الوضع المظلم
الجمعة ٢٩ / مارس / ٢٠٢٤
Logo
  • عندما يضحى الفيروس الصيني أمريكياً بفعل استهتار ترامب!

عندما يضحى الفيروس الصيني أمريكياً بفعل استهتار ترامب!
عندما يضحى الفيروس الصيني أمريكياً بفعل استهتار ترامب!

إعداد وتحرير: أحمد قطمة


منذ بدأ انتشار الفيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية في نهاية العام 2019، نعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الفيروس بالصيني، في محاولة منه للاصطياد في المياه العكرة، عبر وصم الصينيين بالفيروس، وخلق صورة عالمية تُحمل الصينيين مسؤولية الإضرار بالبشرية، وأنهم كانوا السبب في نشر وباء قضى حتى الساعة على أكثر من 40 ألف إنسان، وأصاب قرابة 900 ألف آخرين. الفيروس الصيني أمريكياً


لكن لم تمر فترة شهرين فقط، حتى بدأت الصورة تتبدل، وبدأت الصين تتمكن بفضل سياساتها القاسية (والتي قد يختلف معها البعض حولها)، من ضبط مسار الفيروس، حتى أعلنت ووهان (بؤرة الوباء) لعدة أيام أنها لم تسجل أي إصابة به. فالفيروس الذي لا يزال مجهول المصدر، في ظل اتهامات متبادلة بين الولايات المتحدة والصين بصناعته ونشره، (وهي رواية لم يجرِ تأكيدها على أي من الجانبين)، ومتروكة لأصحاب الشأن للخوض فيها وكشف حقيقتها، لكن في جميع الحالات وأياً كان المسبب، بشرياً أم طفرة في الفيروس ذاته خارج الإرادة البشرية، يبقى أنه قاتل سريع الانتشار، وأنه يتمكن رويداً رويداً من قتل أعمار أصغر، وينتشر في مدن أوسع، وخاصة في الولايات المتحدة.


الولايات المتحدة تسجل أكبر حصيلة يومية


لم يكن الثاني من أبريل، يوماً عادياً، فقد فقدت الولايات المتحدة 884 شخصاً جراء فيروس كورونا خلال آخر 24 ساعة، ضمن أعلى حصيلة يومية تسجل في هذا البلد، وفق ما ذكرته جامعة جونز هوبكنز، والتي قالت إنّ التعداد الكلي للمصابين بالوباء الذين توفوا في الولايات المتحدة وصل لـ 4475 شخصاً، فيما بلغ إجمالي تعداد الإصابات في البلاد إلى 212 ألفاً، بعدما تأكدت في الساعات الأربع والعشرين الماضية إصابة 25 ألفاً و200 شخص إضافي بالفيروس. الفيروس الصيني أمريكياً


تلك الأرقام المهولة، تثبت لا شك أن السحر انقلب على الساحر، فالصين لم تعد مصدراً للوباء، بل إن نظامها تمكن من ضبط الفيروس وحصره خلال فترة ثلاثة أشهر تقريباً، في الوقت الذي لا تزال فيه الولايات المتحدة لم تتخذ القرارات الشجاعة التي قد تمكنها من حصر الوباء، عبر فرض حظر صحي شامل، على نمط بلاد وإدارات صغيرة أعلنته في محاولته لمنع تفشي الوباء فيها، ونجحت عملياً في الحدّ من انتشاره بفضل تلك الإجراءات، فيما لا يبدو أن الولايات المتحدة كسائر البلاد التي يتحكم فيها رأس المال بحياة ومصائر الشعوب، الشجاعة لإيقاف حركة الأرباح، ولو كان ذلك على حساب الشعب الأمريكي ذاته.


خلال شهر ونصف، من صفر إصابة إلى 200 ألف إصابة


حتى السادس والعشرين من فبراير الماضي، لم تكن الولايات المتحدة قد سجلت بعد سوى 57 حالة إصابة بكورونا، لكن ذلك الرقم لم يحتج إلا لشهر ونصف ليتضاعف مئات المرات، فيما نبه عمدة نيويورك، بيل دي بلازيو، في الثامن من مارس، من إمكانية ارتفاع تعداد الإصابات بفيروس كورونا في المدينة إلى مئات الحالات خلال الأسابيع المقبلة، وهو ما ذهب إليه مايك بينس نائب الرئيس الأمريكي في الثاني عشر من مارس، عندما توقع حدوث آلاف الإصابات بفيروس كورونا في الولايات المتحدة.


