيا ولاسيما الانتهاكات المتعلقة بحرية الصحافة والتعبير وحقوق الأقليات الإثنية والجنسية.
لقد حضرت قوات تركية في أفغانستان في مهمة غير قتالية مع التحالف الدولي، وبينما تحظى بتموضعها في قاعدة لها بقطر، فلا ضير من تموضع في كابول وهو ما تسعى له تركيا في الشرق الأوسط على غرار قاعدتها في الصومال وليبيا، وهو دور تريد أن تلعبه كما إيران في المحيط الجيوسياسي للمملكة العربية السعودية وهو ما ترفضه السعودية والخليج ويشعل المعارك على الأرض بالوساطة فضلاً عن الحملات والحروب الإعلامية المستمرة.
تستفيد أنقرة من وجود الوسيط القطري وعلاقته الجيدة مع حركة طالبان، لتجري محادثات مع طالبان على أمل التوصل إلى اتفاق يُفضي بأن لا تكون القوات أهدافاً للحركة المتشددة وهو أمر يمكن تحقيقه. فمن حيث المبدأ، وصفت طالبان فكرة الوجود العسكري التركي في كابول بأنها "مستهجنة"، لكن يقول مصدر دبلوماسي تركي للوكالة الفرنسية "في مناقشاتنا مع طالبان يقولون: نحن نثق بكم ونعلم أنه ليس لديكم أجندة خفية".
تواجه تركيا أزمة تدفق اللاجئين الأفغان قد تقارب أزمة اللاجئين السوريين في حال لم تلتفت حكومة أردوغان بسرعة للأمر كما قالت أطراف معارضة عندما بدأت تسليط الضوء على الملف منذ منصف الشهر الحالي، حتى لاحظ سكان إسطنبول تجول المهاجرين على شواطئ المدينة بأعداد كبيرة. في الأغلب الأعم، قادمون من أكبر خط للتهريب عبر الأراضي الإيرانية وبتسهيل من السلطات الإيرانية التي تجبرهم على عبور الحدود بدلاً من إعادتهم كما قالت صحيفة يني شفق المقربة من حزب العدالة والتنمية وصحف معارضة.
اقرأ المزيد: الخارجية الأميركية تدين انتهاكات النظام الإيراني بحق المتظاهرين
في وقت يؤكد الرئيس التركي أن أحد أسباب تولي أمن مطار كابول هو مراقبة تدفق اللاجئين وبقاء اتصال أفغانستان بالعالم الخارجي. بحسب مصدر دبلوماسي تركي، تصرخ وسائل الإعلام التركية والأحزاب المعارضة بسبب بزيادة الوفود البشرية اللاجئة لتركيا عن طريق حدود البلاد الشرقية. "ا ف ب"
وبالتزامن، يتهم مستشار رئيس حزب «الشعب» الجمهوري التركي، أردوغان توبراك، رأس السلطة التركية الرئيس رجب طيب أردوغان بأنه يسعى لصفقة مع الاتحاد الأوروربي كتلك التي عقدها على حساب السوريين من أجل الحصول على الأموال، عندما وقعت تركيا اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي للحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدة مالية قدرها ستة مليارات يورو. إذاً، هناك احتمال قائم برغبة تركية للضغط من أجل تحديث هذه الاتفاقية في حال أظهر نظام أردوغان مخاطر الموجة الجديدة وحجة عدم توفر الإمكانيات لضبطها.
يمكن أن يتكرر سيناريو أزمة لاجئين جديدة؛ فكل طرق التهريب الأفضل والأقرب إلى أوروبا تمر من تركيا بشكل مباشر من المطارات الإقليمية إليها، أو عن طريق إيران، أو الشواطئ الليبية التي تسيطر وتراقب تركيا فيها الممرات والمنافذ البحرية ذات الصلة. لقد تخوّفت دول أوروبية كإيطاليا واليونان وفرنسا من تموضع تركيا اللوجستي في ليبيا لتمسك بأعناق منافذ الهجرة غير الشرعية وتهدد بها دائماً. وصحيح أن السلطات التركية أوقفت حتى عام 2019 ما يقارب 201 ألف و437 مهاجراً أفغانياً سرياً في تركيا، لكن لا شيء يمنع أن يعود هؤلاء أصحاب الخبرة ليكرروا المحاولة مرة أخرى في حال جرت تسهيلات لمرورهم لليونان أو إيطاليا،فالأخبار تنتقل بسرعة، ولاسيما مع سوء الأوضاع المعيشية في البلاد التي يحتاج فيها 18 مليون شخص للمساعدات بينما نصف الأطفال ما دون الخامسة يعانون من سوء التغذية.
وبقدر ما يسخن المشهد مع اقتراب الشتاء يمكن لنظام أردوغان أن يُتمّ صفقة في مكسب ما في الإقليم، كاستثمارات وازنة في ليبيا بقطاعات حيوية حيث المنافسة شديدة مع إيطاليا وفرنسا وروسيا، أو في الشمال السوري، أو غض نظر الولايات المتحدة عن متابعة ملف حقوق الإنسان أو التحقيق في دعم منظمات جهادية كداعش والنصرة.. والقائمة تطول، وليست بالضرورة باقة مساعدات جديدة تبدو صعبة مع تشديد إغلاق المنافذ في الجزر اليونانية وإصرار أوروبي محتمل جداً أن لا يتكرر ما وصفوه بالابتزاز حيث الكرامة والالتزام بشرعة حقوق الإنسان ستضع الحكومات في موقف صعب.
هي ورقة كانت في الدرج لم يكن من المتوقع إمكانية حضورها بسبب وجود إمكانية سيطرة جوية على مطار كابول، وفرض إجراءات ذات صلة على مطارات الشرق الأوسط، لكن دخول النظام الإيراني على خط تيسير المهاجرين الأفغان عن طريق أراضيه فرض معادلة جديدة وهو حضور إيراني في ملف الهجرة العالمي في المستقبل ولن يكون المهاجر الأفغاني وحيداً في رحلة الهروب من بلاده، بل سيجد على الدرب رفاقاً له من جيرانه وجنسيات أسيوية أخرى.
إعداد: وائل سليمان
ليفانت نيوز _ خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!