الوضع المظلم
الجمعة ١٩ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • باكستان وطالبان.. مُساندة عسكرية قبل سقوط كابول وسياسية بعده

باكستان وطالبان.. مُساندة عسكرية قبل سقوط كابول وسياسية بعده
طالبان وباكستان ليفانت نيوز

مع توجه واشنطن للخروج من أفغانستان بموجب اتفاق موقع مع حركة طالبان في العام 2020، وبدء تطبيق ذلك الاتفاق بانسحاب تدريجي للقوات الأمريكية من المناطق الأفغانية المختلفة، توجهت الأنظار إلى دول جوار أفغانستان، ومنها باكستان، نتيجة علاقة تاريخية تربطها مع حركة طالبان.


باكستان تساند طالبان عسكرياً


فخلال المعارك التي وقعت خلال بدء تمدد طالبان في المناطق الأفغانية، ووقوع بعض الموجهات العسكرية قبل انهيار الحكومة الأفغانية منتصف أغسطس، أبدت باكستان امتعاضاً من مواجهة كابول لمتطرفي طالبان، ومنها إعلان مسؤول بارز في حكومة أفغانستان في الخامس عشر من يوليو، بأن باكستان وجهت إنذاراً إلى كابول، توعدت فيه بالرد على أي غارات جوية محتملة على مواقع حركة "طالبان" في محيط معبر حدودي رئيسي بين الدولتين.


وذكر وقتها، النائب الأول للرئيس الأفغاني عمر الله صالح على حسابه في "تويتر"، أن سلاح الجو الباكستاني حذر الجيش الأفغاني من أن أي تحركات ترمي إلى طرد "طالبان" من مديرية سبين بولدك الحدودية في ولاية قندهار جنوب البلاد سيتم "التصدي لها والرد عليها"، محملاً الجيش الباكستاني مسؤولية "تقديم إسناد جوي إلى "طالبان" في بعض المناطق"، معرباً عن استعداده آنذاك، لنشر أدلة تؤكد أن باكستان طلبت من طائرات حربية أفغانية، كانت على بعد 10 كلم عن سبين بولدك إما التراجع أو التعرض لاستهداف بصواريخ جو-جو.


اقرأ أيضاً: إلغاء الطوارئ المصرية.. إشارة للتعافي وعودة للريادة بالإقليم

وأكدت حينها، قناة "طلوع نيوز" الأفغانية صحة تلك التصريحات نقلاُ عن مصادر حكومية، مشيرة إلى أن ثلاث طائرات تابعة لسلاح الجو الأفغاني من طراز "أي-29" أقلعت لقصف مواقع "طالبان" في سبين بولدك، غير أن الجيش الباكستاني تواصل مع كابول وطلب من طائراتها عدم الاقتراب لمسافة تقل عن 18 كلم من الحدود.


وتواصل الدعم العسكري الباكستاني لحركة طالبان، على مدار الفترة التي سبقت انهيار الحكومة الأفغانية، مما دفع الأخيرة في الحادي عشر من أغسطس، أي قبل أربعة أيام من انهيارها الكامل في العاصمة كابول، لمطالبة سلطات باكستان باتخاذ إجراءات جادة ضد ملاذات مسلحي حركة "طالبان" في الأراضي الباكستانية (التي تعد مراكز آمنة لمسلحي طالبان وعائلاتهم)، وأتى في بيان أصدرته وزارة الخارجية الأفغانية وقتها، "حركة طالبان تتصرف بشكل ينتهك التزاماتها الدولية من خلال تصعيد العنف، والفشل في قطع العلاقات مع الجماعات الإرهابية الإقليمية والدولية"، مشيرةً أن "الإرهابيين يتمتعون (في باكستان) بملاذ آمن، ومن هناك غزوا أفغانستان وهاجموها باستمرار، وهم مدعومون من الإرهابيين الإقليميين".


وأكمل البيان أنه على مدى العقدين الماضيين من الزمن، كانت الحكومة الأفغانية تطالب أن "تتخذ حكومة باكستان إجراءات جادة وملموسة ضد ملاذات الإرهابيين في ذلك البلد، وقطع طرق انتقال حركة طالبان والإرهابيين المتحالفين معها".


هل تغيرت؟ ممارسات طالبان تجيب عن السؤال الشاغل

امتعاض أمريكي من باكستان


ممارسات باكستان وغض طرفها إن لم يكن تعاونها مع طالبان، جلب لإسلام آباد امتعاضاً أمريكياً، عبر عنه مايكل روبين، وهو كاتب عمود في مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، عندما اقترح في السادس عشر من أغسطس (عقب يوم من سقوط كابول)، أن تعاقب الولايات المتحدة باكستان بعد فشل مهمة واشنطن في أفغانستان.


وقال روبين: "هزيمة الولايات المتحدة أمام "طالبان" هي ذل"، مضيفاً أن هذه الهزيمة ليست ناجمة عن الإخفاقات العسكرية الأمريكية، ولكن عن سياسات واشنطن الفاسدة وقصيرة النظر.. هذه ضربة كان من الممكن تجنبها لكن بما أننا تلقيناها يجب ألا نتركها دون رد"، وتابع قائلاً: "ببساطة، حان الوقت لفرض عقوبات على باكستان"، مبرراً دعوته بإن "السبب الحقيقي لفشل كابول في الحرب لا يكمن في الفساد، ولكن في حقيقة أن إسلام آباد ساعدت "طالبان".


