الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
حلفاء أمريكا وخصومها.. قلق وحسابات بين (بايدن وترامب)
بايدن يفوز


تعيش الولايات المتّحدة ومعها العالم أجمع ساعات، وربما أيام عصيبة، إلى حين الإعلان عن السيد القادم للبيت الأبيض، سواء أكان الرئيس الحالي المرشح عن الحزب الجمهوري الأمريكي، دونالد ترامب، أم مرشح الحزب الديمقراطي الأمريكي، جو بايدن، فبجانب ما قد يحمله انتخاب كل منهما للأمريكيين أنفسهم، سيكون صدى ذلك التصويت هاماً على العالم أجمع، إن لصالح مواصلة سياسات ترامب التي يصفها البعض بـ”الانتهازية”، وإن لصالح وعود بايدن للعالم، وبشكل خاص منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، وبالذات في ظلّ المخططات التوسعيّة للقوى الإقليمية في طهران وأنقرة.


الاستطلاعات لا تحسم النتيجة


صحيح أنّ استطلاعات الرأي لا تستطيع تقديم النتيجة النهائية، لكنها قد تستطيع تخمين المنتصر، رغم أنّها أخفقت حتى في ذلك سابقاً، لكن وعلى العموم، فإنّ استطلاعات الرأي تصبّ بشكل كبير في صالح المرشح الديمقراطي، فقد كشف استطلاع وطني أمريكي، في الرابع عشر من أكتوبر الماضي، هيمنة الديمقراطيين على التصويت المبكر في الانتخابات الرئاسية 2020.


كما كشفت استطلاعات رأي، في السادس عشر من ذاك الشهر، أنّ أداء المرشح الديمقراطي، جو بايدن، في هذه المرحلة من السباق الرئاسي، أفضل من أداء هيلاري كلينتون في دورة 2016 بأكملها، وأفضل من الرئيس السابق باراك أوباما، وبحسب استطلاعات الرأي التي أجراها موقع “RealClearPolitics”، فإنّ نسبة المقترعين لبايدن في هذه المرحلة هي 51.5 في المائة، بينما الرئيس السابق، باراك أوباما، لم يصل أبداً إلى 50 في المائة في مجموع الاقتراع الذي أدّى إلى إعادة انتخابه في عام 2008.


تلك الاستطلاعات وغيرها الكثير، دفعت الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى قضاء الأسابيع الأخيرة المتضائلة من معركة إعادة انتخابه في موقع الدفاع بحسب المراقبين، وفي الأول من نوفمبر، كان ما يزال بايدن يحتفظ بتقدّم قوي على مستوى البلاد، لكن ورغم ذلك، أبقى ترامب آماله في الحفاظ على قدرته التنافسية في الولايات المتأرجحة التي يمكن أن تحسم السباق نحو البيت الأبيض، إذ تقدّم بايدن على ترامب بنسبة 51 بالمئة مقابل 43 بالمئة في أحدث استطلاع أجرته “رويترز/ إبسوس” في 27 و29 أكتوبر، لكن ترامب يبقى قريباً من بايدن فيما يكفي من الولايات الحاسمة لمنحه أصوات المجمع الانتخابي البالغ عددها 270، واللازمة للفوز بولاية ثانية.


روسيا وإيران ضمن الدائرة


وفي سياق ذي صلة، كانت إمكانات التدخل الروسي والإيراني في الانتخابات الأمريكية، شغلاً شاغلاً للساسة الأمريكيين، على طول الفترة السابقة، فقد اتّهم وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في الخامس عشر من أكتوبر الماضي، كلا البلدين، ومعهما الصين، بمحاولة التأثير على نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة من خلال “نشر معلومات مضللة”، وقال بومبيو، في حديث لإذاعة “KTAR Phoenix”: “هذه الجهود واقعية، هي تأتي من قبل الصين، من قبل إيران، روسيا كذلك تحاول نشر معلومات مضللة”.


وفي الواحد والعشرين من أكتوبر، أصدر ماركو روبيو، رئيس لجنة الاستخبارات بالإنابة في مجلس الشيوخ الأمريكي، ونائبه، مارك ورنر، بياناً مشتركاً، حذرا فيه من تهديدات تتعرّض لها انتخابات الرئاسة، وقال روبيو، وورنر في البيان: “يسعى خصومنا في الخارج إلى زرع الفوضى وتقويض إيمان الناخبين بمؤسساتنا الديمقراطية، بما في ذلك أنظمة الانتخابات والبنية التحتية التي نعتمد عليها لتسجيل وإبلاغ إرادة الناخبين بشكل صحيح”.


بينما أكّد مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، جون راتكليف، في الثاني والعشرين من أكتوبر، على توصل واشنطن إلى أنّ روسيا وإيران تتخذان إجراءات للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ونقلت وكالة “رويترز” عن راتكليف قوله، إنّ إيران أرسلت رسائل إلكترونية تستهدف “ترويع الناخبين والتحريض على الاضطرابات والإضرار” بالرئيس الأمريكي الحالي، الجمهوري دونالد ترامب، كما شدّد راتكليف بأنّ روسيا حصلت على بعض البيانات للناخبين الأمريكيين، وأضاف أنّ أجهزة الاستخبارات الأمريكية “رصدت التهديد وسارعت بالرد عليه”.


