الوضع المظلم
الخميس ١٨ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • واشنطن والضاحية الجنوبية.. مواجهة متعددة الأوجه مع المدّ الإيراني

واشنطن والضاحية الجنوبية.. مواجهة متعددة الأوجه مع المدّ الإيراني
واشنطن والضاحية الجنوبية ليفانت نيوز

ليس مستغرباً حالة العداء التي تكنها مليشيا حزب الله اللبنانية، والتابعة عملياً لطهران، للولايات المتحدة، على اعتبار أنهم يعدون واشتطن رائدة قوى الاستكبار العالمي (وفق منظورهم)، في مشاعر تبادلها واشنطن للمليشيا، التي لا تختلف عن المليشيات المؤتمرة إيرانياً في العراق، وعليه، تجد واشنطن نفسها مع مواجهة مباشرة مع القوى الإيرانية المنتشرة في مجموعة من البلاد العربية، من ضمنها دول يوجد للولايات المتحدة فيها قوات عسكرية، كما هو الحال مع سوريا والعراق.


اقرأ أيضاً: إسرائيل والنووي الإيراني.. خط أحمر قد يدفع للضربة العسكرية المنفردة

وجودٌ يعتبر قطع المد الإيراني من طهران إلى الضاحية الجنوبية في بيروت، أحد مبرراته الرئيسية، خاصة إن ما علمنا إلى إسرائيل، العدوة المفترضة لطهران، تسعى جاهدةً هي الأخرى لقطع أو تحجيم المد الإيراني الزاحف نحوها، إن كان بالضربات الجوية والصاروخية للقواعد والمليشيات التابعة لإيران في سوريا، أو عبر تشجيع واشنطن على البقاء في منطقة التنف الحدودية بين العراق وسوريا، والتي لا يوجد ما يبررها إلا ذلك، وفق المعروف.




حزب الله وإيران/ أرشيفية حزب الله وإيران/ أرشيفية

واشنطن ومواجهة حزب الله سياسياً


وإن كانت إسرائيل تجد حرية واسعة في استهداف المليشيات الإيرانية في سوريا، كونها توجد في مواقع شبه معروفة، ومن السهل تحييدها، فإن المعادية تبدو أصعب من ذلك في لبنان، التي تنتشر فيها مليشيا حزب الله في المناطق السكنية بشكل واسع، وسبق أن حذر الجيش الإسرائيلي لبنان من تحويل مليشيا حزب الله للأحياء السكنية إلى مستودعات للسلاح، وعليه فإن مواجهة المليشيا تأخذ صوراً أخرى تتكفل بها الولايات المتحدة بشكل أو بآخر، ومنها في الجانب السياسي، عبر محاولة إنقاذ لبنان من السياسات التدميرية للمليشيا، نتيجة وضعها لبنان بأسره، في خانة الراهن على المصالح الإيرانية، ومنها الدعوة التي وجهتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، في بداية أكتوبر الماضي، إلى واشنطن، بغية "المساعدة في معالجة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، وتجنب المزيد من الاضطرابات".


اقرأ أيضاً: كورونا و”حركة النهضة”.. برهان آخر على عدم صلاحية الإخوان للحكم

حيث جاء في تلك الرسالة الموجهة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، والتي وقعها النائب غريغوري دبليو ميكس (ديمقراطي من نيويورك)، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، ومجموعة من 24 عضواً ديمقراطياً آخر في اللجنة: "نكتب للتعبير عن قلقنا العميق إزاء الأزمات الاقتصادية والسياسية المتفاقمة في لبنان، والتي تزعزع استقرار البلاد وتشكل مخاطر واضحة على المنطقة الأوسع"، مطالبةً بـ"اتخاذ إجراءات أمريكية فورية وهامة من أجل معالجة معاناة الشعب اللبناني ومنع لبنان من الانهيار الاقتصادي".


بجانب تسليطها الضوء على "الخطر الذي تشكله شبكات الجريمة العابرة للحدود الوطنية، والتهديدات الأخرى، بما في ذلك حزب الله"، محذرة من أن "روسيا وإيران قد تستغلان تفتيت الدولة والمجتمع اللبناني لمصلحتهما الخاصة"، مقترحين أن يتبع بلينكن أربع خطوات، هي: "إنشاء برنامج مساعدة مالية للحكومة اللبنانية المقبلة، وتخصيص الأموال لاحتياجات اللبنانيين المستضعفين، والمساعدة السياسية لضمان بقاء حزب الله بعيداً من الجيش اللبناني، وتحقيق مستقل بقيادة الأمم المتحدة في انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020".


