الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
السويداء: هل بدأت الفتنة؟
السويداء: هل بدأت الفتنة؟ (ليفانت نيوز)
لم يسبق وأن عاشت السويداء وضعاً مشابهاً لما تعيشه الآن. فلا يكاد يمضي يوم إلا وتسمع إما عن خطف لأحد أفراد فصيل ما أو اشتباك واحتكاكات بين قوى تتبع لجهات مختلفة، وكأنه بات من الصعب التحكم بالأوضاع وإبقاؤها كما كانت دائماً تحت السيطرة.

فالجهات التي كان باستطاعتها نزع فتيل الاشتعال دائماً، سواء كانت أهلية أو دينية، لم يعد بقدرتها ممارسة هذا الدور لأنها أصبحت طرفاً في المعادلة، وانحيازها لأحد الأطراف أفقدها دور الوسيط والمرجعية، والتي كما يقال "بتمون على الجميع".

مع ظهور (حزب اللواء السوري) وجناحه العسكري (قوة مكافحة الإرهاب) وبسبب الغموض الذي رافق هذا الظهور، وشح المعلومات عن الجهات الخارجية التي تتبناه والشكوك بدور إسرائيلي فاعل من جهة الدعم، فاستعدى بذلك الكثير من الجهات الفاعلة على الأرض والمرجعيات الأهلية والدينية، حتى قبل أن يبدأ نشاطه.

السويداء..

استغلّت أجهزة النظام الأمنية هذا الوضع على أكمل وجه لتؤلّب ضده، وتحديداً ضد جناحه العسكري، كل أذرعها، والمعروفة بإجرامها وقذارتها، كفصيل الدفاع الوطني والعصابات المرخصة والقوية التي تتبع لها، وأعلنت عن نيتها اجتثاث (قوة مكافحة الإرهاب) التابعة لحزب اللواء السوري، والتي بدورها لم توفر فرصة للقيام بأقبح الأعمال التي تؤجّج نار الفتنة، كحادثة بلدة المزرعة، وقتل اثنين من عشائر بدو السويداء عبر التنكيل بجثة أحدهم وتعليقه في ساحة البلدة، والآخر تم قتله تحت التعذيب، وأفرجت عن الثالث، بعد أخذ اعترافاته على الطريقة الأمنية السورية.

الحادثة أثارت زوبعة من الاحتجاجات والرفض لسلوكها المشين الذي كاد أن يحرق الجبل بفتنة داخلية لولا تدخل وضغوط العقلاء من الجانبين. ولكن المحير، والذي يدعو إلى الريبة والشك، بدور ووظيفة قوة مكافحة الإرهاب، وهذا الإصرار على افتعال الحوادث الخطيرة، والتي تعي تماماً أنها لن تمر ببساطة وستؤدّي لاقتتال وفتنة داخلية، كما حدث يوم السبت، بتاريخ 4/9/2021 في قرية (الحريسة)، المتاخمة للبادية في ريف السويداء الشرقي، عندما فتح عناصر هذه القوة النار على تجمع لفصيل الدفاع الوطني الذي قرر عقد اجتماع له في هذه القرية، مما أدّى لإصابة أربعة عناصر من فصيل الدفاع الوطني بالعيارات النارية، والاستيلاء أيضاً على بعض آلياتهم العسكرية.

استنفر على أثر هذه الحادثة الفصيل والأجهزة الأمنية والعصابات المؤازرة، وأقاموا الحواجز على مداخل مدينة السويداء، وقاموا باختطاف شبان من تلك القرية (الحريسة) وهم في طريقهم إليها لشكهم بتبعيتهم (لقوة مكافحة الإرهاب).

اقرأ المزيد: درعا وتغير معادلات الأرض

اجتمع على أثر حادثة الاختطاف شبان من تلك العائلات في ساحات وشوارع السويداء بكامل عتادهم مطالبين بالإفراج عن المختطفين بلغة الرصاص التي طغت على كل أصوات العقل المطالبة بالتريث وعدم التصعيد لكي لا ننجر لمقتلة لا تبقي ولا تذر.

اقرأ المزيد: جرائم العنصرية.. تركيا غير آمنة على السوريين

كل هذا لا يقود إلا إلى استنتاج وحقيقة مفادها: إن هناك ودون شك يد خفية تلعب وتتلاعب بكل هذه الأطراف المتناحرة لتحقيق غايتها، والتي لن تكون إلا عبر الاقتتال الداخلي في السويداء، والذي سيصب في المحصلة النهائية لصالح المشروع الذي يرسم للجنوب السوري. وما يحدث في درعا، ويحدث وسيحدث في السويداء، يدلل على مخطط اتّخذت الجهات الوصائية العليا القرار بشأنه، وما على الأهالي في المحافظتين إلا عيش مخاضه المؤلم اليوم، وإن كان كل منهم على طريقته.

ليفانت - سلامة خليل

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!