الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • أنس العبدة.. رئيس (الجبهة الوطنية التقدمية) المعارضة

أنس العبدة.. رئيس (الجبهة الوطنية التقدمية) المعارضة
أنس العبدة

 خاص – ليفانت 


 


 




لم يكن يدور في خلد السوريين الذين انتفضوا في آذار 2011 بثورتهم ضد ظلم وفساد النظام السوري، الذي حوّل سوريا إلى مزرعة له ولأفراد عائلته وحاشيته وأجهزة الاستخبارات، التي تعد على السوري أنفاسه، أن ترث معارضته السياسية التي تزعمت المشهد السياسي السوري المعارض، نفس الفساد والمحاصصة والتشبث بالمناصب حتى الموت، مستنسخين تجربة (القيادة القطرية لحزب البعث) التي تحولت إلى الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية، والذي تتحكم به الدول الراعية تحت راية جماعة الإخوان المسلمين السورية، والتي عاثت فساداً ومحسوبية داخل هذا الجسم المعارض الذي حصل في يوم ما على اعتراف دولي.


 




عندما خرج السوريون في جمعة (المجلس الوطني يمثلني) في 7/10/2011، كان الهدف اجتماع كل الشعب السوري الي يرفض ممارسات هذا النظام القاتل خلف قيادة سياسية تحاور المجتمع الدولي، للوصول إلى حل لإنهاء ماساة الشعب السوري، لكن هذا التمثيل الذي اقتنصه بعض المتسلقين على جسد الثورة، استطاعوا تحويله إلى مصالح شخصية هدفها المناصب والحصول على الدعم المالي الدولي باسم السوريين لتضخيم ثرواتهم المالية، دون الالتفات لمآسي الشعب السوري التي باتت تحفر عميقاً في حياتهم اليومية.


استبشر السوريون خيراً بعد توحد القوى الثورية مع المجلس الوطني ضمن جسم معارض أوسع وهو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، إلا أن الوجوه ذاتها، والتي كانت عبارة عن عالة على جسد الثورة في المجلس الوطني للتنقل الائتلاف، ومع كل توسعة جديدة في الائتلاف، كان هناك مجموعة من المتسلقين يدخلون إليه لإعاقة العمل بشكل أكبر من ذي قبل، وكان من أبرز هذه الوجوه “أنس العبدة” الذي استلم رئاسة الائتلاف الوطني السوري عدة مرات.



من هو أنس العبدة؟ 



في لعبة سياسية باتت مكشفوفة لكل السوريين، انتقل أنس العبدة لرئاسة هيئة التفاوض بدلاً عن نصر الحريري، الذي انتقل بدوره لرئاسة الائتلاف بدلاً عن أنس العبدة، الذي ولد في دمشق عام 1967، ثم درس الجيولوجيا في جامعة اليرموك بالأردن وتخرج منها. حصل على درجة الماجستير في الجيوفيزياء، بعد ذلك انتقل إلى بريطانيا وعمل هناك في الإدارة التقنية، حيث يعرّف عن نفسه أنه  معارضاً للنظام الحاكم في سوريا منذ شبابه على الرغم من خروجه من سوريا طفلاً مع عائلته كحالة استثمار كانت معروفة عند بعض المتسلقين.


أسس العبدة حركة العدالة والبناء السورية المعارضة في لندن عام 2006 حيث يرأسها إلى يومنا هذا، والتي تتشابه بشكل غريب بالاسم بينها وبين (حزب العدالة والتنية) التركي الذي يرأسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان و (حزب العدالة والحرية) المصري الذي كان واجهة إخوان مصر في فترة حكم محمد مرسي لمصر، بمعنى أن الانتماء الإخواني الذي ينفيه العبدة بات مكشوفاً بشكل كبير، ولكن النفي دائماً للوصول إلى مصالح بعيدة عن الدول التي تحظر جماعة الإخوان.


ينكر العبدة علاقته بجماعة الإخوان المسلمين، والتي دعمته في جبهة الخلاص التي تأسست بالشراكة بين النائب السابق لرئيس النظام السوري عبد الحليم خدام، وجماعة الإخوان المسلمين في سوريا بقيادة المرشد علي صدر الدين البيانوني، وبحسب مصادر إعلامية عديدة، تخلت عنه جماعة الإخوان بعد تلقيه أموالاً من عدة جهات أميركية لتمويل قناة بردى في بريطانيا، حيث رات في هذا التمويل تمرد على المرشد الذي يجب أن يكون هو فقط من يدفع ليفرض أجندته.


ترأس إعلان دمشق الذي تأسس عان 2005، وانضم للمجلس الوطني السوري بعد قيام الثورة السورية عام 2011، وكان أحد مؤسسي الائتلاف الوطني الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية عام 2012، لعب دوراً “فاعلاً” بسبب تحالفاته بتشكيل هيئة المفاوضات عام 2015، ثم ترأس الائتلاف للمرة الأولى في آذار عام 2016 خلفاً لخالد الخوجة.



تأسيس قناة بردى الفضائية.. أولى ثمار التحالفات!



سرّب موقع ويكيليكس الإلكتروني، أن الأموال الأميركية بدأت تتدفق على شخصيات سورية معارضة خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وذلك بعد تجميد العلاقات السياسية مع دمشق عام 2005، بحسب ما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير صادر عنها في نيسان عام 2011.


