-
عندما يسعى النظام للانتقام من نجاح "الإدارة الذاتية" بفرض الحجر الصحي بمناطقها!
يواصل النظام السوري سياساته القائمة على عدم الاكتراث بأرواح السوريين، وإبراز صورته كدموي حتى في زمن الكورونا، الذي لا يزال في إطار الإخفاء وفق متابعين، ورغم ذلك تتصدر التقارير التي تحذر من أهوال انتشاره في البلاد، في ظل فقدانها لأي بنية صحية جديرة بالثقة، قد تؤهله لمواجهة الموت الذي قد يطرق باب السوريين مرة أخرى بصورة جديدة، وفي السياق، أطلق أمس السبت/الرابع من مارس، مسلحون من قوات النظام السوري، النار على سيارات تابعة لقوى الأمن الداخلي المعروفة "بالأسايش" وشرطة المرور المعروفة بـ "الترافيك"، في مدينة القامشلي الخاضعة في مجملها لـ "الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا".
وقالت المعلومات، إن قوات النظام أطلقت الرصاص على تلك السيارات بالقرب من دوار السبع بحرات ضمن المربع الأمني وسط مدينة القامشلي، ما أسفر عن ضحية واحدة في صفوف القوات المستهدفة، في الوقت الذي تُسخر فيه "الإدارة الذاتية" مختلفة تشكيلاتها العسكرية والإدارية والمؤسساتية في سبيل تطبيق حظر تجول شامل، بهدف منع تفشي فيروس كورونا في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
عبثية القتل لدى النظام
وفي السياق، كشف المركز الإعلامي لقوى الأمن الداخلي في شمال وشرق سوريا, في بيان عن استشهاد عضو من قواتهم وإصابة أخر في عملية اطلاق نار من قبل عناصر النظام السوري، وسط مدينة قامشلو/القامشلي ظهر السبت، وأشار المركز إن استهداف دوريتهم جاء دون معرفة الأسباب.
وقال المركز: "استهدف عناصر النظام السوري ظهر اليوم السبت 4 نيسان/إبريل الجاري، سيارة عسكرية تابعة لقواتنا في مدينة قامشلو، كانت في دورية مشتركة مع آلية تابعة لبلدية الشعب في مدينة قامشلو وفيها عدد من عمال النظافة، وسيارة أخرى تعمل في المجال الطبي للحالات الطارئة في ظل الظروف التي يعاني منها العالم من خطر تفشي فايروس كورونا، حيث كانت السيارة العسكرية التابعة لقواتنا تقل عدداً من أعضاء الأمن الداخلي، مما أسفر عن إصابة أحدهم بجروح نقل على إثر ذلك إلى إحدى المشافي، وارتقاء عضو آخر إلى مرتبة الشهادة متأثرا بجراحه".
اقرأ أيضاً: هل أبقى أردوغان رصيداً احتياطيّاً في خزانةِ تركيّا لمواجهةِ كورونا؟
وحمّل بيان قوات النظام السوري مسؤولية وقوع الحادث، بالقول: "ندين ونستنكر العمل الجبان الذي أقدم عليه عناصر تابعين للنظام، ونؤكد لعموم أبناء شعبنا بأن هكذا هجمات لن تثني من عزيمتنا وإصرارنا على تحقيق الأمن والاستقرار في مناطقنا وخدمة عموم شعبنا، وإن مسؤولية هذا العمل الإجرامي الجبان تتحمله قوات النظام".
وأثبت البيان أن القوى التابعة للإدارة الذاتية لم يكن لديها النية للإشتباك مع قوات النظام، كونها لا تملك الاستعداد لإدخال المنطقة في مواجهة النظام في ظلّ مساعيها لحصر مواجهتها مع وباء كورونا في الوقت الحالي، إلى جانب أن النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية، قد باتتا في المنطقة ذاتها، مع انتشار قوات النظام في المنطقة الحدودية شرق الفرات، عقب الهجوم التركي في التاسع من أكتوبر الماضي، والذي أجبر قسد على القبول بدخول قوات النظام والشرطة العسكرية الروسية، لمنع تمدد القوات التركية أكثر في مناطق شرق الفرات.
