-
وسط اقتصادٍ متأزم وانعدام الثقة.. خطوات جديدة للتهدئة في السودان
يعيش السودان وضعاً اقتصادياً وأمنياً حرجاً منذ إنهاء المجلس العسكري ترتيبات لتقاسم السلطة استمرت عامين مع ائتلاف سياسي مدني بعد الإطاحة بعمر البشير في 25 أكتوبر، فيما تلوح بالأفق مساع دولية وسياسية للخروج من المأزق وسط أنباء عن اتفاق يفضي لاستحواذ الجيش على السلطة المدنية، ما يزيد من انعدام الثقة خلافات وسجال قد يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويطيل في عمر الأزمة.
ألمح رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في تصريحات إلى خطوات لتهدئة التوتر في البلاد، معرباً عن استعداده للتنحي في حال اتفاق القوى السياسية على ذلك.
من بين تلك الخطوات تسريع الخطوات الخاصة بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وهو جرى فعلاً، فقد كشف البرهان خلال إفطار رمضاني بمنزل عضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا، الجمعة 15 أبريل، عن إجراءات سيتم اتخاذها خلال 48 ساعة بهدف تهيئة المُناخ للحوار، بما فيها الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين.
إلى جانب، مراجعة حالة الطوارئ بالبلاد، مع الإبقاء على بعض البنود الخاصة بحالة الاقتصاد وغيره.
تصريحات البرهان جاءت، خلال إفطار رمضاني، أدلى به الجمعة 15 فبراير، قال:"نحن مقبلون على مرحلة صعبة يجب أن نقدم كلنا فيها تنازلات من أجل البلد" مشيراً إلى تدهور الوضع الاقتصادي والأمني. وأضاف "مستعدون أن نقدم ما يمكن لتهيئة المناخ للحوار".
وجاءت هذه الخطوات، وفق البرهان، في سياق تنازلات قدمتها بعض الجماعات السياسية للتوصل إلى اتفاق.
مسودة اتفاق يعزز سلطة الجيش
ومنذ أوائل أبريل/نيسان الجاري، وردت أنباء عن وجود مسودة اتفاق أعدته الفصائل المتحالفة مع الجيش السوداني لتشكيل حكومة انتقالية، من شأنه تعزيز سيطرة الجيش على مقاليد الأمور، وتجاوز الجماعات المؤيدة للديمقراطية التي كان يتقاسم معها السلطة قبل انقلاب أكتوبر/ تشرين الأول.
اقرأ أيضاً: البرهان: مستعدون أن نقدم ما يمكن لتهيئة المناخ للحوار
ويتضمن الاتفاق، وفق رويترز، بعض الخطوات التي أشار المجلس العسكري بالفعل إلى أنه سيتخذها مثل تعيين مجلس وزراء تكنوقراطي وبرلمان وتسمية هيئة قضائية وانتخابية. إلى جانب إطلاق سراح السجناء السياسيين كإجراء لبناء الثقة. وتقدر جماعات حقوق الإنسان أن المجلس العسكري يحتجز مئات السجناء السياسيين، بمن فيهم قادة قوى الحرية والتغيير.
ويحظى الاتفاق بدعم بعض الأحزاب السياسية المتحالفة مع الجيش، والمتمردين السابقين الذين وقعوا اتفاق سلام في 2020، وبعض الزعماء القبليين والدينيين.
وحسب مركز الدراسات الاستراتيجي الأمريكي ستراتفور، يسعى الجنرال "عبد الفتاح البرهان"إلى زيادة الدعم للاقتراح مع أكبر حزبين تقليديين في السودان هما "الحزب الاتحادي الديمقراطي" و"حزب الأمة". وبالفعل، أدلت أطراف مختلفة من كلا الحزبين ببيانات تشير إلى أنهما قد يدعمان الاقتراح.
يوطد الاقتراح من مكانة الجيش باعتباره السلطة العليا في السودان، لينحرف بشكل حاد عن تقاسم السلطة بعد الإطاحة بالبشير، والمنصوص عليه في إعلان دستوري ظل نقطة مرجعية حتى بعد الانقلاب.
وبالفعل فإنّ للجيش شبه احتكار للسلطة السياسية، وقد يعتمد الصفقة دون الموافقة المطلوبة دستوريًا من الفصائل السياسية والمواطنين. حسب الموقع نفسه.
