الوضع المظلم
السبت ٣٠ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • أحزاب الإسلام السياسي أكثر خطورة على الوطن العربي من إسرائيل

أحزاب الإسلام السياسي أكثر خطورة على الوطن العربي من إسرائيل
حذيفة المشهداني

إن سبب خطورة الإخوان تكمن في أن الخطاب العلماني يجعل الأمة تستنهض قواها وتتعزز مناعتها، أما الخطاب الإخواني فهو خطاب ملتبس يجعل الأمة تفقد مناعتها، ويتوضح لكل متابع أن الإخوان عبر تاريخهم لم يكونوا سوى اسفنجة تخدم الحكام والغزاة عبر امتصاص ثورة الجمهور وتوجيه شحنة الغضب في الأمة إلى مسارات تؤدي لاحقاً إلى تحويل أمة المليار إلى قطيع يتصالح مع الدياثة، وخير مثال على مانقول هو ذلك الشعار التافه السفيه الذي رفعه إخوانجية العراق حينما كتبوا (لنجاهد الأمريكان بالطاعة في رمضان)، وشعار سلمية إخوانجية مصر.


ولكي نبتعد عن التعويم تعالوا معي نقرأ مايقوله (ريتشارد) الغنوشي التونسي، إذ يقول الغنوشي في حوار أجرته معه (DW) في برلين على هامش تسلّمه جائزة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر، وفي معرض جوابه على سؤال "هل يمكن لحزب إسلامي كالنهضة أن يصبح في يوم ما حزباً مدنياً على غرار الحزب المسيحي الديمقراطي في ألمانيا؟ فأجاب الغنوشي قائلاً: "هو يسير في هذا الإتجاه، في إتجاه التعايش مع فكرة الديمقراطية والتعددية، وهذا جوهر المشروع النهضوي الإسلامي التونسي، كما حدث في الثقافات المسيحية واليهودية والبوذية والهندوسية، حيث تعايشت صور من تفسيرها مع الدولة المدنية والديمقراطية، وعندما كان الإسلام المعتدل حاضراً في الساحة، لم تكن في البلاد لا قاعدة ولا داعش ولا أنصار الشريعة، وهذه الظاهرة وجدت عندما حورب الإسلام المعتدل، وجاء في محله إسلام متطرف، تماماً مثلما يحدث الأمر عندما تحارب السلعة الجيدة فتنتشر السلعة المغشوشة والفاسدة. ولذلك اعتبر أن الجواب الحقيقي عن إسلام التطرف هو الإسلام الديمقراطي.


ترى ماهو الإسلام الديمقراطي الذي يبشّر به الغنوشي؟!

بعد أحداث سبتمبر وما أعقبها من اجتياح أمريكي لأفغانستان واحتلال العراق، شعرت الولايات المتحدة بوطأة الكارثة التي استفحلت وأصابت حلفاءها من التنظيمات المتطرفة الإسلامية النابعة للإخوان المسلمين، والتي باتت تهدد شرعيتهم لصالح تنامي التأييد الشعبي للفكر الجهادي. هنا أدركت الولايات وحلفاءها أنهم مطالبين بالبحث عن معالجات سريعة وتكتيكية واستراتيجية لتجفيف الإرهاب، فكانت انطلاقة العديد من المؤسسات الاستخبارية والبحثية للوصول إلى حلول، وبالفعل فقد تم استنفار مؤسسات علم النفس وعلم الاجتماع والتاريخ، تسندها المؤسسة الإعلامية والدعائية عبر العالم، وتم بالتزامن مع ذلك تجنيد الحكومات العربية ومشايخ ووعاظ السلاطين، وكانت الخطة تتطلب حملة منظمة يقودها وعاظ السلاطين لاصدار الفتاوى ونشر قيم جديدة تجعل من الجمهور يغادر الفكر الجهادي بل ويصطدم معه، وفي ذات الوقت انبثقت عن المؤسسات البحثية الأمريكية مجموعة من ورش العمل للبحث في الوسيلة الأنجح للانتصار في المعركة مع الفكر الجهادي. وكان من أخطر الدراسات التي اعتمدتها الإدارة الأمريكية كمنهج ودليل عمل، هي تلك المتعلقة بمفهوم الإسلام الديمقراطي.


واسمحوا لي أن أقتبس لكم أيها السادة بعضاً مما جاء في بحث يسلط الضوء على دراسة أعدتها مؤسسة راند الأمريكية، ومن الجدير بالذكر أن من قام بأعداد هذه الدراسة هي زوجة "زلماي خليل زاد" الذي يعتبر من زملاء بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، ومن أهم طاقم الإدارة الجمهورية في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش. إن هذا التقرير وهو بعنوان: (الإسلام الديمقراطي المدني: الشركاء والمصادر والاستراتيجيات)، وقد تم إعداده بواسطة «مؤسسة راند»، ومقرها في الولايات المتحدة، وبتمويل من مؤسسة (سميث ريتشاردسون) المحافظة، وهي مؤسسة تمويلية تقدم ما يزيد على مائة مليون دولار للمنظمات البحثية والجامعات. ويقول ميلت بيرد; الذي أمضي أكثر من ثلاثين عاماً من حياته العملية في المخابرات الأمريكية: (الإخوان المسلمون هم الطرف الأقوي في حل المشكلة مع تنظيمات مثل القاعدة).


ومن هنا كانت لقاءات ضباط المخابرات الأمريكية مع الإخوان المسلمين، ويقول «فوكوياما» أن «نوع الإسلام» الصحيح لا يمكن أن يتفق مع الحداثة، والقضية الأساسية هي إمكانية وجود دولة علمانية تجعل الإسلام بين حيطان أربعة، فالمطلوب تطويع الأمة وهذا ماقاله "البابا بندكت ال16 (على الإسلام أن يندمج مع القيم الديموقراطية،وكل ما لايندمج يكون إسلاماً متطرفاً)، وهذا ماقاله أيضاً "برنارد لويس" منذ ربع قرن عندما كتب عام 1990 مقالاً تحت عنوان "جذور الغضب الإسلامي"، ووصف الإسلام وبوضوح أنه لا يتوافق مع نظام القيم الغربية، ولكي يكون مقبولاً فعليه أن يتماشى مع منظومة القيم الغربية وخصوصاً الديمقراطية منها... هنا تكمن خطورة الأخوان.. وهنا في هذا السياق نفهم معنى الديمقراطية ومنبعها عند الغنوشي.


د.حذيفة المشهداني

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!