-
بالوثائق.. استخبارات ألمانيا ترصد أنشطة الإخوان المشبوهة منذ 5 عقود
كشفت وثائق رسمية وتقارير صحفية ألمانية ملامح تواجد جماعة الإخوان وأنشطتها المشبوهة في الأراضي الألمانية، لافتة إلى أن الجماعة تخضع لرقابة الاستخبارات الداخلية منذ 5 عقود، وتعد أخطر على النظام الديمقراطي من تنظيمي "داعش" و"القاعدة".
كانت جماعة الإخوان قد وضعت أقدامها في ألمانيا في ستينيات القرن الماضي على يد القيادي بالجماعة سعيد رمضان، الذي شارك في تأسيس مسجد ميونخ، أول مسجد في ألمانيا.
1040 قيادياً وأنشطة مشبوهة
في وثيقة مؤرخة بـ2 فبراير 2019، كشفت الحكومة الألمانية للبرلمان ملامح وجود الإخوان في البلاد، حيث كتبت "تعد منظمة المجتمع الإسلامي الألماني أبرز وأهم منظمات الإخوان في ألمانيا"، مضيفة "تحاول المنظمة ترسيخ نفسها في المجتمع والسياسة في ألمانيا".
وتابعت: "تتفادى المنظمة ربط نفسها صراحة بالإخوان المسلمين، أو الخطابات المعادية للدستور علناً". وأضافت "في العلن، تلتزم منظمة المجتمع الإسلامي الألماني بالدستور والنظام الديمقراطي، لكن أهدافها تعادي الدستور والنظام".
كما لفتت الوثيقة إلى أن هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" تحدد عدد قيادات الإخوان الأساسية في ألمانيا بـ1040 شخص".
وفيما يتعلق بعدد المنظمات والمساجد المرتبطة بالإخوان في ألمانيا، ذكرت الوثيقة: "لا يمكن تقديم إحصاء دقيق حول المنظمات والمساجد المرتبطة بالإخوان المسلمين، لأن عدد كبير من المنظمات لا تربط نفسها علناً بالجماعة، كما أن ديناميات وتقلبات المشهد الإسلامي تحول دون توفر إحصاء دقيق".
أما حول الأنشطة التدريبية والتعليمية للإخوان الإرهابية في ألمانيا، قالت الوثيقة إن "المركز الإسلامي في ميونخ (جنوب) المرتبط بالإخوان، يتولى تدريب 120 تلميذاً وطالباً تتراوح أعمارهم بين 6 و20 عاماً".
وأضافت: "المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، وهو يعد منظمة مرتبطة بالإخوان أيضاً، ينظم حلقات تعليمية للبالغين بشكل دائم، لكن لا تتوفر معلومات عن الأعداد التي تحضر هذه الحلقات".
ووفق تقارير صحفية ألمانية، تتخوف السلطات الألمانية من المحتوى التعليمي الذي يتلقاه الأطفال والبالغين في مراكز تعليم وتدريب تابعة للإخوان، بسبب تحريضه على التطرف.
رقابة صارمة منذ 1970
في وثيقة أخرى مؤرخة بـ29 مارس 2019، أبلغت الحكومة الألمانية، البرلمان بأن "هيئة حماية الدستور"الاستخبارات الداخلية" على المستوى الاتحادي، وفروعها في ولايات البلاد الـ16، تراقب مؤسسات وأفراد محسوبين على الإخوان".
وتابعت الوثيقة أن الهيئة تراقب مؤسسات تابعة للإخوان في ألمانيا منذ عام 1970. وعادة ما تُخضع هيئة حماية الدستور، التنظيمات والأفراد الذين يمثلون خطراً كبيراً على الديمقراطية ويهدفون إلى تقويض النظام السياسي، لرقابتها.
