الوضع المظلم
الجمعة ١٩ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
داعش يعود.. فمَن يمتلك الرغبة في عودته؟
داعش يعود.. فمَن يمتلك الرغبة في عودته؟

 


إعداد وتحرير: أحمد قطمة


حذّر تقرير للأمم المتحدة في الثالث من فبراير الجاري، من أن تنظيم “داعش” الإرهابي استطاع تنظيم صفوفه في شكل “عصابات” وعاد بقوة للعمل في سوريا والعراق، وذلك بعد نحو 4 أشهر من تحذيرات دولية من أن التدخل التركي في شمال سوريا سيعيد الحياة للتنظيم، حيث أشارت صحيفة دير شبيغل الألمانية في تقرير لها أن “داعش كسب أرضاً جديدة في منطقة نفوذه الرئيسية، وبدأ بالفعل تأكيد وجوده في سوريا والعراق عبر تنفيذ هجمات جريئة، والدعوة لفرار المقاتلين من مراكز الاحتجاز والتخطيط لذلك، واستغلال مواطن الضعف في البيئة الأمنية في البلدين”.


وأشار إلى أجزاء من العراق، خاصة المنطقة الحدودية مع سوريا، باتت تشكل بيئة آمنة تسمح بتنقل عناصر “داعش”، مؤكداً أنه عقب فقدانه الأراضي التي سيطر عليها، أعاد التنظيم تنظيم نفسه في صورة شبكة تعمل تحت الأرض في العراق، ثم عاد بقوة في سوريا في شكل “عصابات” بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 2019، وبحسب التقرير، فإن “داعش” لا يزال يملك نحو 20 ألف مقاتل أجنبي، وآلاف المقاتلين المحليين، فضلاً عن كم كبير من الأموال.


شمال سوريا.. دول حمّلت تركيا ومسلحيها مسؤولية عودة داعش


ما توصلت له الأمم المتحدة، كان قد حذّر منها، في الحادي عشر من أكتوبر 2019، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما نبّه لاحتمال فرار إرهابيي تنظيم داعش المحتجزين في شمال شرق سوريا بسبب العملية العسكرية التركية هناك، قائلاً إنه غير متأكد مما إذا كان باستطاعة تركيا السيطرة على الموقف، وهو ما ذهب إليه الرئيس ترامب  في تغريدة له في تلك الفترة، نوّه فيها أن تركيا ستتحمل مسؤولية إبقاء أسرى تنظيم داعش في السجون، وعدم فسح المجال أمام التنظيم لإعادة تأسيس نفسه، مضيفاً أن "واشنطن تتوقع من تركيا الوفاء بالتزاماتها"، مؤكداً أن "بلاده ستراقب الأوضاع عن قرب".


إقرأ أيضاً: تركيا وروسيا.. هل صدامهما في إدلب حقيقي أم مُزيف؟


وفي السياق، أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية في الثالث عشر من أكتوبر، أن بلادها "قلقة" لفرار 800 شخص من أفراد عائلات عناصر في تنظيم داعش من مخيّم للنازحين في سوريا، داعية أنقرة مرة جديدة إلى "إنهاء تدخلها العسكري" في سوريا "بأسرع ما يمكن"، وذلك عقب أن أعلنت "الإدارة الذاتية" عن فرار الدواعش من مخيّم عين عيسى للنازحين شمال سوريا إثر سقوط قذائف قربه.


تطورات دفعت حينها وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، لإدانة الهجوم العسكري ووصفه بـ"غير المقبول"، معلناً أن واشنطن ستطلب من حلف شمال الأطلسي (ناتو) اتخاذ "إجراءات" ضد أنقرة، وقال إسبر في بيان إن "هذا التوغل غير المقبول وقوض أيضاً المهمة للقوات المتعددة الجنسيات الناجحة لهزيمة داعش في سوريا، وأدى إلى إطلاق سراح عديد من المعتقلين الخطرين في التنظيم"، محملاً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "المسؤولية الكاملة عن عواقب الهجوم، لتشمل عودة داعش المحتملة، وجرائم الحرب المحتملة، وأزمة إنسانية متنامية".


ومع تصاعد العمليات العسكرية التركية شمال سوريا، قال تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في الخامس عشر من أكتوبر، أنه في الوقت الذي تشن فيه تركيا حملة عنيفة ضد المدنيين في جميع أنحاء شمال شرق سوريا، يقوم المسلحون المدعومون منها بإطلاق سراح المعتقلين المنتمين إلى داعش، كما أكد مسؤولان أمريكيان للمجلة، لافتةً إلى أن ما أكده المسؤولون الأمريكيون يوجه صفعة كبيرة لادعاءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي اتهم فيها قوات سوريا الديمقراطية بأنها تسعى إلى إطلاق سراح الدواعش لكي لا تنسحب واشنطن من شمال سوريا.