اقرأ أيضاً: إيران وأكذوبة الحوار مع السعودية.. تكتيك لقبول النووي ومصالحة العرب

مردفاً: "إنني مقتنع بأن ذنب باكستان واضح منذ عهد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وكذلك منظم سلسلة الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001، وقال: "الضربة الحالية لأفغانستان لم تحدث من فراغ هذه نتيجة الخداع، أقنعت إسلام آباد واشنطن، بأنها كانت تروج لمفاوضات السلام، لكنها في الواقع كانت تعد "طالبان" للاستيلاء على دولة مجاورة".


وقال: "حقيقة أن الولايات المتحدة تزود هذه الدولة الواقعة في جنوب آسيا بالمعدات العسكرية هي مفارقة يجب على إدارة بايدن أن تضع حدا لها"، مقترحاً استبعاد باكستان، من قائمة الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة خارج الناتو، ورفض قروض إسلام آباد من صندوق النقد الدولي وبنك التنمية الآسيوي والبنك الدولي وفرض عقوبات على ضباط المخابرات والجيش الباكستانيين المتورطين في دعم "طالبان" وغيرها من الجماعات الإرهابية، ووجه رسالة للرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث قال: "سيدي الرئيس اجعل باكستان تدفع".


باكستان تروّج لطالبان


بدأت باكستان عقب استيلاء طالبان على العاصمة الأفغانية في الخامس عشر من أغسطس، بمحاولة الترويج لتعويم الحركة والقبول بها بديلة عن حكومة الأفغانية المنهارة برئاسة أشرق غني، ومنها في الثالث والعشرين من أغسطس، عندما دعا وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي المجتمع الدولي للحوار مع حركة "طالبان" في أفغانستان، قائلاً إن "المجتمع الدولي يجب أن يبقى على اتصال بـ"طالبان" في أفغانستان".


بجانب الاتصال الاستخباري بين طالبن وباكستان، ومنها زيارة رئيس وكالة الاستخبارات الباكستانية  (ISI)الجنرال فايز حميد، في الرابع من سبتمبر الماضي، إلى كابول، تلبية لدعوة من حركة طالبان، وهو ما أشارت إليه وكالة "رويترز"، التي أكدت صحة الخبر نقلاً عن مصادر في كابول وإسلام آباد، ولفتت إلى أن أجندة زيارة تهدف لمساعدة "طالبان" على إعادة تشكيل القوات المسلحة الأفغانية، في ظل الاعتقاد السائد حول وجود اتصالات وثيقة بين "طالبان" وISI.


اقرأ أيضاً: الدوحة وتعويم طالبان.. التجربة الملهمة لتنظيمات الإسلام السياسي

وبالتوازي مع كل تلك المعطيات، يبدو أن الأفغان كانوا الأكثر إدراكاً للدور الباكستاني، ما دفعهم في السابع من سبتمبر، للخروج ضمن مظاهرات عديدة في العاصمة الأفغانية كابول، تنديداً بالتدخل الباكستاني، وسط إطلاق نار من مسلحي طالبان، فيما أظهرت وقتها، مقاطع الفيديو المظاهرات والحشود، وضمت نساء في صفوفها، وحمل بعض المتظاهرين لافتات تحمل شعار "تحيا المعارضة، الموت لباكستان".


بينما اتهمت صحيفة ديلي بايونير الهندية، في الثامن من سبتمبر، القوات الجوية الباكستانية بمساعدة حركة طالبان أثناء الاستيلاء على محافظة بنجشير، متحدثةً عن تزويد القوات الباكستانية، طالبان بثلاثة طيارين وأربع مقاتلات من طراز "جي إف – 7" لقصف وادي بنجشير، مشيرةً إلى أن هذه الطائرات الحربية قامت بحوالي 20 طلعة قتالية، وكتبت الصحيفة الهندية إن العسكريين الباكستانيين والقوات الخاصة شاركت أيضاً في العملية.


مساندة سياسية


تلك الاتهامات والدعوات لم تدفع باكستان للتواني عن دعمها لطالبان، بل انتقلت باكستان إلى الدعم السياسي، ومنها إعلان رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، في الثامن عشر من سبتمبر، أنه "بدأ حواراً" مع طالبان لحثهم على تشكيل حكومة شاملة تضمن السلام والاستقرار ليس فقط في أفغانستان، ولكن أيضاً في المنطقة بأسرها، زاعماً إنه يرجح أن حركة "طالبان" الأفغانية قد تغيرت "استناداً إلى التصريحات الصادرة عنها".


اقرأ أيضاً: الناتو والتصدّع.. تآكل من الداخل وصفعات من الخارج

كما طالبت باكستان قوى العالم بالإفراج عن أصول أفغانية بقيمة مليارات الدولارات، التي تم تجميدها بعد استيلاء طالبان على السلطة، كما دعا رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، في الخامس والعشرين من سبتمبر، المجتمع الدولي إلى دعم حكومة طالبان، بذريعة منع حدوث أزمة إنسانية في البلاد، وأخيراً، وصل وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي إلى كابول، في الواحد والعشرين من أكتوبر الماضي، ضمن أول زيارة له إلى أفغانستان منذ استيلاء "طالبان" على البلاد، حيث زعمت الخارجية الباكستانية، إن قريشي سيركز في محادثاته على سبل ووسائل تعميق التعاون في مختلف المجالات.


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!