وجاء في تقرير واشنطن بوست أنه لم يتضح ما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال تموّل جماعات معارضة سورية، لكن البرقيات تشير إلى أن الأموال تم تخصيصها بالفعل على الأقل حتى سبتمبر/أيلول 2010. ولم تعلق وزارة الخارجية الأميركية على استفسار من الصحيفة بشأن البرقيات المسرّبة.


المزيد  مصطفى الصبّاغ.. الموالي الذي تحكّم بالمعارضة السورية وعمل على تشتيتها (الجزء الأول)


وأضافت الصحيفة أن البرقيات تظهر أن وزارة الخارجية الأمريكية حولت نحو 6 ملايين دولار منذ عام 2006 لصالح منفيين سوريين بهدف إدارة قناة معارضة تبث من لندن تسمى بردى، إضافة إلى تمويل أنشطة داخل سوريا، وبحسب مصادر إعلامية نفى أحد منتجي البرامج في قناة بردى أن تكون واشنطن مولت قناة بردى، مضيفاً أن تمويل القناة يأتي من رجال أعمال سوريين في داخل سورية وخارجها.




أنس العبدة.. تحالفات مشبوهة على حساب دم السوريين



لهث “أنس العبدة” خلف كرسي رئاسة الائتلاف طويلاً عبر تحالفات وتنازلات عدة، حتى حظيّ به بدعم من جماعة الإخوان المسلمين الذي يدعي عدم الانتماء لها، حيث استمر رئيساً للائتلاف على مدى دورتين متتاليتين دون انجازات تذكر، أو مواقف بمستوى المأساة السورية اليومية التي بات التهجير القسري وتدمير المدن عنواناً بارزاً لها، ولعل أهم ما يميّز الرجل، أنه احتل أهم المناصب في المعارضة السورية ولكن بلا إنجازات تذكر حتى أن البعض لا يذكره كثيراً في الحياة السياتسية السورية لولا تعريف المنصب قبل اسمه، وعلى الرغم من جولاته وتصريحاته التي يطلقها حول محاسبة النظام السوري، إلا أن الأحياء الشرقية من حلب التي قصفت بكل أنواع الأسلحة، سقطت، أو ربما سُلّمت، بصفقة ما بفاتورة دُفعت من دماء السوريين، الذين باتوا بين قتيل ومعاق ومشرد، وهو على كرسي الائتلاف بلا أي موقف حقيقي سوى تصريحات ممجوجة لا تغضب حلفائه مهندسي الصفقات.



تبادل “الطرابيش” تثير سخرية السوريين 



أثار تبادل السلطة بين أنس العبدة ونصر الحريري سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أظهرت معظم التعليقات استغراباً من عملية تبادل الأدوار بينهما، واقتصارها على شخصين فقط.


حيث شهدت انتخابات الائتلاف الوطني تبادل لطرابيش السلطة بين شخصيتين حولها عشرات علامات الاستفهام، من فساد إلى تحالفات مشبوهة وتمسك بالسلطة دون انجازات تذكر، وكان الانتخاب المرشح الوحيد نصر الحريري لرئاسة الائتلاف، خلفاً للعبدة، الذي تولى منصب رئاسة “هيئة التفاوض” التي كان يرأسها الحريري مثيراً لسخرية السوريين، حتى أن البعض وصفهم بـ(أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث) في طريقة تبادل الأدوار، وفور انتشار الخبر، بدأ رواد مواقع التواصل بنشر التعليقات الساخرة على صفحات موقع “فيسبوك”، وكتب أحدهم: “بتوجهات السيد الرئيس بشار الأسد تعيين أنس العبدة رئيساً للائتلاف الوطني المعارض، ونصر الحريري رئيساً لهيئة التفاوض المعارضة.. تقبل التبريكات في مقرات المعارضة السورية في اسطنبول وغازي عنتاب”.


المزيد  سهير الأتاسي لليفانت..أخطائي لم تكن كبيرة جداً وأهمها التعاون مع وسام طريف


ونشر مدوّن آخر على فيسبوك صورة تجمع بشار الأسد ونصر الحريري وأنس العبدة كتب عليها تعليق (هكذا تنظر الأسود) في تهكم واضح على إبدال صور ماهر الأسد وحافظ الأسد بصور الحريري والعبدة.


لعل أنس العبدة ليس لديه تبرير كافِ لطريقة تبادل الأدوار مع نصر الحريري، أو أنه غير مهتم بهذا التبرير كونه غير معني بالسوريين أصلاً، حتى ولو كان هو يرأس مؤسسة تدعي تمثيلهم، في واقع الأمر هو يريد أن يرضي داعميه في الدول الإقليمية، وعلى رأسها تركيا وقطر الرعاة اللإقليميين لتنظيم الإخوان المسلمين، الذين باتوا يتحكمون بمؤسسات المعارضة بقوة النفوذ التركي، وروسيا التي ترى المصالحات مع الكتائب العسكرية بمباركة الائتلاف وهيئة التفاوض، ويتحولون إلى “وضع المزهرية” عندما تحرق الطائرات الروسية المدن والقرى السورية فيما يسمى (الهندسة الديمغرافية) التي وافق عليها الائتلاف حتى يرضى عنه الداعم وينمو حسابه البنكي بشكل فطري على حساب دم السوريين. 


 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!