الهجمات تصل إلى العراق


لكن الفسحة التي وجدها مسلحو التنظيم الإرهابي عقب الهجوم التركي على شمال سوريا لم تنحصر في الجانب السوري من الحدود، إذ بدأ التنظيم بشن عمليات عسكرية في الجانب العراقي من الحدود، حيث أعلنت خلية الإعلام الأمني الحكومية، في الخامس عشر من ديسمبر 2019، مقتل اثنين من عناصر الشرطة الاتحادية في محافظة كركوك شمال العراق، وهو ما تكرر في السادس من يناير 2020، عندما شنّ مسلحو تنظيم داعش، هجوماً على الجيش العراقي في داقوق قرب قرية عرب كوي بمحافظة كركوك، مما أسفر عن سقوط عدد من القتلى.


إقرأ أيضاً: مَن أوصل برلماني يوناني لتمزيق العلم التركي؟


وفي الرابع عشر من يناير، قتل ضابط في حرس الحدود العراقي، بهجوم لتنظيم داعش انطلق من سوريا، بحسب النقيب أحمد الدليمي، الضابط في شرطة الأنبار، الذي قال إن ”الهجوم كان قادمًا من سوريا باتجاه الأراضي العراقية، وتم التصدي له بعد مواجهات عنيفة استمرت لساعات، وأدت إلى مقتل ضابط برتبة نقيب في شرطة حرس الحدود، فضلاً عن مقتل عدد من عناصر داعش المهاجمين“، مشيراً إلى أن ”عناصر داعش المهاجمين انسحبوا نحو عمق الأراضي السورية".


لتدفع الهجمات على جانبي الحدود، جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي الخاص في تحالف مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، في الرابع والعشرين من يناير، للتحذير من استعادة التنظيم قدراته في سوريا والعراق، حيث ذكر جيفري، أن هناك في الدولتين ما بين 14 ألفاً إلى 18 ألف مسلح مستعدون للقتال، وأضاف جيفري أن شمال شرق سوريا يعتبر في الواقع تحت السيطرة، إلا أن الإرهابيين ينشطون جنوبي نهر الفرات، حيث ينبغي أن يكون النظام السوري مسيطراً على المنطقة، متابعاً أن هناك دلائل على أن مسلحي التنظيم يعيدون تشكيل أنفسهم في العراق أيضاً، خاصة محافظتي ديالا وكركوك، مبيناً بالقول: "نحن قلقون بشأن عدد هؤلاء المقاتلين وكيفية تنسيق مواقفهم فيما بينهم".


إرسال الدواعش إلى ليبيا


وفي الوقت الذي تصاعدت فيه الأنباء والإدانات العربية والدولية لإرسال تركيا مسلحين سوريين كمرتزقة للقتال في ليبيا إلى جانب حكومة فايز السراج، قال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في الخامس والعشرين من يناير، أن معلومات مؤكدة لديه تشير إلى أن القوات التركية تعمل على تسوية أوضاع السجناء ضمن المناطق التي سيطرت عليها مؤخراً في شرق الفرات، ومنهم سجناء متهمون بالتعامل مع النظام السوري أو التعامل سابقاً مع تنظيم داعش الإرهابي استعداداً لنقلهم إلى ليبيا.


إقرأ أيضاً: عفرين بعد عامين.. بوابةٌ فتحت أمام التوسع التركي فمتى تُغلق؟


حديث أيده القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، في الثاني من فبراير، إذ قال أن تركيا لا تزال تدعم داعش بالمال والأفراد شمال سوريا، مطالباً مجلس الأمن بحماية المكتسبات التي حققتها قواته في الحرب على الإرهاب، وذلك خلال تصريحات نقلتها صحيفة "أوزكور بوليتيكا"، أشار فيها أن تركيا استغلت تنظيم داعش الإرهابي للقضاء على القوات الكردية واتخذته ذريعة لاحتلال الأراضي السورية، وأضاف أن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو حليف لتنظيم داعش الإرهابي والمرشد الفعلي للتنظيم الإخوان".


وبالإشارة إلى التحذيرات الروسية والأمريكية والفرنسية في بداية الهجوم التركي على شمال سوريا، والتي أكدت تحميل أنقرة النتائج المستقبلية من الهجوم على مناطق كانت تعتبر آمنة إلى حد بعيد مقارنة بمناطق كثيرة في سوريا والعراق، يبدو منطقياً الإشارة إلى الدور التركي في إعادة إنتاج التنظيم، عبر توفير الفرصة لمسلحيه بالفرار من المعتقلات بداية، ومده بجرعة أمل للخلاص من القوة التي تمكنت من محاربته وإنهاء خلافته المزعومة في عاصمته "الرقة".


إقرأ أيضاً: (الكُرسي مُقابل الكُردي).. المُعادلة التي توازن علاقة دمشق وأنقرة!


وبالتالي فإن الجهة المستفيدة من إعادة إحياء داعش قد لا تكون واحدة، لكن الأحداث خلال الأشهر الخمسة المنصرمة، تبيّن مما لا شك فيه، الدور التركي في زعزعة استقرار دول عديدة، آخرها ليبيا، من خلال إرسال المسلحين إليها، وهي عملية قد لا تنحصر فيها، فيما لو نجحت في فرض وجودها شمال أفريقيا، كما فعلت ذلك سابقاً في شمال سوريا.

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!