الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • تايوان الجرح الصيني المفتوح على رأس القضايا في قمة "التنين الأحمر والعم سام"

تايوان الجرح الصيني المفتوح على رأس القضايا في قمة
غواصة صينية في بحر الصين الجنوبي قرب جزيرة تايوان. شينخوا

جاء في الوثيقة/القرار المنشور من قبل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني مساء أمسِ الثلاثاء بعد يوم من عقد قمة شي بايدن، أن شي جينتينغ كان مهندس الإستراتيجية الحالية للصين "لحل قضية تايوان". لم تتضمن الوثيقة أو نهج القيادة أي خروج عن هدف بكين طويل الأمد المتمثل في "إعادة التوحيد السلمي" مع بلد الرقائق الإلكترونية الأول في العالم. ركّزت هذه الوثيقة المطولة التي نشرتها وكالة شينخوا الصينية بالكامل مساء أمسِ الثلاثاء على إنجازات الحزب الحاكم والقيادة الصينية ولاسيما شي جينتينغ الرئيس الحالي صاحب مبادرة الحزام والطريق."شينخوا"

بينما تدافع الصين بقوة ناعمة عن مصالحها ومبادرتها الاقتصادية الأخيرة في عالم مزدحم بالمنافسة التجارية، ولاسيما على الطرف الآخر من الأطلسي مع الولايات المتحدة لن يتوانى التنين الصيني عن الدفاع عن ما يعدّه خطاً أحمراً للبلاد في أمنها القومي المتمثل بمنطقة تايوان وسيطرة بكين على المضيق البحري بينما تكون الجزيرة تحت سلطتها. هذا ما توافق عليه بايدن وتشي في القمة الأخيرة التي بالرغْم من تمرير بايدن لعبارة(لتايوان الحق في أن تقرر مصيرها) اضطر إلى تداركها لاحقاً بتصريح بعيد القمة، فأكّد موقف بلاده لاحقاً التزامها بورقة 1989.

استغرقت القمة 3.5 ساعات، بين جو بايدن وشي جينبينغ، أكّد فيه بايدن أن الولايات المتحدة ستبقى وفيّة لسياسة "الصين الواحدة"، وجاء على ذكر ممارسات الصين في شينجيانغ والتيبت وهونغ كونغ وحقوق الإنسان بشكل عام". لكنّه كان معارضاً لكل محاولة "أحادية لتغيير الوضع الراهن أو الإخلال بالسلام والاستقرار في مضيق تايوان."

في المقابل، حذّر الرئيس الصيني، شي جينبيغ، من سعي الولايات المتحدة لتحقيق استقلال تايوان، ولاسيما أن السلطات التايوانية حاولت مرات عدة الاعتماد على الولايات المتحدة لتحقيق الاستقلال، والبعض في الولايات المتحدة يحاول استخدام تايوان للسيطرة على الصين. هذا الاتجاه خطير جداً وهو كاللعب بالنار، ومن يلعب بالنار سيحترق".

اجتماع هو الأول من نوعه لبايدن مع شي منذ تولي الأول وتنصيبه رئيساً في يناير 2021. إذ لم يخرج الزعيم الصيني شي جيان بينغ من الصين منذ سنتين بسبب جائحة كورونا. واعتذر عن عدم حضور قمة العشرين في روما مؤخراً.

تمهيد إعلامي قبل القمة

اعتبرت غلوبال تايمز الصينية في افتتاحيتها أول أمسِ الاثنين، أن هذا الاجتماع بادرة لمسار علاقات أكثر تطوراً في المستقبل بين القطبين الأكبر في العالم. لقاء الطرفين جاء وما يزال الخلاف مستمراً بين البلدين عبر سلة من القضايا بما في ذلك التجارة والتكنولوجيا والأمن والتجسس الصناعي وإقليم شينجيانغ، ولا سيما المِلَفّ الأكبر تايوان، الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي وتطالب بها الصين.

