الوضع المظلم
الأربعاء ٢٤ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • المصالحة المحتملة بين الرياض وقطر.. شروط ضرورية لـإنهاء الخلاف

المصالحة المحتملة بين الرياض وقطر.. شروط ضرورية لـإنهاء الخلاف
حديث المصالحة وانتهازيّة الإخوان تتصادم وثوابت الدولة المصرية

بدت زيارة جاريد كوشنير، مستشار الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، نحو قطر والسعودية لافتة؛ وذلك مرة على مستوى  السياق الزمني والتوقيت،  كونه في الأسابيه الأخيرة لإدارة ترامب، ومرة أخرى، على مستوى الدلالة السياسية، نظراً لاستهدافها الجغرافيا السياسية لإيران في منطقة الخليج العربي، فضلاً عن أنها تعكس إصرار ذات الإدارة على حلحلة الجدار السميك الذي تقع داخله العلاقات بين الدوحة وطهران، والتي أقيمت قواعده، تكتيكياً، على هامش قرار المقاطعة العربية الخليجية قبل نحو ثلاثة أعوام.


 


 تزامنت تلك الزيارة الأخيرة لمستشار ترامب موضوعياً مع العملية النوعية التي استهدفت العالم النووي الايراني محسن فخري زادة، أحد قيادات الحرس الثوري الإيراني، وذلك عبر تفجير سيارته في طهران، وهو الأمر الذي تبدو معه طهران غير قادرة على حماية قادتها؛ ما يعكس اهتزاز صورتها التي تحاول تصديرها، والتي تحرص على الظهور بها وسط مواطنيها  الأمر الذي يفاقم من وضعها السلبي، محلياً وخارجياً، لاسيما بعد العملية النوعية التي استهدفت الجنرال  قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، مطلع العام الحالي.


 


تتفق تحركات كوشنير مع التصريحات الصحفية التي صاغتها وسائل الإعلام الأمريكية، في الفترة الاخيرة، ومن بينها التصريح الذي صدر من قبل روبرت أوبراين  مستشار الأمن القومي الامريكي، على هامش منتدى الأمن العالمي، وقال فيه إن رفع الحصار المفروض من دول خليجية على قطر في العام 2017، يعتبر من اولويات الإدارة الامريكية خلال أيامها الأخيرة، معتبراً ـن ذلك يحقق التوازن في مواجهة ايران.


 


تستثمر طهران من عملية منع المملكة العربية السعودية مرور الطائرات القطرية فوق أراضيها، وتسمح للأخيرة بالعبور فوق مجالها الجوي مقابل مائة مليون دولار،  الأمر الذي ترغب واشنطن في منع ايران من الاستفادة منه، حتى يتسنى لها مواصلة استثمار سياسة الضغط القصوى، كما أنها تتحرك نحو وضع إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن في موقف لا يسمح له بالجلوس مع إيران، لجهة عودة الاتفاق النووي، أو صياغة نسخة جديدة، وربما معدلة منه .


 


تدفع تلك السياقات الإقليمية، من جهة، والأمريكية، من جهة أخرى، نحو قراءة زيارة مستشار ترامب في ذات الإطار الذي خرجت من خلاله بيانات وزارة الخارجية الكويتية والسعودية حول الاقتراب من تجاوز الخلاف مع قطر؛ حيث جاء بيان وزير الخارجية الكويتي الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح ليكشف عن مباحثات وصفها بـ"مثمرة" في إطار المصالحة الخليجية.


 


وقال الشيخ الدكتور أحمد الناصر، في بيان، ألقاه عبر تلفزيون الكويت، إنه في إطار جهود المصالحة التي سبق أن قادها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله، واستمراراً للجهود التي يبذلها حالياً الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، والرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة لحل الأزمة، فقد جرت مباحثات مثمرة خلال الفترة الماضية.


 


وأوضح أن جميع الأطراف أكدوا على حرصهم بخصوص التضامن والاستقرار الخليجي والعربي، وعلى الوصول إلى اتفاق نهائي يحقق "ما تصبو إليه من تضامن دائم بين دولهم وتحقيق ما فيه خير شعوبهم". ومن جهته قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في تغريدة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "ننظر ببالغ التقدير إلى جهود دولة الكويت الشقيقة لتقريب وجهات النظر حيال الأزمة الخليجية، ونشكر المساعي الأمريكية في هذا الخصوص، ونتطلع إلى أن تتكلل بالنجاح لما فيه مصلحة وخير المنطقة".