اما روسيّاً، فقد تطرّقت صحيفة “الغارديان” البريطانية لذلك بمقال، في الثاني والعشرين من أكتوبر، قالت فيه، إنّه لا انفراج في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا في الأفق، بغضّ النظر عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وذكر المقال أنّ موضوع “التدخل الروسي” في انتخابات 2016 لصالح دونالد ترامب تراجع في وسائل الإعلام الأمريكية أمام المواضيع الأخرى، مثل جائحة كورونا وطريقة تجاوب ترامب معها، ومظاهر العنصرية “البيضاء” والمشكلات الاقتصادية.


ونقلت الصحيفة عن كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، قوله إنّ روسيا ما زالت قادرة على التدخل في العملية الانتخابية الأمريكية، مضيفاً أنّ المكتب رصد “جهوداً روسية كثيفة” في هذا المسار، مشيراً إلى أنّ جهود موسكو تركّز على الإساءة لسمعة المرشح الديمقراطي، جو بايدن، وبحسب “الغارديان”، فقد فضّل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، “تأمين نفسه” ضدّ أي تطور سلبي، إذ إنّه رفض المشاركة في حملة ترامب ضد نجل بايدن، قائلاً إنّه لا يرى جريمة في أعمال هانتر بايدن في أوكرانيا.


الحلفاء قلقون كالخصوم


ولا يقتصر القلق على خصوم أمريكا، بل يتجاوزه إلى حلفائها، فقد هدمت سياسات ترامب الكثير من الأواصر والثقة بين أعضاء الناتو، وهو ما قالته “سودها ديفيد ويلب”، من مركز “صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة”، والتي نوّهت إلى أنّ “العلاقة عبر الأطلسي باتت فعلياً في غرفة الإنعاش”، مشيرةً إلى أنّ “الأوروبيين ينظرون إلى أمريكا ويعتقدون أنّ هناك العديد من المسائل الداخلية التي تفكك البلاد، وبالتالي كيف يمكنها أن تكون شريكاً جيداً في وقت كهذا؟”.


وأضافت بأنّه في حال فاز بايدن “فسيرى حاجة لإعادة إحياء العلاقات مع الحلفاء”، لافتةً إلى أنّ “ترامب بكل تأكيد أحدث هزّة”، وهو ما ذهب إليه “بروس ستوكس” من مركز “شاتهام هاوس”، والذي قال إنّه في حال إعادة انتخاب ترامب، فسيكون هناك “الكثير من الترقّب” في العواصم الأوروبية بانتظار “أربع سنوات أخرى عاصفة”، مردفاً: “إذا أردنا النظر إلى الجانب الممتلئ من الكأس، فلربما ساعدت رئاسة ترامب في تسريع الوحدة الأوروبية”.


وفي هذا الصدد، ذكر دبلوماسيون ومسؤولون، في العشرين من أكتوبر، أنّ حلف شمال الأطلسي يبحث عقد قمة مبكرة، في مارس، في بروكسل، للترحيب بالرئيس الأمريكي الجديد، في حال وصل المرشح الديمقراطي، جو بايدن، إلى سدّة الحكم في البلاد، وأضافوا أنّ الحلف سيعقد قمة في النصف الأول من العام المقبل إذا أُعيد انتخاب دونالد ترامب، رغم أنّه سيكون تعاملاً مع الواقع لا أكثر، فسبق أن قال ترامب إنّ التحالف الغربي “عفا عليه الزمن”، وإنّ بعض الحلفاء غير ملتزمين، كما أصدر تهديداً مستتراً، في يوليو 2018، بسحب الولايات المتحدة من الحلف، كما عمد إلى خفض القوات الأمريكية في ألمانيا، متّهماً برلين بالتقاعس عن الوفاء بمتطلبات الإنفاق الدفاعي للحلف وباستغلال الولايات المتّحدة في مجال التجارة.


ويرى الأوروبيون أنّ بايدن يمكن أن يمثّل تحولاً في السياسة الأمريكية، بعيداً عن أجندة ترامب المرتكزة على فكرة “أمريكا أولاً”، والتي قوّضت الأولويات الأوروبية في قضايا تمتدّ من المناخ إلى اتفاق إيران النووي، وذكر دبلوماسي في مقرّ حلف شمال الأطلسي في بروكسل: “معظم الحلفاء يرغبون في فوز بايدن، لكنهم سيعملون بالتأكيد مع إدارة ترامب إذا أعيد انتخابه”، بينما صرّح دبلوماسي ثانٍ بأنّ قمة تعقد في مارس “ستتيح لبايدن أساساً لإعادة أوروبا وأمريكا الشمالية كل منهما إلى الأخرى، وتتيح لحلف شمال الأطلسي أيضاً فرصة لتجاوز عهد ترامب”.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة








 




كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!