وهي تحذيرات دفعت ترامب لمحاولة إغراء شركة ألمانية تعمل على استنباط لقاح ضد فيروس كورونا المستجد، حيث أوضحت صحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية الأسبوعية في الرابع عشر من مارس، أن هناك خلافات بين ألمانيا والولايات المتحدة حول شركة ألمانية في مقاطعة توبينغن جنوبي ألمانيا، يتم العمل فيها على التوصل للقاح ضد فيروس كورونا "كوفيد 19"، وبينت أن ترامب عرض على الشركة الألمانية مبلغاً كبيراً من أجل ضمان عملها حصرياً لبلاده، مؤكدةً أن الرئيس الأمريكي يقوم بكل ذلك من أجل الحصول على اللقاح للولايات المتحدة فقط، وهو ما قابله انتقادات عالمية نتيجة الأنانية الأمريكية تجاه فيروس يقتل دون تمييز. الفيروس الصيني أمريكياً


اقرأ أيضاً: هل أبقى أردوغان رصيداً احتياطيّاً في خزانةِ تركيّا لمواجهةِ كورونا؟


وفي وقت متزامن، أقرّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في العشرين من مارس، بصعوبة التغلب على الفيروس القاتل، قائلاً: "سنكسب معركتنا ضد فيروس كورونا رغم أنه عدو صعب"، دون أن ينسى توجيه لومه للصين، بالقول: "كان على الصين إبلاغنا لحظة ظهور وباء كورونا".


لكن الصينيين لم يكونوا ليصغوا في تلك الأيام إلى حديث ترامب التهجمي، فيما كانوا يستعدون لإقرار النصر على كورونا، حيث أوضحت آخر إحصائيات الهيئة الحكومية لشؤون الصحة في الصين في الثالث والعشرين من مارس، شفاء 90% من المصابين بفيروس كورونا، وبقاء 5120 مصاباً فقط في المستشفيات لتلقي العلاج، وتابعت الهئية إنها تسجل انخفاضاً في عدد المصابين كل يوم، لافتةً إلى أن من بين 81093 شخصاً تأكدت إصابتهم بفيروس كورونا، تعافى 72702 شخص وغادروا المستشفيات.


ترامب يقاوم بإبقاء أعماله تدور!


ورغم التنامي المضطرد للفيروس في الولايات المتحدة، بقي ترامب، يقاوم مقتضيات المواجهة الحقيقة مع كورونا، فقال في الرابع والعشرين من مارس، إن القيود المفروضة جراء انتشار فيروس كورونا والتي تسببت في إغلاق مؤسسات تجارية في أماكن كثيرة بالبلاد، قد تؤدي نفسها إلى حالات انتحار أو وفيات أخرى، وذكر ضمن حديثه لقناة فوكس نيوز: "ستخسر المزيد من الناس بوضع البلد في ركود أو كساد هائلين، ستخسر أشخاصاً، سيكون لديك حالات انتحار بالآلاف".


ويبدو أن ترامب يبحث عن مبررات تسمح له بإعادة تدوير عجلة الانتاج في بلاده، رغم أنها لم تتوقف بشكل كامل كما فعلت الصين، حيث أردف: "يجب أن نعيد بلدنا للعمل، بلدنا في حاجة للعودة إلى العمل، هذا العلاج (القيود) أسوأ من المشكلة، ومرة أخرى أقول إن الناس، الكثير من الناس حسب اعتقادي سيلقون حتفهم إذا سمحنا لهذا الأمر بالاستمرار، يجب أن نعود إلى العمل، شعبنا يرغب في العودة للعمل"، ليبقى السؤال أيّ شعب هو ذاك الذي يرغب في العمل والخطر يحيط من كل حدب وصوب، سوى شعب محكوم بنظم تفضل مكاسبها المالية على أرواح أفرادها؟!


اقرأ أيضاً: إلى متى ستصمد سُلطة “القانون” أمام كورونا؟


ليثبّت ترامب تلك الفرضية بذاته، فيقول في الثلاثين من مارس، إن وفاة 200 ألف شخص في بلاده بفيروس كورونا بأنها ستكون نتيجة "جيدة" لجهود مكافحة المرض، وحاول ترامب تبرئة ساحته وتقصيره واستخفافه بالفيروس، فقال: "فكروا في هذا الرقم، 2.2 مليون شخص كان من الممكن أن يتوفوا إذا لم نفعل أي شيء، وفي حال تمكنا من تقليص هذا المؤشر حتى مستوى 200 ألف شخص كما تحدثنا عنه سابقاً، وعلى الرغم من أن هذا العدد لا يزال هائلاً، فإن ذلك سيعني أننا جميعاً قمنا بعمل جيد جداً". الفيروس الصيني أمريكياً


ومن الواضح أن الرئيس الأمريكي قد بدى مدركاً للنتائج الكارثية لسياساته وتقصيره في مواجهة الفيروس القاتل، الذي لا يُعلم إلى أين سيتجه ضمن الولايات الأمريكية، فيما يبدو أن الشعب الأمريكي هو مَن سيدفع ثمن استخفاف رئيسه بالوباء، كما فعل النظام الإيراني سابقاً، فتحولت معه إيران إلى بؤرة نشرت الفيروس في كثير من دول الشرق الأوسط، وربما هو ما سيكون المستقبل القريب للولايات المتحدة، خاصة مع ما أعلنته جامعة "جونز هوبكنز"، الأمريكية، اليوم الخميس، بأن تعداد وفيات فيروس كورونا المستجد في البلاد قد تجاوزت عتبة الـ 5 آلاف، فيما بلغت الإصابات أكثر من 212 ألفاً. ليفانت

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!