ووفق الوثيقة، فإن المنظمات التابعة للإخوان في ألمانيا لا تربط نفسها بالجماعة في العلن. وضربت الوثيقة مثالاً بـ"مركز ساكسونيا للمؤسسات غير الربحية"، وهو منظمة مرتبطة بالجماعة اضطرت لتعليق أنشطتها بشكل كامل خلال السنوات الماضية، بعد أن بات معروفاً للعامة علاقتها بالإخوان.
أما فيما يتعلق بمصادر تمويل الإخوان، لفتت الوثيقة إلى أن الحكومة الألمانية "لا تملك أي معلومات عن الشركات الربحية التابعة للجماعة في ألمانيا، والأصول التي تملكها، كما لا تملك معلومات عن أرباح هذه الشركات"، مضيفة "الحكومة لا تملك معلومات حول مصدر وقيمة الأموال التي تتدفق من الخارج للإخوان في ألمانيا".
وحسب الوثيقة ذاتها، فإن ولاية هيسن وعاصمتها فرانكفورت، تعد مركز رئيسي للإخوان، حيث يتواجد بها 300 من العناصر القيادية للجماعة من أصل 1040 في عموم ألمانيا، فيما يتواجد في برلين وحدها 120 عنصراً، وفي إقليم بافاريا الجنوبي نحو 150 عنصراً.
أخطر من "داعش" و"القاعدة"
نقلت مجلة فوكس الألمانية عن تقرير هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" في ولاية شمال الراين ويستفاليا غربي ألمانيا، في أوائل 2019، أن جماعات الإسلام السياسي مثل الإخوان، لا ترتدي الأحزمة الناسفة ظاهرياً مثل تنظيم "داعش" أو "القاعدة"، ولكنها "محترفة في الخداع"، "وتعمل بكافة الوسائل من أجل تطبيق نظام حكم إسلامي في أوروبا، وتقبل في تحرك تكتيكي بالأساس، التواجد في نظام ديمقراطي كمرحلة انتقالية تسبق تحقيقها هدفها وتقويضها هذا النظام في وقت لاحق".
واستنتج التقرير أن "الإخوان تعد أخطر على النظام الديمقراطي ونمط الحياة في المجتمع الألماني من تنظيم (داعش)، وتنظيم (القاعدة)، على المدى الطويل".
وتابع التقرير أن الإخوان يستخدمون الاندماج الجيد في المجتمع كاستراتيجية لتحقيق أهدافها، بما في ذلك إقامة علاقات قوية مع أجهزة الدولة والسياسيين والكتّاب ومنظمات المجتمع المدني، والظهور بشكل نشيط في الإعلام.
وفي 11 نوفمبر الماضي، قال رئيس هيئة حماية الدستور في ولاية شمال الراين ويستفاليا، بوكهارد فراير في مقابلة مع صحيفة فرانكفورتر الغماينه الألمانية "خاصة": "ظاهرياً، تؤكد الإخوان أنها تريد التكيف مع النظام الديمقراطي، لكنها تتبنى أيدلوجية مختلفة تماماً سراً"، مضيفاً "لذلك نصنّف الإخوان بأنها جماعة غير دستورية".
ووفق تقييم لفرع هيئة حماية الدستور في ولاية ساكسونيا السفلى جنوبي ألمانيا، فإن "الهدف الأساسي لجماعة الإخوان هو السيطرة على الجاليات المسلمة في ألمانيا، وفرض ايدلوجيتها عليها"، متابعة "عناصر الإخوان في ألمانيا نادراً ما يظهرون في المناسبات العامة ويعملون بسرية، فيما تعمل المنظمات التابعة لهم على التحريض السياسي".
وأضافت الهيئة أن الإخوان في سعيها للإطاحة بالحكومات واستبدالها بحكم ثيوقراطي إسلامي "حكم ديني"، تتبع أساليب منها الاختراق الثقافي للمجتمعات، وإذا اقتضى الأمر العنف. ومضت قائلة "الإخوان الذين يعيشون في ألمانيا يعرّضون المصالح الخارجية لجمهورية ألمانيا الاتحادية للخطر".