القتل وسيلة للتعبير عن الامتعاض
ومن الواضح أن النظام السوري يسعى لإفشال تجربة "الإدارة الذاتية" كونه يرى فيها تهديداً وجودياً على مركزيته، وبالتالي فإن نجاح "الإدارة الذاتية" بأي ملف وخاصة في ملف كورونا، وتمكنها من فرض حجر صحي شامل في مناطق سيطرتها، مقابل تسيب لا يزال بادياً في مناطق النظام السوري، وفشل النظام في إقناع القاطنين في مناطقه بجدوى الالتزام بتعليماته، قد بدى تحدياً للنظام، أمام التزام السكان في مناطق "الإدارة الذاتية" بالتعليمات الصادرة عنها، والتي ربما تعطي تفسيراً لرغبة النظام بالانتقام من دوريات تابعة لـ "الإدارة الذاتية"، تسعى لضبط الأمن وفرض الحجر الصحي في مناطقها، سواء في شرق الفرات أو في أحياء خاضعة لها في حلب، أو في مناطق تل رفعت ومحيطها، التي لا تزال يقيم فيها المهجرون من عفرين، ويتولون إدارة أمورهم بأنفسهم فيها.
اقرأ أيضاً: عندما يفشل “كورونا” في دفع السوريين لمُراجعة حساباتهم!
ويمكن التدليل على إنزعاج النظام من تجربة "الإدارة الذاتية" من خلال رفض التفاوض معها، رغم تأكيدها على سوريتها، وسعيها لحل سياسي في سوريا، إلا أن دمشق مُصرة على مشاهدة القضية من زاويتها، وفي أن الوطنية السورية محصورة في العمل تحت قبة النظام، ورفع علمه والولاء لرأسه المقيم في "قصر الشعب".
التناغم مع تركيا
ويتناغم موقف رئيس النظام السوري مع الموقف التركي من "الإدارة الذاتية" ورفض الاعتراف بها، أو إشراكها في الحل السوري، رغم أن الاخيرة تؤكد أنها باتت ممثلة لقرابة 5 ملايين سوري يقيمون ضمن مناطقها، ويتم إدارة أمورهم عبر سبعة إدارات ذاتية تجتمع في "عين عيسى"، وفي السياق، قال بشار الأسد في الخامس من مارس الماضي، إن بلاده لم ترتكب أعمالاً عدائية ضد الشعب التركي، وأنه لا يوجد خلافات بين البلدين!.
مضيفاً: "هناك عائلات سورية تركية، وهناك مصالح مشتركة حيوية، وأن التداخل الثقافي المتبادل حدث تاريخياً، وبالتالي فمن غير المنطقي أن يكون بيننا وبينهم خلافات جدية"، وخلال حديثه حول معركة إدلب، هدد بشار بتطهير المناطق الشرقية من سوريا، ممن سمّاهم "المسلحين" بمن فيهم القوات الأمريكية، وذلك بعد تحرير إدلب.
اقرأ أيضاً: عندما تُحوّل تركيا المياه إلى سلاح ضدّ سكان شرق الفرات!
وهو ما كان كلاماً صريحاً مفهوماً لتركيا، لكن مع الاختلاف في ترتيب الأولويات، فالخلاف بين الجانبين ليس حول (إدلب والكُرد)، وإنما حول مَن أولاً، ففي الوقت الذي يطالب فيه النظام السوري بحسم قضية إدلب أولاً ثم التوجه إلى شرق الفرات، يسعى الأتراك لقلب تلك الآية وحسم ملف شرق الفرات لصالح قوات النظام السوري على حساب "قوات سوريا الديمقراطية"، ومن ثم يمكن للجانبين الاتفاق على ملف إدلب، وهو ما أشار إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الحادي عشر من مارس، عندما قال: "أدعو النظام السوري وداعميه إلى تحرير ثلث سوريا من احتلال تنظيم (ي ب ك بي كاكا) الإرهابي، وعندما تتمكنون من ذلك، فإن حل الازمة القائمة في إدلب وباقي المناطق سيكون سهلاً".
وبالرغم من أنها قد تبدو حادثة عرضية، بين قوتين تتنافسان على إدارة منطقة واحدة، وتتشابكان في كثير من مناطق الشمال السوري بحكم المصلحة المشتركة، إلا أن الواضح أن تلك المصلحة بالنسبة للنظام السوري آنية ومرحلية، وهدفها تمرير أكبر وقت ممكن بغية إعادة بناء قوته وعقد الاتفاقات التي تمهد له الاحتفاظ بالسلطة، ولو كان ذلك على حساب ثلث البلاد، وما الطلقة التي أودت بحياة سوري لا يؤمن بمركزية سلطاته، إلا تذكير بنوياه التي لم تتغير في أي يوم من سنوات الصراع التسعة. ليفانت
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!