-
تركيا توطّن مئات العائلات الفلسطينية في عفرين الكردية
بعد تدخل الاحتلال التركي بمدينة عفرين مارس العام 2018، وسيطرة الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، ما أدى إلى زرع الخوف بقلوب أهالي تلك المنطقة، والتهجير القسري من قبل الفصائل المسلحة التابعة للاحتلال التركي، وقعت مدينة عفرين تحت حكم الفصائل المسلحة، وأصبحت المنطقة تحت حكم الأمر الواقع لأنقرة والمليشيات المرتبطة بها.
ومنذ تدخل سلطة الاحتلال وسيطرتها على جغرافية عفرين، بدأت تنفيذ منهجيّة ”السياسة السكانية والترحيل القسري” عبر تحطيم هوية السكان المحليين، وتوظيف آلية الترحيل القسري، وتوطين المجموعات العربية السورية السنّية تحت غطاء إعادة إسكان اللاجئين والنازحين.
واقعياً، وبغرض تنفيذ هذه السياسة، تستخدم أنقرة مع فصائلها السورية المتشددة، سلاح الحرب والعنف ضد السكان بصورة ثابتة، لكنها في الوقت عينه، تستعين بوسائل أخرى من أجل تحسين موقعها، وهنا بالذات يجري تسخير المنظمات غير الحكومية الموالية للإخوان والحركات الجهادية السورية بالتنسيق مع الشركات التركية لتشييد القرى والجوامع والمدارس بغرض نهب الثروة وإحداث التغيير الديمغرافي والتطهير العرقي، مستغلة التمويل الذي يأتي من البنوك والمانحين الدوليين والجهات الشعبية، بذريعة تخفيف آثار الحرب القائمة على كاهل السكان والنازحين السوريين.
اقرأ أيضاً: الكهرباء تشعل لهيب التظاهرات بالمناطق الخاضعة لتركيا.. من عفرين للباب
والمفارقة تكمن في أنّ هذا التمويل يعاد استغلاله مجدداً عبر المؤسسات التركية والإخوانية السورية من أجل توسيع دائرة الاحتلال في شمال شرق سوريا، وقد كشفت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية قبل عدة أيام، بتقرير عبر موقعها قالت فيه: "انخرطت تركيا بإعادة توطين واسعة النطاق في عفرين، للاجئين العرب السنة السوريين المقيمين سابقاً في تركيا، وتزعم تركيا أنه تم نقل 330 ألف سوري إلى مناطق عفرين وأجزاء أخرى من شمال سوريا احتلتها تركيا في عمليات سابقة، منذ عام 2018".
وتضيف: "تنحدر معظم هذه العائلات من مناطق ذات أغلبية عربية سنية في سوريا، والتي خضعت لسيطرة المتمردين خلال الحرب الأهلية، ثم أعاد نظام الأسد السيطرة عليها، مثل ريف دمشق ومحافظتي حمص وحماة وجنوب إدلب، كما تم إعادة توطين عدد كبير من العائلات الفلسطينية التي حوصرت بسبب الحرب في عفرين، ووفقاً لتقرير صدر في 28 يناير/ كانون الثاني على موقع روناهي الإلكتروني (منفذ إخباري مرتبط بالسلطة الكردية في شمال شرق سوريا)، أعيد توطين 1535 عائلة فلسطينية في منطقة عفرين، وتنحدر هذه العائلات من مخيم اليرموك وخان الشيخ ومناطق أخرى جنوب دمشق".
وتتابع جيروزاليم بوست: "تشير صفحة "العيش مع الكرامة" على فيسبوك، إلى أن المنظمة لا تعطي الأولوية على ما يبدو لمصالح هؤلاء النازحين الفلسطينيين الذين أعيد توطينهم في عفرين، وبدلاً من ذلك، فإن المنظمة هي أحد المشاركين في الجهود التي تقودها تركيا لإدماج السكان العرب السنة الجدد على طول الحدود بين سوريا وتركيا، مسجد الشيخ خرز هو تفصيل صغير في استراتيجية تحول أكبر، تدعمها أنقرة، ويتم تنفيذها تحت رعاية الجيش الوطني السوري الإسلامي، والقصد من ذلك هو إحداث تغيير دائم في الهوية الديمغرافية والثقافية لعفرين العلمانية تقليدياً والمتعددة الأعراق".
اقرأ أيضاً: زعيمها قتل قربهم.. سكان عفرين الأصليون يتخوفون من تسلل داعش
وتردف: "ومن بين السكان غير السنة/ غير العرب المتبقين في عفرين، والذين تشكل مجتمعاتهم المحلية هدفاً لهذا الجهد، من أكثر السكان تعرضاً للقمع والفقر في سوريا، على سبيل المثال، موّل العيش بكرامة أيضاً بناء مجمع سكني للاجئين العرب يُعرف باسم بسمة، ويقع جنوب قرية شديرة الإيزيدية، على بعد 15 كم من الحدود السورية التركية، يتكون المجمع السكني المكتمل الآن من ثماني وحدات، بإجمالي 96 شقة، كل شقة 50 متراً مربعاً، كما تم بناء مسجد ومدرسة ومركز صحي للقرية الجديدة، ومنذ ذلك الحين، أعيد توطين حوالي 500 لاجئ عربي سوري هناك، تم بناء المجمع على أرض المواطن زياد حبيب، من سكان شديرة، الذي يدّعي أنه أجبر على بيع المنطقة".
