الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
أبو عمشة.. فشل الاحتلال التركي
كمال اللبواني

تشكلت لجنة من ثلاثة مشايخ مستقلين كلفت بالنظر في اتهامات مشينة ارتكبها أبو عمشة وحاول جاهداً التستر عليها، بعد أن أزكمت رائحتها الأنوف، وبعد طول بحث حاول تقييده أبو عمشة بكل الوسائل، أصدرت قرارها بعزل المذكور، لكنها لم تبت في نوعية وحيثيات الجرائم ومن هو المتورط فيها.

لكي ننظر للموضوع ليس بصفة شخصية، بل كظاهرة تشمل كافة المناطق التي تحت وصاية النفوذ التركي، وعملياً تحت الاحتلال، فأبو عمشة ليس إلا مستخدم صغير في نظام حكم وتحكم يشمل كافة المناطق، وما ينطبق على أبو عمشة هو نموذج يفضحها كلها كمنظومة متكاملة وشراكة متعاضدة بين الجميع، بدءاً بالجيش التركي، ومروراً بهيئات المعارضة، وصولاً لمنظماتها، وجرائم أبو عمشة واحدة من ملايين الجرائم التي ترتكب في عموم المحرر طولاً وعرضاً، أبو عمشة ما هو إلا نموذج عنها.

أبو عمشة مجرد متصرّف يمارس سلطة تشبيح على المهجرين باسم الدفاع عنهم، لكنه ليس المستفيد الوحيد، بل هو جابٍ للكثيرين غيره المتواجدين في كافة هرم التسلط القائم هناك بجناحه العسكري والمدني والأهلي وبالمعارضة السياسية، وحزب الإخوان المتسلط عليها، وبالسلطة العسكرية المخابراتية التركية التي تستفيد من الفساد، فكلهم جميعاً شكلوا منظومة فساد وتشبيح مارسوا معاً كل أنواع التسلّط الإجرامي والفساد وجنوا الامتيازات والثروات.

بشق الأنفس تمكن ثلاثة مشايخ مجاهدين من اختراق حصون التستر التي أقامتها تلك المنظومة، وفضحت المأساة التي تتكرر في كل المناطق المحررة بصور وشخوص ودرجات مختلفة وتعبر فقط عن فشل الاحتلال والوصاية التركية، التي اعتمدت على معارضة تافهة فاسدة رخيصة من نموذج الائتلاف وشخوصه، إذ تعلن تركيا اليوم نجاحها في جمع قادة الفصائل مع الائتلاف، فهي تخفي السبب الحقيقي وراء انفصالهم وغناء كل منهم مواله على انفراد.

المفترض أن تكون كافة مؤسسات المعارضة التنفيذية تحت مظلة وإشراف الائتلاف، فكيف تمر عشر سنوات من دون تحقيق ذلك؟ ولماذا؟ ومن المسؤول غير الدولة التي تستضيف الطرفين وتنسق معهما احتلالها وهيمنتها؟ وهي التي أرغمتهم على القبول بجنيف وسوتشي... بينما لم تستطع الطلب منهم إدارة المناطق المحررة والدفاع عنها، وفرض سلطة القانون فيها، ومنع التشبيح والجريمة والمخدرات... في مناطق يفترض أنها تضم خيرة الشعب الثائر، واستبعدت كل الوطنيين والشرفاء، ومنعت الشعب من إنتاج ممثليه أو إدارة شؤونه.

ألا يستدعي ذلك القرار الصادر بحق أهم مرتزقة تركيا التي ترسل المقاتلين للقتال تحت أمرة الجيش التركي داخل سوريا وخارجها، إعادة النظر الجذرية الشاملة في كل النظام الذي تدار به المناطق المحررة تحت هيمنة الجيش التركي؟ إدانة "أبو عمشة" ألا تستدعي إدانة كافة من كان معه وحوله وفوقه وتحته؟ وهل ظاهرة "أبو عمشة" نادرة وفردية كما توحي تصرفات التركي والائتلاف الذين تبرأا منه؟  

عندما تكلم العميد أحمد رحال عن فساد الجيش الوطني، وهي ذات الجرائم التي ينظر بها اليوم، قامت السلطات التركية باعتقاله وإهانته والتهديد بترحيله، وكذلك فعل الائتلاف والجيش المرتزق بحق قناة أورينت عندما فضحت هكذا جرائم.

أخيراً.. الأسئلة التي تحتاج للإجابة: لمصلحة من يجري كل هذا؟ ولماذا تسمح تركيا بنزيف كل رصيدها المعنوي الذي حصدته بفتح حدودها للسوريين، والذين صاروا اليوم ضحية عنصرية متفاقمة في عموم تركيا؟ ألا يستطيع أولئك السوريون إدارة المناطق المحررة بشكل نظيف تمهيداً للعودة إليها؟ من يمنع ذلك؟ من يدعم الجولاني والفاسدين والمرتزقة والخونة غير التركي والقطري من ورائه تماماً بالشكل الذي يريده النظام وروسيا وإيران؟ إنه الفساد المستشري في المؤسسات التركية المنسجم مع تنظيم الإخوان الذين لا يرون سوى مصالحهم المافيوية على حساب الشعب السوري والتركي على السواء.

 

ليفانت - كمال اللبواني

 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!