يذكر بيان البيت الأبيض إن الزعيمين ناقشا "الطبيعة المعقدة للعلاقات بين البلدين وأهمية إدارة المنافسة بمسؤولية". كما تبادل الرئيسان وجهات النظر حول التحديات الإقليمية الرئيسة، بما في ذلك قضايا كوريا الشِّمالية وأفغانستان وإيران.

قبل عقد الاجتماع الافتراضي، حذّر دبلوماسي صيني كبير الولايات المتحدة من التلاعب بـ "بطاقة تايوان" لاحتواء وتطويق البر الرئيس الصيني. جاء التحذير بعد العديد من سوء السلوك الأخير من قبل ساسة واشنطن، وتوقع الخبراء أن تكون قضية تايوان موضوعاً رئيسياً للقلق في الاجتماع هو ما ظهر اليوم من خلال بيانات الطرفين بعد انتهاء الاجتماع.

يتم اطّلاع وسائل الإعلام الحكومية مثل China Daily من قبل السلطات على قضايا مهمة مثل العلاقات الصينية الأمريكية وكانت دقيقة في عكس أولويات القادة الصينيين في تظهير ورسم الخطوط العامة للرؤية الصينية حول قضية اختصاراً للوقت في المحادثات حول الحديث بالعناوين والدخول إلى التفاصيل.

"قضية تايوان هي الخط الأحمر المطلق للصين"، هذا ما كتبته افتتاحية يوم الاثنين من قبل جلوبال تايمز، وهي صحيفة شعبية نشرتها صحيفة الشعب اليومية التابعة للحزب الشيوعي الحاكم. "غلوبال تايمز"

ذهبت الصحيفة "لإسداء النصح" للطرف الأمريكي بالاتجاه نحو تقليل مخاطر حدوث تصادم استراتيجي بين الصين والولايات المتحدة، ما يعني التراجع عن مسألة تايوان وإظهار ضبط النفس"، فقد سبق لتايوان أن تحركات نحو البحث عن صفقات أسلحة صواريخ أرض جو وعلّقت آمالاً على إشارات وتطمينات أمريكية وغربية، وهذا ما حذّر منه وزير الخارجية الصينية وانغ يي واشنطن فيما يتعلق بإرسال إشارات خاطئة إلى القُوَى المؤيدة للاستقلال في تايوان، في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين السبت المنصرم.

وقال وانغ إن قيادة الزعيمين أدّت دوراً محورياً في قيادة العلاقات الثنائية، وحث الولايات المتحدة على العمل في نفس الاتجاه مع الصين وإعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى مسار التنمية السليمة والمطردة.

أوضح وانغ موقف الصين الجاد رداً على أخطاء واشنطن الأخيرة بشأن قضية تايوان، قائلاً إنه يتعين على الولايات المتحدة الالتزام بالالتزامات التي تعهدت بها في البيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة، ووضع سياسة "صين واحدة" موضع التنفيذ، والتوقف عن إرسال إشارات خاطئة لقوى "استقلال تايوان".

لماذا تايوان خط أحمر

يقول الدكتور صلاح نيوف لـ "ليفانت نيوز" أن الصين ترى مسألة تايوان قضية نزاع داخلي لايمكن تدويله أو أن يكون إقليمياً، والصين ليس لديها أي استعداد للتفاوض مع أي جهة حول مِلَفّ تايوان، هذا أمر محسوم وأنّ تايوان غير خاضعة لأي تسوية مهما كانت". في 7 أكتوبر المنصرم بمناسبة الذكرى ال 110 لثورة 1911 التي أطاحت بآخر أسرة حاكمة صينية، أعاد الرئيس الصيني شي جينبينغ التأكيد بأن "إعادة التوحيد" حتمية مع تايوان بوسائل "سلمية".

لكن التلويح بخيار عسكري جرى في عدة مناسبات، في يناير 2019، حذر الرئيس الصيني، شي جينبينغ، تايوان من أن بلاده لن تتخلى عن خِيار استخدام القوة العسكرية لإعادة بسط سيادتها على جزيرة تايوان التي حكمها نظام مناهض لبكين منذ انتهاء الحرب الأهلية الصينية عام 1949، وإلى الآن ما تزال الطائرات الحربية الصينية تدخل في المجال الجوي التايواني للتذكير والتأكيد على نهج ووجهة نظر بكين.