وتستطرد: "ووفقاً لمصادر كردية، فإن السلطات في هذه المنطقة تجبر حالياً السكان الإيزيديين المتبقين في القرية على الالتحاق بالتعليم الإسلامي الإلزامي، كما يُطلب من السكان الإيزيديين تلاوة الشهادة (إعلان العقيدة الإسلامية)، ست قرى مماثلة قيد الإنشاء على طول الحدود السورية التركية، يبدو أن الهدف المحدد هو نثر السكان العرب السنة الموالين على طول الخط الحدودي، كجزء من التحول الديمغرافي الأكبر الجاري".
وتلفت: "الايزيديون، وهم من السكان غير المسلمين الناطقين باللغة الكردية في شمال سوريا وشمال العراق، تعرضوا لمحاولة إبادة جماعية على يد تنظيم الدولة الإسلامية في الفترة 2014-19، ويتهمهم المسلمون في المنطقة على نطاق واسع بأنهم "عبدة الشيطان"، ويظلون ضحايا للتحيز الواسع الانتشار، كما ساهم العيش بكرامة، بحسب وسائل إعلام إقليمية، في مصادرة أراض لمواطن كردي سوري في منطقة تل الطويل، ومول بناء مساجد في تل الطويل وقرية إكيدام، كل ذلك ضمن إطار أكبر، مشروع التحول المبين أعلاه".
اقرأ أيضاً: بذريعة انتحار الضحايا.. شكوك في عفرين حول أسلوب جديد للقتل
وتبعاً للصحيفة الإسرائيلية: "تطالب منظمة العيش بكرامة، على صفحتها في فيسبوك، بالتبرعات لمشاريعها الإسكانية في سوريا، والتي تشير إليها تحت عنوان مخطط "نوبل للإسكان"، يتضمن الإعلان الخاص بهذا المشروع تفاصيل حساب بنك هبوعليم الذي يمكن التبرع له، ومعلومات تفيد بأن تكلفة بناء وحدة سكنية واحدة تبلغ 16 ألف شيكل، وتشير صفحة فيسبوك الخاصة بالمنظمة إلى أنها تجمع الأموال لهذه المساعي في عدد من التجمعات الإسرائيلية العربية (أو فلسطينيي 48 كما تشير إليهم)، بما في ذلك كالانسوا وأم الفحم وجلجولية والطيرة".
وتلفت: "هذه الجمعية الخيرية الإسرائيلية العربية/ الفلسطينية هي مكون واحد في أرخبيل وأكبر المنظمات الإسلامية المشاركة في مشروع إعادة توطين اللاجئين العرب في عفرين، ومن بين هؤلاء منظمة الأيادي البيضاء، التي تتعاون معها "العيش بكرامة" عن كثب، هذه المجموعة، التي تأسست في عام 2013، وفقاً لموقعها على الإنترنت، تتعاون بدورها مع جمعيات خيرية مرتبطة بالإخوان المسلمين ومنظمات غير حكومية من الخليج، بما في ذلك مؤسسة الرحمة الدولية وبيت الزكاة ومقرها الكويت، وقطر الخيرية التي تتخذ من قطر مقراً لها".
وتشير إلى نشر وسائل الإعلام الموالية للنظام السوري وغيرها من المنافذ المناهضة لأردوغان، عدداً من المقالات حول عملية التهجير العرقي والتحول الديمغرافي، ولقد وجدوا، بشكل غير مفاجئ، طريقة لإلقاء اللوم على إسرائيل في ذلك، فأكد المعلق السوري خيام الزعبي، في كتابه على موقع "رأي اليوم" باللغة العربية، في حزيران/ يونيو 2021، أن إعادة توطين اللاجئين العرب في عفرين جزء من "مؤامرة صهيونية تركية لترحيل الفلسطينيين باقتلاعهم من الاحتلال عام 1948 إلى شمال سوريا، للاستيطان على حساب السوريين الإيزيديين وغير الإيزيديين، من أجل تنفيذ أجندتها لتدمير سوريا".
اقرأ أيضاً: فصائل تركيا تواصل سرقة آثار عفرين.. تجريف لتل مرانيا الأثري
كما اقترح حساب على تويتر باللغة الكردية مؤيداً لحزب العمال الكردستاني، أن الحكومة الإسرائيلية يجب أن "توافق" بالتأكيد على المساهمات المالية للجمعيات الخيرية الإسرائيلية العربية لهذا المشروع، ويأسف مقال باللغة العربية على موقع روناهي أن انخراط الفلسطينيين مع أردوغان والإخوان المسلمين "يتعارض مع جوهر قضيتهم العادلة".
وتختتم الصحيفة الإسرائيلية: "إن الإشارة إلى التناقضات ليس في غير محله تماماً. نفس الهيئات التي تدافع عن التهجير العرقي المزعوم في سياق ما تدافع عنه وتساعده في سياق آخر، ومع ذلك، هناك اتساق أعمق واضح هنا، تشترك الأنشطة الإسلامية في سوريا والجنوب في مكون أساسي، وهو الرأي القائل بأن الجاليات العربية والإسلامية وحدها موجودة في المنطقة ذات الصلة عن طريق الحق وبقوة أخلاقية، يُنظر إليهم وهم وحدهم على أن لهم الحق في حياة كريمة، قد تختلف التكتيكات وفقاً لميزان القوة المحلي ذي الصلة، ومع ذلك، يبدو أن وجهة النظر الأساسية هذه مشتركة في كلا السياقين الجغرافيين".
ليفانت - محمود حمي
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!