الإخوان والمنظمات التركية.. علاقات مريبة
في خطوة مفاجئة، أقر "كاظم توركمان"، رئيس منظمة ديتيب الإسلامية التركية التي تنشط في ألمانيا، في أكتوبر الماضي، بوجود قنوات اتصال مع جماعة الإخوان الإرهابية.
ونقلت مجموعة فونكة الإعلامية الألمانية على موقعها الإلكتروني عن توركمان قوله: "هناك قنوات اتصال مع الإخوان"، مضيفاً "أعتقد أنه من المنطقي إجراء حوار مع الجماعة".
ومطلع العام الماضي، شارك ممثلون للإخوان في مؤتمر نظمته منظمة ديتيب التركية في المسجد الكبير في كولونيا غربي ألمانيا، وأفضى لتشكيل ما يسمى ب"المجلس التنسيقي" للمسلمين في أوروبا، وفق صحيفة راينشه بوست الألمانية الخاصة.
وتعمل ديتيب بأمر مباشر من النظام التركي، وتعد ذراع أساسي لتحقيق أهدافه في ألمانيا. ووفق مركز الدراسات التابع للبرلمان الألماني، فإن "ديتيب مرتبطة بشكل مباشر بمديرية الشؤون الدينية (ديانيت) التى تخضع لإشراف مباشر من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
ومن ثم، فإن تحالف الإخوان وديتيب في إطار المجلس التنسيقي الجديد للمسلمين في أوروبا، هو بالأساس وسيلة جديدة لأردوغان لتحقيق أهدافه في الأراضي الألمانية.
وفي تصريحات خاصة لـ"ليفانت نيوز"، قال أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة فيينا النمساوية "حكومية"، رودجر لوللكر إن "الإخوان وديتيب عضوان في شبكة مشبوهة تضم أيضاً منظمات إرهابية مثل داعش"، مضيفاً "أردوغان يستخدم هذه الشبكة كذراع طولى لتهديد أوروبا وتحقيق مصالحه ونشر أفكاره في المجتمعات المسلمة في القارة الأوروبية".
دعوات لـ"وقف الحوار" مع الجماعة
وفي رد فعل طبيعي على تكشف أدوار وأنشطة مشبوهة للإخوان خلال 2019، طالب الخبير الألماني في شؤون التنظيمات الإرهابية، سيغريد هيرمان مرشال، الحكومة الألمانية، بوقف أي حوار بين المؤسسات الرسمية في ألمانيا وجماعة الإخوان خلال الفترة المقبلة، مضيفاً في تصريحات صحفية "جماعة الإخوان لا تتغير".
ولفت مارشال إلى أن تنظيم الإخوان "معادي للدستور والنظام الديمقراطي"، متوقعاً أن يعاني التنظيم ضغوطاً كبيرة في 2020 بسبب مواقفه وأنشطته المعادية للقانون في ألمانيا.
الإخوان تتراجع تحت الضغط
قال غورديان ماير بلاث، مدير هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية"، في ولاية ساكسونيا جنوب شرقي ألمانيا، في يناير الماضي إن الإخوان تراجعت في ألمانيا، ولم تعد تملك نفوذاً كبيراً على المجتمعات الإسلامية.
وأوضح ماير بلاث في تصريحات موقع "آر تي إل" الإخباري الألماني "تراجع الإخوان بشكل كبير"، موضحاً "توسع الجماعة لم يعد له نفس الديناميكية كما كان من قبل".
وأضاف: "الإخوان لم تعد تستطيع التأثير على حياة المسلمين هنا بشكل مستدام"، متابعاً: "نعم، يتردد على مساجد الجماعة نحو ألف شخص في يوم الجمع في مدينة لايبزغ على سبيل المثال، لكن ليسوا جميعاً مؤيدين لها، وربما هم مؤمنون عاديون يذهبون لهذه المساجد لعدم وجود بدائل".
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!