حالياً، تتمتع تايوان الجزيرة التي تعترض طريق البر الرئيس الصيني حيث يتركز إنتاج الصين، بحكم ذاتي على الرغم من أن بكين تعدها إقليماً متمرداً على سلطة جمهورية الصين الشعبية الكبرى، و"لا يجب أن تتمتع بأي نوع من الاستقلال". وسبق أن قال الرئيس الصيني في خطاب له إن: "الطرفين- في إشارة إلى الصين وتايوان- يمثلان جزءاً من العائلة الصينية"، وإن مطالب استقلال تايوان كانت تياراً معاكساً للتاريخ لا مستقبل أمامه". بيد أن تايوان ترى أنها الأحق في حكم كل من تايوان وجمهورية الصين الشعبية.

تعدّ الصين المستهلك الأكبر للرقائق عالمياً، فمعظم ما ينتج عالمياً ينتقل ليستخدم ويجمّع ويركّب في الصين. ويتجاوز إنتاج تايوان 70 بالمئة، من الإنتاج العالمي لأشباه النواقل والموصلات في نطاق هو الأعلى من حيث الجودة. وتمثل أشباه الموصلات “النواقل” (Semi Conductors) ورقائقها، محور الطموحات التكنولوجية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة والصين بشكل متبادل، فكل شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى تعتمد على الرقائق الأميركية، في الوقت ذاته لا يمكن للشركات الأمريكية النجاح وتحقيق نمو من دون العملاء الصينيين.

منذ أشهر وأزمة نقص الرقائق الإلكترونية تشغل بال الدول الصناعية الكبرى، لتهديدها بخسائر كبرى في قطاعات عدّة، من السيارات إلى الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة والصناعات التحويلية عموما. كان بارزاً ما صرح به مسؤول كبير في جمعية صناعة أشباه الموصلات الصينية في 17 مارس/ آذار الجاري، وقوله إن العالم يمر بنقص غير مسبوق في الرقائق، بعد نمو مبيعات أشباه الموصلات 18% خلال العام الماضي. يقول تشو زي شيوي، رئيس الشركة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات، في تصريحات خلال مؤتمر “سيميكون الصين”: “يتعين علينا تعزيز تعاوننا، وأن نولي اهتماماً أكبر بالابتكار. هذه هي الطريقة الوحيدة حتى تتمكن صناعتنا من إدارة التحديات التي تواجهنا”.

الغموض الاستراتيجي

لدى واشنطن استراتيجية قديمة مع الصين ترجع جذورها لعام 1979 تسمى “الغموض الاستراتيجي”، هو توازن دقيق يهدف إلى تجنب استفزاز بكين أو تشجيع تايوان على إعلان رسمي للاستقلال يمكن أن يؤدي إلى غزو صيني. يقول د. نيوف لـ " ليفانت نيوز".

يُرجع د. نيوف ابتداع هذا المفهوم لعدم وجود اتفاقية دفاع مشترك بين تايوان وأمريكا تسمح لواشنطن بالتدخل العسكري في تايوان في حال تعرّضها للخطر.

اعتبر بعض الخبراء أن تأكيد الصين على تايوان وَسْط نِقَاط احتكاك أخرى يظهر إحجامها عن الانجرار إلى صراع مسلح مع الولايات المتحدة دون داع، بالرغْم من أقوالها وأفعالها الأخيرة، بما في ذلك إرسال عدد غير مسبوق من الطائرات إلى منطقة الدفاع الجوي التايوانية. ينص قانون الكونغرس لعام 1979 على أن “أي جهد لتحديد مستقبل تايوان بطرق أخرى غير الوسائل السلمية” سيكون مصدر قلق شديد للولايات المتحدة.