مواجهة عسكرة حزب الله للبنان


لكن المليشيا لا تستكين بطبيعة الحال للإرادة الدولية واللبنانية الجمعية، بل تصر على أخذ البلد الصغير نحو هاوية المواجهة العسكرية الممكنة مع إسرائيل، نيابة عن إيران، وبالصدد نقل موقع INTELSky عن الاستخبارات الأمريكية، أن "حزب الله اللبناني قد يمتلك نظامين للدفاع الجوي ويمكن تفعيلهما قريباً، وهما (بافار -373) وهو إيراني الصنع، و(بانتسير) وهو روسي الصنع"، وهي أسلحة ستستخدمها المليشيا حكماً فيما بعد، وربما تحديداً ضمن محاولة إيران إعاقة الضربات التي تطال مليشيات في سوريا بين الفينة والأخرى.


كما لعبت المليشيا على وتر الأزمات الاقتصادية التي تسببت بها في لبنان، من خلال الاستئثار بمصير الدولة، بغية الترويج أكثر لإيران كمنقذ للبنان، عبر جلب صهاريج من مادة المازوت، من إيران، في ظل الشح الذي يعانيه لبنان منذ فترة من تلك المادة الحيوية، وهي خطوة نددت بها الولايات المتحدة، واصفةً إياها بـ"لعبة العلاقات العامة"، محذرةً من أن استيراد الوقود من دولة تخضع للعقوبات لن يحل أزمة المحروقات الحادة التي يعاني منها لبنان.


اقرأ أيضاً: الليرة التركية.. عندما يدفع الشعب ثمن عدوانية السلطة

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس في الثامن من أكتوبر، إن "استيراد الوقود من بلد خاضع لعقوبات عديدة مثل إيران، ليس فعلاً حلاً مستداماً لأزمة الطاقة في لبنان"، مضيفاً: "برأينا هذه لعبة علاقات عامة يلعبها حزب الله وليست محاولة منه لإيجاد حل بناء للمشكلة"، و"نحن ندعم الجهود الرامية لإيجاد حلول شفافة ومستدامة لمعالجة مشكلة النقص الحاد في الطاقة والوقود في لبنان".


كما لاقت تلك الشحنات تنديداً لبنانياً، حيث انتقد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي دخولها بلاده من دون المرور بالمؤسسات الرسمية، وقال ميقاتي يومها: "أنا حزين على انتهاك سيادة لبنان، ولكن ليس لدي خوف من عقوبات عليه، لأن العملية تمت بمعزل عن الحكومة اللبنانية".


وبالفعل، لم تكتفي واشنطن بعدم فرض عقوبات، بل أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها تخصيص مساعدات إضافية إلى الجيش اللبناني، وصرحت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي فيكتوريا نولاند، في الرابع عشر من أكتوبر، بأن واشنطن ستقدم دعماً إضافياً بقيمة 67 مليون دولار إلى الجيش اللبناني، مشيرةً إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع السلطات اللبنانية والبنك الدولي ومنظمات إغاثية بغية مساعدة لبنان في احتواء الأزمة الاقتصادية العميقة وأزمة الطاقة التي اندلعت على خلفيتها، كما شددت على أن ما تعرضه إيران من دعم للبنان في مجال الطاقة ليس سوى "فرقعة إعلامية".


اقرأ أيضاً: تجنيد القصّر بمناطق “الإدارة الذاتية”.. المُعضلة المُنفّرة والمُبررات المُفرّغَة

وختاماً، فإن تنفيذ واشنطن للوصفة المقدمة من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، ومكونة من أربع نقاط، وهي: المساعدة المالية، مساعدة احتياجات اللبنانيين المستضعفين، ضمان بقاء حزب الله بعيداً عن الجيش اللبناني، وتحقيق مستقل بقيادة الأمم المتحدة في انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020، ستكون كفيلةً بتعرية المليشيا أمام اللبنانيين، الذين ضاقوا ذرعاً بممارستها.


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!