-
اعتذار ماكرون وانتخاب الأسد دولياً
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كيغالي، عاصمة رواندا، أنه يطلب المغفرة من الشعب الرواندي عن الدور الذي لعبته فرنسا في مجازر عام ١٩٩٤، أي بعد ٢٧ عاماً على بدء ارتكاب التطهير العرقي بحق سكان البلاد من التوتسي. وصرح بالقول أنه جاء إلى رواندا "للاعتراف بمسؤولياتنا" في الإبادة الجماعية، التي حدثت عام 1994.
كما أوضح الرئيس الفرنسي، أن "فرنسا وقفت إلى جانب نظام قاتل وإجرامي في رواندا.. نحن كلنا تخلينا عن مئات الآلاف من الضحايا وتركناهم لهذه الدائرة الجهنمية".
قبل 27 عاماً وخلال فترة لا تتجاوز 100 يوم، قُتل ما يقارب على 800.000 شخص وتعرضت مئات الآلاف من النساء للاغتصاب. وقتل في هذه المجازر ما يقدر ب75% من التوتسيين في رواندا، على يد نظام مدعوم من الهوتو.
ماكرون الذي بدأ سلسلة اعتذارات عن جرائم فرنسا في حقبتها الاستعمارية والاستعمارية الجديدة المستمرة حتى الآن من الشعوب التي احتلتها فرنسا وفعلت فيها ما فعلت. سبق هذا الاعتذار، اعتذار ماكرون من أهل الجزائر أيضاً. الغريب في الموضع عاد ماكرون ليلعب نفس الدور الذي لعبته فرنسا في رواندا، لكن مع الشعب السوري في تواطئه، لا بل دعمه أحياناً لنظام الإبادة الأسدي مع الشعب اللبناني والشعب العراقي واليمني، أيضاً في تواطؤ كريه مع نظام مجرم وفاشي مثل نظام الملالي في طهران. هذا التواطؤ الذي يتم على حساب الشعب الإيراني أيضاً. حيث ماكرون يقود حملة شرسة منذ سنوات من أجل إعادة تأهيل هذا النظام الفاشي، أمريكياً ودولياً، عبر الضغط على أمريكا من أجل العودة للاتفاق النووي، وإعطاء نظام الملالي شيكاً على بياض، كما يقال، في التنكيل بشعوبنا.
ماكرون الذي دخل على بوابة إنهاء الثورة السورية دولياً، من خلال تصريحه الشهير ليبرر تواطئه مع الأسد عندما قال" الأسد عدو لشعبه وليس عدواً لفرنسا". لم يمضِ عام على حملة ماكرون من أجل ترميم صورة حزب الله في لبنان بعد جريمة المرفأ. حزب الله الذي قتل من اللبنانيين والسوريين عشرات الآلاف. كان على ماكرون أن يعتذر لو كان صادقاً، حيث ما يزال يدعم استمرار محنة شعوبنا، وخاصة محنة شعبنا السوري مع نظام قاتل.
ماكرون اعتذر بنفس يوم ما سمي بانتخابات الأسد في سوريا، حيث أصدرت الدول الواجب عليها الاعتذار بياناً لوزراء خارجيتها يذر الرماد في العيون، مفاده أنّ انتخابات الأسد "غير شرعية"، يذكرنا بتصريحات أوباما الدموي بأن الأسد فقد شرعيته. الأسد فقد شرعيته وسمح لروسيا ولإيران ولحزب الله بقتل شعبنا مع الأسد، وكان يمرر العملة الصعبة لنظام الأسد بطرق شتى ملتوية. أوباما الذي حول سوريا إلى ملف أمنى ساخن من جهة، وملف سياسي وحقوقي بارد أو نائم بمعنى آخر. تستحق خطوة ماكرون في رواندا احترامها. لكن هل تكفي أم أنّ ماكرون ينتظر رئيساً فرنسياً لاحقاً بعد ثلاثين عاماً كي يعتذر لشعوبنا وخاصة الشعب السوري؟
المفارقة هذه الأيام، تقارب بعض البلدان العربية مع الأسدية هو تقارب مع أمريكا، وإسرائيل، وروسيا، وإيران. لا داعي لذكر التفاصيل، العودة العربية بموافقة أمريكية، لأن الاستراتيجية الأوبامية المستمرة هي تأهيل الجريمة الدولية- الأسدية وتبليغ العالم لها يحتاج وقتاً أمريكياً، خطوة خطوة. القصة ليست مسحة رسول. وزراء غربيون يصدرون بياناً يرفض شرعية انتخاب الأسد. هذا جزء من الموال الأوبامي. خلال سنوات الثورة السورية تعرض الشعب السوري لأكبر عملية تزوير في تاريخ الشعوب، من قبل هذه الدول الموقعة على بيان عدم شرعية انتخابات الأسد. حيث دول الغرب، وخاصة أمريكا المتحكمة بملفات المنطقة، لها لوبيات داخل كل شعب مهمتها تزوير الوقائع لدعم السياسة الأمريكية القاتلة في سوريا. لقد اختبرت السياسة الأمريكية في سوريا عدة مرات منذ قيام الثورة. آخر هذه الاختبارات هو التواجد الأمريكي في الجزيرة السورية منذ ست سنوات، الذي يرفض دعم مؤسسة المنطقة بعيداً عن الأسد، لا بل يجاوره ويسمح للنفط ان يتدفق إليه. انتخاب الأسد دولياً تم بزعامة أمريكا، التي لم تستخدم وسيلة ضغط حقيقة واحدة على هذا النظام منذ انطلاق الثورة عدا قانون قيصر، الذي تريد إدارة بايدن تنويمه كباقي الملف السوري. إدارة بايدن الساعية لإعطاء شرعية ما لإيران في المقتلة السورية، ولروسيا وللأسد معاً.
اعتذار ماكرون من التوتسي وبيان الخارجيات لبعض الدول الأوروبية ومعهم أمريكا عن عدم شرعية انتخابات الأسد، ما هي إلا مزيد من الدم والمستقبل الأسود لشعبنا السوري.
ليفانت - غسان المفلح
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!