الصين

يولي مسؤولو إدارة بايدن المِلَفّ الصيني، اهتماماً خاصاً ولاسيما مسألة تايوان. ويحاولون تحديد ما إذا كان “الغموض الاستراتيجي” كافياً لحماية الجزيرة المعرضة للخطر بشكل متزايد من مخططات بكين.

يحذر المسؤولون الأمريكيون من أن الصين تزداد قدرتها على انتهاك ديمقراطية تايوان، التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 24 مليون شخص، وتقع على بعد حوالي 100 ميل من ساحل الصين حيث تشكّلت حكومة ما بعد الدولة الشيوعية عام 1949.

يعود الموقف الأمريكي من قضية تايوان إلى الصراع البحري في مضيق تايوان وحرية التجارة في المنطقة التي تمتلك فيها الصين قواعد اللعبة ويمكن أن تغييرها، ولاسيما أن الولايات المتحدة هي أول مزود للسلاح لتايوان. وهو ما أعلنه بايدن صراحة الشهر الفائت، لذا هناك نوع من الاتفاق الضمني بالدفاع عنها" يقول د. نيوف.

أزمة تايوان المستمرة لايمكن أن تؤثر على عَلاقة أمريكا المستمرة بالصين  

كانت الصين أكبر مستثمر في سندات الخزانة الأمريكية على مدى سنوات، إلا أن اليابان تفوقت عليها اعتبارا من يونيو/ حَزِيران 2019، بعد أن عصفت حرب تجارية بالعلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين. وتملك الصين احتياطيات نقدية هائلة تقدر بنحو 3.21 تريليونات دولار، يمثل الدولار الأمريكي الحصة الأكبر منها.

يقول د. نيوف: "ليس لدى أمريكا أوراق قادرة أن تلعبها ضد الصين فيما يخصّ تايوان لأنّ تعقيدات العلاقات التجارية الصينية الأمريكية أكبر بكثير، إذ يوجد استثمارات صينية كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك هناك ميل للتسوية دائما، فالسوق الأمريكي مهم بالنسبة للصينيين" على كل المستويات في الصناعات التجميعية الإلكترونية والكهربائية والتكنولوجية والقطاع الزراعي والأقمشة.. إلخ

اقرأ المزيد: قتيل والجرحى إلى 99 بزلزال في إيران… تضرر قرابة 80٪ من المنازل الريفية

يجب التفريق بين العلاقات الأمريكية الصينية والعلاقات الأمريكية الصينية داخل الأزمة التايوانية، أي إن أزمة تايوان المستمرة لايمكن أن تؤثر على عَلاقة أمريكا المستمرة بالصين.

إذاً السوق الأمريكية مهمة بالنسبة للصينيين وصولاً إلى أسواق الدول الآسيوية الحلفاء لأمريكا، بذات الوقت، لدى الصين استراتيجية واضحة جداً فهي حتى اليوم لم تغيير إستراتيجية القوة الناعمة الاستراتيجية الأكثر ثباتاً وصمودا، باستثناء المواجهات التي تتعلق بالملف الداخلي "بالإيغور"، فلن يكون هناك تغييرات واضحة وعميقة بالنسبة للملفات الساخنة. يقول د. نيوف

لاتريد واشنطن مواجهة كبيرة مع الصين والشيء الثاني أولويـتها للبناء الداخلي بطريقة جديدة، وهو ما رأيناه من إصرار إدارة بايدن برضى جمهوري على إقرار خُطَّة تنمية ودعم أقرّها الكونغرس وصلت لــ 1.200 مليار دولار. لا يوجد نزوع أمريكي لتسخين ملفات صدامية مع الصين بينما يلتفت العم سام للداخل في سياسة مستقبلية أكثر انعزالية لتقوية الداخل ورأب التصدعات والإجراءات المتعثرة في التنمية بالبنية التحتية. إدارة من بعيد لبؤر التوتر حول العالم وإشراك حلفاء في خريطة المشهد العالمي بأدوار أكثر وضوحاً.

عبير صارم_ وائل علي

ليفانت نيوز _ GLOBALTIMES_ CHINADAILY_ وزارة الخارجية الأمريكية _ شينخوا_ متابعات

 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!