انهيار اقتصادي
وحسب مراقبون، من المرجح أن يمهد توطيد القوة العسكرية عبر حكومة انتقالية معيّنة الطريق لانتخابات غير عادلة وانسحاب محتمل لبعثة الأمم المتحدة. كما أنّه قد يسرع من الانهيار الاقتصادي، وعلى هذا، زيادة تدفق اللاجئين عبر الحدود السودانية.
وسبق أن اشترطت الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية، قيام حكومة بقيادة مدنية كشرط أساسي لاستعادة مليارات الدولارات من المساعدات الاقتصادية الدولية التي تم تعليقها بعد انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021.
في المقابل قد تعوّض مصر ودول الخليج النقص في الدعم، ويعد استقرار السودان في مصلحة استثمارات دول الخليج، بينما تشترك مصر والسودان في معارضة سد النهضة الإثيوبي.
كانت وكالة السودان للأنباء قد ذكرت أواخر الشهر الماضي، أن البنك المركزي تلقى ودائع من السعودية والإمارات، دون أن تحدد أحجامها، وأنه سيضخ للبنوك عملة صعبة من أجل تلبية طلب العملاء. لكنّ رويترز أشارت إلى أنه لا يوجد ما يشير إلى أي إيداع خارجي. ومع ذلك، فإن الدعم من دول الخليج ومصر لن يعوض خسارة المساعدات الغربية.
اقرأ أيضاً: السودانيون يستذكرون إسقاط البشير.. و"الانقلابيون" يقتلون متظاهراً
وتدهور الاقتصاد السوداني منذ الانقلاب الذي وقع في أكتوبر/تشرين الأول الماضي وتسبب في تعليق التمويل الدولي، وفقد الجنيه السوداني إثره أكثر من ربع قيمته. وتعاني البلاد من نقص مزمن في العملة الصعبة.
مبادرة أممية للحل ورفض لقوى التغيير والإصلاح
وتأتي تصريحات البرهان الأخيرة، بعد أيام من مبادرة طرحتها الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا "إيغاد" في 12 أبريل الحال، تضمنت 4 محاور أساسية لحل الأزمة السياسية في السودان.
تشمل المحاور التي طرحتها الآلية على رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ترتيبات دستورية وتحديد معايير اختيار رئيس الحكومة، وصياغة خطة للانتخابات.وبلورة برنامج عمل يتصدى للاحتياجات العاجلة للمواطنين، وصياغة خطة محكمة ودقيقة زمنيا لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة".
كما تسعى الآلية لبناء توافق سياسي على أوسع نطاق ممكن، دون إقصاء، وعلى أساس روح التراضي ومنهجية التدرج والاستمرارية في النقاش حول قضايا أربع أساسية". حسبما ورد في بيان للمتحدث باسم الآلية الثلاثية السفير محمد بلعيش
وأكد فريق العمل المشترك للآلية الثلاثية على "وجوب توفير الإجراءات الضرورية لتهيئة مناخ الحوار، بما فيها إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين ورفع حالة الطوارئ وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان". وتابع "قريبا سيطّلع الشعب السوداني على أخبار سارة تُثلج الصدر".
في المقابل، أعلنت "قوى الحرية والتغيير" (الائتلاف الحاكم سابقا)، الخميس، 14 أبريل، أنها لن تمضي في أي عملية سياسية دون إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإلغاء حالة الطوارئ.
اقرأ أيضاً: السودان والانقلاب.. الاستقرار غائب حتى ينفذ البرهان محاوره للحلّ
وكانت الأحزاب السياسية التي أيدت بقوة انتفاضة 2019، ولجان مقاومة الأحياء التي تقود الاحتجاجات الحالية، رفضت علانية الحوار مع الجيش، وطالبته بالانسحاب من الحياة السياسية.
ما يزال غياب الثقة يلقي بظلاله على المشهد السياسي السوداني، وسط محاولات للخروج من المأزق الاقتصادي والأمني، ومع الحديث عن اتفاق يعزز استحواذ الجيش على السلطة الأممية، ويزيد من تعقيد الأزمة، رغم وجود أمل ولو كان ضئيلاً بأن تعيد المبادرة الأممية إجراءات بناء الثقة للخروج بحلول ترضي كافة الأطراف السياسية للخروج.
ليفانت نيوز_ خاص
إعداد وتحرير: عبير صارم
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!