الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
مفاوضات فيينا النووية وورقة غزة
خالد الزعتر

لا يمكن قراءة الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة أحداث غزة الأخيرة، بعيداً عن تطورات عودة الاتفاق النووي الأميركي الإيراني على الطاولة من جديد في عهد الرئيس الأمريكي، جون بايدن، حيث يلعب العامل السياسي دوراً مهماً في مخرجات الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، فلو عدنا إلى العام 2015 نجد أنّ تجميد المشروع النووي الإيراني جاء بعد صفقة سلمت بموجبها إدارة باراك أوباما المنطقة لإيران وإطلاق الذراع الإيرانية التوسعية في المنطقة. غزة


عندما ننظر إلى مقدمات عودة المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، نجد أنها ارتبطت بمحاولات سياسية أمريكية لتعزيز وجود إيران في الملفات السياسية العربية، وبخاصة الملف اليمني، بزيارة المبعوث الأممي إلى اليمن لإيران في خطوة اعتبرت موافقة أمريكية على أن تكون إيران جزءاً من ترتيبات الحل للملف اليمني بدلاً من إقصائها باعتبارها جزءاً من المشكلة، وهي خطوة تهدف منها إدارة بايدن استرضاء الإيرانيين لضمان تمهيد الطريق أمام المفاوضات النووية، بخاصة وأنّ الإيرانيين يريدون الاعتراف بهم كقوة إقليمية وعضو فاعل في ترتيبات الأوضاع في المنطقة، حيث تحاول إدارة بايدن إرضاء الإيرانيين عبر الملف اليمني، ولكن هذه الخطوة لا شك فشلت لأنّ التحالف العربي بقيادة السعودية لن يقبل بأنصاف الحلول في اليمن وترسيخ وجود إيران، وبخاصة في اليمن، خاصرة السعودية الجنوبية.


وبالتالي، فإنّ وضع إيران في مفاوضات الملف النووي في عهد جو بايدن تختلف عن وضع العام 2015 في عهد باراك أوباما، فإيران باتت ضعيفة سياسياً وتفتقد لنفوذها، وبخاصة بعد المتغيرات التي عاشتها المنطقة، وبعد تأسيس التحالف العربي بقيادة المملكة لدحر الميليشيات الحوثية، وبروز استراتيجية سياسية جديدة في العراق قائمة على التوزان في علاقات العراق مع محيطه الإقليمي، وبدء العودة التدريجية العراقية للمحيط العربي، وبالتالي ما جعل إيران تفتقد للكثير من أوراق الضغط لتعزيز طموحاتها السياسية للاعتراف بها كقوة إقليمية، وذلك في مقابل تجميد أنشطتها النووية. غزة


الأمر الآخر هو موقف الحليف الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية، وهي إسرائيل، من عودة المفاوضات النووية ومحاولات إدارة جو بايدن لاسترضاء إيران، وهو ما يجعل إيران في مأزق ويعزز احتمالية خروجها من المفاوضات النووية بمكاسب سياسية ضئيلة لا تخدم طموحاتها في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي فإنّ إيران أمام هذا المأزق فهي تحتاج لحالة من الاضطرابات والفوضوية تساهم بشكل كبير في خلق ورقة مساومة تستفيد منها للعمل على توظيفها لمصلحتها السياسية في مفاوضاتها النووية مع الولايات المتحدة. غزة


أمام هذا الانحسار في النفوذ الإيراني في العراق، والانهيار النفسي والعسكري لميليشياتها في اليمن، تبقى فلسطين هي الأرض الخصبة التي يمكن أن تنفذ منها إيران، بخاصة في ظل علاقتها القوية مع حركة حماس الإخوانية، والأهم من ذلك أنّ ملف فلسطين هو أقرب الملفات التي يمكن من خلالها ليس فقط الضغط على الأمريكيين، بل وعلى الإسرائيليين، ومن هنا نجد أنّ أحداث غزة الأخيرة لا يمكن النظر لها بعيداً عن محاولات التوظيف السياسي الإيراني، ربما ما يعزّز ذلك هو الإصرار من قبل حماس على التصعيد وعدم القبول بمحاولات التهدئة. والأمر الآخر هو محاولات إيران استغلال هذه الأحداث لاستعراض عضلاتها أمام الإسرائيليين عبر استهدافهم من قبل الأراضي السورية واللبنانية، وهي محاولة أرادت منها إيران أن تؤكد للإسرائيليين بأنّها حاضرة في حدود إسرائيل للضغط على الأمريكيين لتعزيز حضورها على طاولة المفاوضات، وبالتالي حتى يتسنى لها الحصول على مكاسبها السياسية في ملف المفاوضات بشأن برنامجها النووي. غزة


خالد الزعتر


ليفانت - خالد الزعتر  ليفانت 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!