-
تصنيف الشعر العراقي واتجاهاته.. على ضوء النظرية النقدية الجديدة: التحليل والارتقاء
لمن نكتب؛ لمجتمع نحن معه، أو خارج سياقات الزمن والمكان؟ وماذا نكتب؛ هل أحاجي ملغزّة، أم ثقافة وأدب؟ وكيف نكتب؛ بعمق شفاف أم بسطحية منفرة؟ ولماذا نكتب؛ لكي يُقال نحن كتاب، أم هناك أهداف من وراء الكتابة؟ وما هو الغرض من الكتابة؛ هل لزيادة تراكمية معرفية إنسانيّة، أم مجرد لغوٍ لا يتعدّى الأسماع فقط، وإلاّ يكون ترك القلم في راحة أفضل بكثير؟
هذه التساؤلات طرحتها هنا، وفي أماكن أخرى غير هذا الكتاب، لكي نستفيد من بعض أجوبتها، ونضيف عليها، أو نطور الغاية منها حين نخوض في المجال النقدي بعيداً عن صراعات فارغة؛ بل من أجل الوصول للحقائق الكامنة فيما نطرحه كجيل من المهتمين بالكتابة، إن لم نقل من الكتّاب الساعين لخلق فاعلية مجتمعية تقترب من السعادة والفرح بالقدر الذي يسعى إليه الكاتب بطرح أفكاره الناصعة، لا الفكر الهدّام السوداوي كما عند البعض.
إنْ لم يُحترم القارئ بمسعاه لزيادة ثقافته، وامتاع ذائقته، ستكون تلك الهامشيات المكتوبة وبالاً عليه وعلى سعة الأدب ومساحاته اللامتناهية. من تلك الأسئلة أيضاً يمكن لنا ككتّاب الدخول لفضاءات التحليل نقداً لسبر أغوار الكتابات، ولإيضاح الحقيقة من وراء ما نكتبه ويكتبه الآخرون، ويصبح أمام الملأ، وهم من يقرّرون آخر المطاف كيف جاءت الكتابة شعراً، نثراً، أو نقداً.
إنّ أحد أسباب اللجوء لكتابة القصيدة بشكلها الآني اليوم هو التخلص من البحث عن كلمات معجمية صعبة المعاني، شائكة الفهم، من أيام الحطيئة وذي الرمة والفرزدق أو أبي العلاء المعري وغيرهم؛ رغم أنّ البعض ما زال يكتب بلغة فوقيّة الى حدٍّ ما بمفردات معمّقة، عربية ومعرّبة، ليستعين بتوضيحات وشروحات هامشية أسفل النص؛ أو مقال توضيحي لاحق، بعض النقاد استحسنها، وبعضهم رفض، لكن ليست هذه مشكلتنا الآن. من هنا صار التجديد واقعاً مطلوباً لابد منه، أي التخلص من المفردات غير المفهومة، ليثبت الشعر الجديد حضوره، لاسيما بعد مدرسة الشعر الحر (شعر التفعيلة)، وبقي بما يملك من فن التلاعب اللغوي محافظاً على لغته الأم (عبر الزمن)، رغم الابتعاد الطويل عنها، وتداخلها مع لغات أخرى ولّدت لهجات عامّية محليّة نسمعها في كل مكان، بات الكثير من كتاب القصة يكتبون بها رواياتهم مثلاً، لكنها لم ولن تغيّب العربية، وإن تكلمنا جميعنا بتلك اللهجات، كل حسب مدينته وبلاده.
وما يسمى بقصيدة النثر، في واقع الحال، هو تداخل شائك بين النصوص المترجمة الى العربية التي تفقد وزنها وموسيقاها جراء تلك العملية، وبين ما هو كائن جديد له سماته وخصائصه ودلالته الواضحة التي يعرفها بعض أصحاب الشأن من نقاد وشعراء ومتابعين.
من يقرأ نصّاً قراءة نقدية قبل سنين طويلة ضمن سياق القراءات المتعارف عليها، حينذاك، لا نستغرب إذا قال إنَّ قراءته قراءة مختلفة عن السابقات، لأنّها جديدة حسب رأيه، وكذلك من يسبقه بغيرها من السنين، ومن يلحق به بعد أعوام حين يقرأ نصّاً جديداً، وهكذا يمكن الاتفاق على أنّ كل جيل يقرأ قراءته المعاصرة بما يتلاءم مع عصره وثقافته وما أفرزت تلك الثقافة، ولا خلاف على ذلك، ولجعل النسق العام سائراً بوجهته الصحيحة المتفق عليها؛ ظهرت التسميات والاصطلاحات وفق اختيارات حداثوية متنوعة لتكون القراءات الحديثة معاصرة لزمانها، سواء بطبيعة اختلافية، أو متفق عليها ضمناً أو ظاهراً، وإذا صنّفنا الشعر العراقي اليوم ضمن أي اتجاهٍ حديثٍ نقول بشفافية:
إنّه مع سياق أشعار الحداثة التجديدية ذات العمر الذي لا يتعدّى عقدين أو ثلاثة، من نهايات القرن العشرين صعوداً، والشاعر العراقي ليس منفرداً كتب ذلك، بل مع الكثير من الذين نَحَو هذا المنحى، لكن اختيار الشعر العراقي جاء هنا كأنموذج بما فيه من مميزات أكثر ليس إلاّ، إضافة إلى أنَّ الباحث هو ابن البيئة العراقية ويعرفها أكثر من غيره البعيدين، ولعل الفرصة تسنح لقراءة أشعار كثيرة أخرى من العراقيين، ومن العرب على وجه التحديد، سواء من قبلنا أو من غيرنا المهتمين بهذا الشأن، وحتى الشعر الغربي لو سنحت الفرصة لمن يقرأه بلغتهم الأصلية.
ليفانت – سعد الساعدي
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!