 


كما أضاف وزير الخارجية السعودي قائلاً: "حققنا تقدماً كبيراً تجاه حل الأزمة الخليجية، في الأيام الأخيرة، واقتربنا من التوصل لاتفاق بين جميع دول الخلاف".


وعليه، وصف وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، بيان الخارجية الكويتية، بأنه "خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية".


بيد أن ثمة مؤشرات عديدة تفصح عن وقوع المصالحة المحتملة بين الرياض وقطر، دون مشاركة القاهرة وأبوظبي، حتى الآن؛ وفي ذلك نجد من الاهمية بمكان قراءة تصريح السفير الاماراتي، في واشنطن، خلال مشاركته لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي؛ إذ قدر العتيبة أن مسألة انفراج العلاقات مع الدوحة ليست بالوشيكة وأرجع ذلك لغياب المراجعة الحقيقية والواقعية لجملة المواقف التي شيد من خلالها قرار المقاطعة، ومن أهمها تحالفات قطر في سياستها الخارجية مع كل من تركيا وإيران، ودعمها لتنظيمات الإسلام السياسي، فضلاً عن السياسة الاعلامية لقنواتها ومنصاتها الدعائية التي تخالف مصالح وسياسات وأمن المنطقة العربية.


 


ثمة غيوم تحيط بأجواء المصالحة مع قطر، خاصة، ما يتصل منها بموقف أبو ظبي والقاهرة؛ إذ يبدو أن موقفهما لا يتسق بالكلية مع موقف الرياض الذي يشتبك موقفها الإقليمي مع تعقيدات الأزمة والصراع في اليمن، ومدى ثقل تبعاته الأمنية على المنشات الحيوية السعودية،  وكذا التأويلات التي تستقر عند نية إدارة ترامب بخصوص القيام بعملية نوعية ضد طهران. وفي هذه الحالة نستطيع أن نرجح قيام طهران بالاعتماد على أحد وكلائها سواء في اليمن أو لبنان، بغية تنفيذ عملية انتقامية كرد فعل، يستهدف رفع منسوب المخاطر الامنية ضد الرياض تحديداً.


 


ربما، من الضروري مراجعة قطر للنقاط الخلافية التي استقرت عندها قرار المقاطعة. ويبدو غير واضح، حتى اللحظة، أن الدوحة تفعل ذلك، أو تراجع سياساتها الخارجية، وكذا درجة علاقاتها المتنامية مع أنقرة، وقد تحولت الدوحة لثاني أكبر مستثمر في تركيا، ناهيك عن الاتفاقيات الدفاعية والأمنية والعسكرية الاستراتيجية بينهما، لاسيما في ظل وجود قاعدة عسكرية لأنقرة بالدوحة.


 


ومن الصعوبة بمكان تصور مماثلة موقف الرياض تجاه تحالف الدوحة/ أنقرة بموقف كل من ابوظبي والقاهرة؛ إذ إن الأخيرتين يتشكل موقفهما الاستراتيجي مع تركيا على خلاف متجذر، وذلك عبر عدد من الملفات الساخنة التي يتقاطع عدد لافت منها حول دعم الرئيس التركي لتنظيمات الاسلام السياسي، وتمويل تحركاته بشكل مباشر الأمر الذي تراه مصر والأمارات خلافاً هيكلياً يصعب معه تحقيق التقارب فيما بينهما.


 


على خلفية ذلك، يبدو أن تطابق مواقف دول المقاطعة بخصوص توجهها نحو المصالحة مع قطر غير واضح في الأفق المنظور. وإذا ما تم بلورة أي اطروحات نحو ذلك، ستضحى منفردة فيما بين الرياض والدوحة؛ وذلك على مستوى بعض النقاط المحددة التي تسمح بتحقيق الرؤى المرحلية المؤقتة، التي تحتاج اليها الرياض خلال تلك الفترة.


ليفانت _ رامي شفيق

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!