-
سوريا وتغيير الهوية
يتردّد بين الأخوة السوريين كلام خطير (كل واحد حط إيدو بإيد النظام بدو يحط راسو هاليومين) يعني الله يرحمه إما جسدياً أو سياسياً، من مشايخ وضباط وسياسيين وفنانين وصحفيين #كلن_يعني_كلن، كما يقال.
"قلك شو لأن هدول مطلعين على أسرار الأسد خلال سنوات الثورة والحرب والتشبيح والتعذيب والتنكيل والتعريص.. سميها متل ما بدك".
"من عاش في مطبخ الإمبراطور يجب أن يموت في مطبخ الإمبراطور".. حكم الإعدام هذا طبّقه الرومان في روما منذ ألفي عام ومازال يطبّق في دكتاتوريات العالم حتى يومنا هذا.. والمقصود به أن من حمل أسرار الدكتاتوريات يجب أن يدفن معها، لابد أن تموت الأسرار بموت أصحابها ولو كانوا من المقربين والمخلصين للنظام، هذا ما يدور في كواليس البؤرة الضيقة جداً والمحيطة بصاحب القرار وما يدور في ذهن السوريين من تحليلات قريبة من الواقع، ولخبرة أهل الدار بدارهم هم أعلم الناس بجحور الهوام وكم ضحية دفنت وكم قصة كتبت ونسجت بخيوط أوهن من خيط العنكبوت، لا يصدقها عقل ولا منطق، مثل مقتل صلاح جديد، رفيق الأسد الأب، وانتحار محمود الزعبي رئيس الوزراء، ثم انتحار القيادي في الاستخبارات غازي كنعان، وبعد الثورة المسلحة مقتل الشيخ البوطي والجنرال آصف شوكت، وغيرهم من نخبة المجتمع الكبار الذين غيبهم الموت فجأة، فضلاً عن التغييب والتهميش السياسي لعبد الحليم خدام سابقاً وفاروق الشرع من بعد الأحداث.
أما بالنسبة للوضع الديموغرافي والاجتماعي الداخلي ستتغير وتلغى أنظمة وتستبدل بما يرضي الحليف الإقليمي، أولاً، والحليف الداخلي من تيارات وفئات ساندت النظام بمليشياتها المجرمة.
وفي نهاية المطاف، وبعد أن يهدأ الجو لصالح النظام ستتغير هوية الدولة وتتغير القوانين وتوضع الشروط على يد المنتصر في الحرب، وكما يقال "صار الشغل عالمكشوف".
وعلى المهزوم أن يقبل كل ما يشترط عليه صاغراً وإلا سيخرج من البلاد بلا أسف أو يواجه الموت.. هذا واقع الحال الذي فرضته قوة النظام بدعم من القوى الإقليمية والدولية، هكذا الحروب الغبية التي يبدؤها الضعفاء مع أقوياء مجرمين بلا تفكير وبلا حساب وبلا تمكين، ولا يعلمون أين ستنتهي وعلى ماذا ستنتهي.
الآن، حتى منصب مفتي الجمهورية العربية السورية ذهب بلا رجعة، واُستبدل بمجلس يضم أعضاء من جميع الطوائف، تمهيداً لكسر شوكة الطائفة الكبرى بعد أن كان النظام يجامل، بل يقبّل أيدي رجال الدين من الطائفة ذات الغالبية الساحقة في بداية عهده، حتى أتت ثورة الإخوان الأولى في حماة، بثمانينيات القرن الماضي، فبدأ النظام يُضيّق الخناق على دائرة الإفتاء حتى تحول الوضع من الشراكة إلى خدمة النظام، وها نحن الآن نرى النكسة الأخرى للشعب السوري والغالبية الكبرى من الطائفة العربية السنية بفقد آخر معاقل البروز والهيمنة "الشكلية"، حتى الشكلية لم تعد موجودة بسبب رعونة صُنّاع الثورات الناقصة للكفاءة والقوة والسياسة والحليف الاستراتيجي.
المنتصر هو الذي يضحك في الأخير ولو كان "أزعراً" ويفرض شروطه، ويفرض هويّته، ويفرض قوانينه، والمهزوم الساذج عليه أن يتحمل وينفذ وإن كان صاحب حق ولكنه جهِل الطريق لجلبِ حقه.
كم تمنيت أنه عندما ضعفت شوكة النظام أثناء ضغط الجماهير والعالم والإعلام عليه وأصبح يبحث عن حلول وسط، وضع الثوار شروطهم بحضور دولي وعربي ولم يخسروا كل شيء،كما يحصل الآن من تغيير على جميع الأصعدة.
ليفانت - ياسين سالم
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!